المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

325

حتّى عن الثواب والعقاب والإحساس بالحياة البرزخيّة وقع التعارض بين الطائفتين.

وهناك ما يمكن أن يفترض شاهد جمع بين الطائفتين من قبيل صحيح ضريس الكناسي عن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) قال: «قلت له: جعلت فداك، ما حال الموحّدين المقرّين بنبوّة محمّد(صلى الله عليه وآله) من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال: أمّا هؤلاء فإنّهم في حفرهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنّه يخدّ له خدّاً إلى الجنّة التي خلقها الله بالمغرب، فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتّى يلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيّئاته، فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار، فهؤلاء الموقوفون لأمر الله. قال: وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم، وأمّا النصّاب من أهل القبلة فإنّه يخدّ لهم خدّاً إلى النار التي خلقها الله في المشرق، فيدخل عليهم اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة، ثُمّ بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم»(1).

فلعلّ هذه الرواية تشهد على أنّ الذين عبّرت عنهم بتعبير: «فهؤلاء الموقوفون لأمر الله» هم اُولئك الذين عبّرت عنهم الروايات السابقة بتعبير: «يلهى عنهم»، فليس المقصود بالإلهاء عنهم نفي إحساسهم بالحالة البرزخيّة نهائيّاً، بل المقصود هو تركهم من دون سؤال من ناحية، ومن دون إخراج الروح من القبر إلى جنّة البرزخ أو نار البرزخ من ناحية اُخرى، بل يدخل عليهم روح في حفرتهم من جنّة البرزخ ويُتركون هكذا إلى يوم القيامة، ثُمّ يحاسَبون هناك بحسابهم، فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار.

 


(1) البحار 6: 286، باب جنّة الدنيا ونارها، الحديث 7 نقلاً عن تفسير عليّ بن إبراهيم، وانظر البحار 6: 289، نفس الباب، الحديث 14 نقلاً عن الكافي، وانظر أيضاً الكافي 3: 247، باب جنّة الدنيا من كتاب الجنائز، الحديث 1.