المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

316

 

مصير النفس في البرزخ بين الموت والبعث

 

لا سبيل لنا إلى فهم مصير النفس البشريّة المجرّدة عن الجسم والباقية بعد موته ـ كما تقدّم البحث عن ذلك ـ إلّا بالأدلّة النقلية من الكتاب والسنّة، والمستفاد منها اُمور:

 

1 ـ الثواب والعقاب البرزخيّان

 

صرّح الكتاب الكريم في بعض أقسام الأموات بالمجازاة البرزخية لهم ثواباً أو عقاباً:

أمّا ما دلّ من الكتاب على الثواب فمن قبيل الآيات التالية:

1 ـ ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَة مِّنَ اللّهِ وَفَضْل وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِين﴾(1). فهذه الآية صريحة بشأن الشهداء بتمتّعهم بثواب الله وفضله في عالم البرزخ، وبالرزق الذي يحتمل فيه أن يكون معنوياً بحتاً منسجماً مع تجرّد النفس الذي دلّنا عليه العقل كما مضى، ويحتمل فيه أن يكون له حظّ بسيط شفّاف من المادّية بأن يفترض أنّ النفس تحلّ في عالم البرزخ ببدن مثاليّ وقالب لطيف مشابه لقالب البدن في هذه الدنيا، والله أعلم بالحقيقة.

2 ـ ﴿وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا


(1) س 3 آل عمران، الآية: 169 ـ 171.