المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

317

مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُم مُّهْتَدُونَ * وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلاَ يُنقِذُونِ * إِنِّي إِذاً لَّفِي ضَلاَل مُّبِين * إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ * وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُند مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ * إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُون﴾(1). وبالرغم من أنّ محلّ الشاهد هو قوله تعالى: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِين﴾ لكنني وجدت نفسي مضطرّاً لنقل هذا المقطع بكامله؛ كي تتّضح صراحة الآية في المطلوب. والقصّة التي تشير إليها هذه الآيات حسب ما هو المشهور لدى المفسّرين هي قصة رجل يسمّى حبيب النجّار، والدليل على أنّ قوله: ﴿قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ...﴾راجع إلى ما بعد استشهاده لدى تكذيب قومه إيّاه، وبلحاظ ما بعد موته مباشرة وليس بلحاظ عالم القيامة، هو قوله تعالى بعد إخباره عن دخوله الجنّة: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُند ...﴾، فإنّ هذا واضح في ارتباطه بالدنيا وبعد موته، فكأنّ الله تعالى يقول بعد أن استشهد الرجل: لم نكن بحاجة في إهلاك قومه إلى إنزال جند من السماء تهلكهم، ولم يكن من عادتنا ذلك، بل كفتهم صيحة واحدة لإهلاكهم وإخمادهم فكأنّهم لم يكونوا. إذن فهذا صريح في أنّ الأمر يخصّ ما بعد استشهاد الرجل ولا يرجع إلى يوم القيامة، فالآية إخبار عن دخوله الجنّة فور استشهاده، وهذا لا يكون إلّا عبارة عن جنّة البرزخ.

وأمّا ما دلّ من الكتاب على العقاب فمن قبيل الآيات التالية:

1 ـ ﴿وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَاب﴾(2). فهذه الآية صريحة في عذاب


(1) س 36 يس، الآية: 20 ـ 29.

(2) س 40 غافر، الآية: 45 ـ 46.