المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

324

المقصود بالموتين موتنا في آخر حياة الدنيا وموتنا لدى النفخة الاُولى، وأنّ المقصود بالحياتين حياتنا في الدنيا وبعثنا لدى النفخة الثانية، فهذه الآية أيضاً داعمة لفكرة السبات بين النفختين.

أقول: فالمقصود بالآيات التي تحكي عن لسان الكفّار في يوم البعث: أنّهم ما لبثوا إلّا ساعة أو زمناً يسيراً ليست هي الإشارة إلى عالم البرزخ كي ينافي الثواب والعقاب البرزخيين الثابتين بآيات اُخرى، بل هي الإشارة إلى السبات الواقع بين النفختين.

وبهذا يتضح معنىً معقول للاستثناء الوارد في الآية الكريمة عن الصعق؛ حيث قالت: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء اللَّه﴾، وتوضيح الكلام في ذلك يبدأ بسؤال عن هذا الاستثناء حيث يقال: كيف يستثنى بعض من الموت؟ أفليس الموت ثابتاً للكلّ؟ ومن هنا جاء الجواب في بعض التفاسير بأنّ هذا استثناء لبعض الملائكة الذين يتأخّر موتهم عن المرّة الاُولى لنفخ الصور كإسرافيل صاحب الصور أو كملك الموت قابض الأرواح. أمّا بناءً على التفسير الذي قلناه فلا حاجة إلى أصل هذا السؤال؛ لأنّ من لا يصعق يمكن أن يكون من أرواح عالم البرزخ التي ماتت قبلاً، فليس هذا استثناءً من الموت، ويؤيّد ذلك ما ورد من تفسير المستثنون بالشهداء الذين قتلوا في سبيل الله(1).

وهنا نرجع إلى ما كنّا فيه من انقسام الروايات إلى قسمين:

فمنها ما قد يستظهر منه عموم الإحساس بالحياة البرزخية لجميع الأموات.

ومنها ما يستفاد منه اختصاص السؤال في القبر بمن محض الإيمان محضاً ومن محض الكفر محضاً والآخرون يلهى عنهم، فلو فسّر الإلهاء بالإلهاء


(1) كنز الدقائق 11: 335 نقلاً عن مجمع البيان.