المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

313

الخسيسين. أضف إلى ذلك أنّ خلف الوعد القطعي القرآني بمكافأة المؤمنين والمطيعين يقبح عليه تعالى، فيعتبر لوناً من مخالفة العدل.

ثانيهما: إنّ خلق الله جلّ جلاله للعالم وللبشر وللحياة ـ بكلّ ما تزخر بها من أنواع القدرة والاختيار اللذين قامت عليهما مختلف مصاديق العدل والظلم ـ استلزم وقوع الظلم والطغيان من قبل الطغاة على المظلومين من دون حدّ. وها نحن نشهد هذه الأيام الاستكبار العالمي الذي أثبت بظلمه لأفغانستان ولفلسطين وللعراق وغيرها فقدانه لأقلّ ذرّة من الوجدان والإنسانية، فهل يبقى ذلك بدون تدارك من قبل الحَكَم العدل؟! بل حتّى المصائب والمحن والآلام التي لا تطاق ممّا يقع على بعض الناس من جرّاء الطبيعة والحياة والأسباب التكوينية، لا نحتمل بشأنه تعالى تركها دون مكافأة فضلا عن ألوان الظلم والطغيان، وعالمنا هذا يضيق عن كلّ هذه المكافآت فلابدّ من عالم آخر يستحيل الوصول إليه لو كان الموت فناءً للنفس؛ وذلك لاستحالة إعادة المعدوم.

ونكتة العدل هذه قد أصرّ القرآن الكريم على الإشارة إليها في عديد من الموارد بشكل محرّك للوجدان البشري، وموقظ إيّاه من السبات نحو قوله تعالى:

1 ـ ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾(1) علماً بأنّ الآية وردت من بعد الإشارة إلى عذاب الآخرة ونعيمها بقوله تعالى: ﴿وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِين...﴾.

 


(1) س 68 القلم، الآية: 35 ـ 36.