المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

318

البرزخ؛ بدليل أنّها فصّلت بالأخير بين عذاب القيامة والعذاب الأوّل حيث قالت: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب﴾.

ويبدو من الآية المباركة أنّ عذاب البرزخ أهون من عذاب القيامة لشاهدين:

أحدهما: ذيل الآية وهو قوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب﴾.

ثانيهما: تخصيص عرضهم على النار في البرزخ بالغدوّ والعشيّ مع إطلاق إدخالهم العذاب يوم تقوم الساعة.

وقد يشهد لذلك أيضاً كلمة العرض، فكأنّهم لا يدخلون النار حتّى في الغدوّ والعشي وإنّما يُعرَضون عليها.

إلّا أنّ الذي يبدو لي أنّ العرض هنا من قبيل قولهم: عرضهم على السيف، بمعنى قتلهم بالسيف لا بمعنى مجرد إراءتهم إيّاه. ويشهد لهذا التفسير قوله سبحانه وتعالى: ﴿مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً﴾(1)، فإنّ حمله على الإخبار عن المستقبل المحقّق الوقوع خلاف الظاهر، فيبدو أنّ عالم البرزخ ليس مجرد عالم إراءة الاُمور بل فيه جنّة حقيقية ورزق حقيقي ونار حقيقية، وهذا يؤيد احتمال أنّ النفس البشرية ترتبط في البرزخ ببدن برزخي وبمستوى رقيق من مستويات المادّة، والله أعلم بحقيقة الحال.

2 ـ ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُون﴾(2)، فالذي يظهر لنا من هذه الآية المباركة أنّ عذاب الهون يكون بعد إخراج الأنفس مباشرة والملائكة يبشّرون الظالم به في


(1) س 71 نوح، الآية: 25.

(2) س 6 الأنعام، الآية: 93.