المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

314

2 ـ ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الاَْرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار﴾(1).

ومن الطريف في هذه الآية المباركة أنّها متصلة بآية الدليل الأوّل، أعني لزوم العبث في خلق الدنيا، حيث وردت الآية هكذا: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الاَْرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّار﴾(2).

3 ـ﴿أمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ * وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون﴾(3).

وهذه الآية أيضا كما ترى جمعت بين لفت النظر إلى نكتة العدل والجزاء، ولفته إلى أنّه لولا ذلك لما كان خلق السماوات والأرض بالحقّ، بل كان باطلاً وعبثاً.

وهناك اعتبار عقليّ آخر يؤيّد فكرة وجود محكمة العدل الإلهية في يوم القيامة، وهو: أنّنا نرى هنا أنّه لم يُترك كلّ إنسان إلّا وزوّد بمحكمة إلهيّة بين جنبيه، تحكم وتقضي له وعليه بنور الله عزّ وجلّ، ألا وهو الوجدان، اللهمّ إلّا المجرمين الذين أطفؤوا نور وجدانهم بأيديهم بكثرة الإجرام، فكيف يترك هذا العالم المليء بالظلم والطغيان من ناحية، وبالتضحية والفداء والإيثار من ناحية اُخرى، من دون محكمة إلهيّة لا تقبل الخطأ ولا الدجل ولا تدع شكّاً في النفس


(1) س 38 ص، الآية: 28.

(2) س 38 ص، الآية: 27 ـ 28.

(3) س 45 الجاثية، الآية: 21 ـ 22.