المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

322

فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * فَيَوْمَئِذ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُون﴾(1).

فهذه الآيات كلّها واضحة في أنّهم كانوا في سبات، ولم يحسّوا بثقل العقاب وبمرور الزمان، أي أنّهم كانوا قبل ذلك في حالة من قبيل حالة الذي أماته الله مئة عام ثُمّ أحياه، أو من قبيل حالة أصحاب الكهف في منامهم؛ إذ ورد نظير هذا التعبير في هاتين القصّتين:

ففي القصّة الاُولى قال الله تعالى: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَة وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِـي هَـذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَام ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَام...﴾(2). فهذا طبعاً لم يكن المفروض به أن يمرّ بالإحساس بالحياة البرزخية، ولم يحسّ بشيء؛ لأنّه كان في سبات فقال: ﴿لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم﴾.

وفي القصّة الثانية قال الله تعالى: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً * وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْم قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ...* وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِئَة سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً﴾(3). فهؤلاء كانوا في سبات النوم؛ ولهذا لم يحسّوا بالزمان. فالذي يبدو أنّ عالم البرزخ أيضا تكون له في الغالب هكذا حالة، فيقول الكافرون في يوم القيامة: لم نلبث إلّا يوماً أو ساعة أو عشرة أيّام.

إلّا أنّ الظاهر هو أنّ تفسير هذه الآيات الراجعة إلى عالم البعث بهذا النحو غير صحيح؛ لأنّها تنظر إلى الكفّار والمجرمين، ومتيقّنها هم الذين محضوا الكفر


(1) س 30 الروم، الآية: 55 ـ 57.

(2) س 2 البقرة، الآية: 259.

(3) س 18 الكهف، الآية: 11 ـ 12 و 19 و 25.