المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

230

خطب الناس في مسجد الخيف فقال: نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلّغها مَن لم يسمعها... المسلمون إخوة تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمّتهم أدناهم»(1).

وفي نقل آخر: «المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم، وهم يدٌ على مَن سواهم، يسعى بذمّتهم أدناهم»(2)، ومعنى سعي أدناهم بذمّتهم أنّ الأمان المعطى من قبل أدناهم يجب تنفيذه حتّى على أعلاهم، كما أنّ العالي والداني يتكافأ دمهما، فيقتل العالي وهو في أعلى مستوى اجتماعي بأدناهم نسباً وحسباً. فهل يتصوّر إمكان إدراك المجتمعات الغربيّة لهذا المستوى الأخلاقي في حين أنّ من أبرز مشاكلهم هو التمييز العنصري بين البيض والسود، وكأنّما الأسود عندهم في مرتبة نازلة من البشريّة ومتوسطة بين الإنسان والحيوان، بل أقلّ من الحيوان؛ لأنّهم لا يحترمون الأسود بقدر ما يحترمون الكلب؟

 

الثالث ـ التوبة :

أفترى مخلوقاً غير متربّ بتربية القرآن يعفو عن مجرم ارتكب بحقّه شتّى ألوان الظلم والطغيان والإجرام على طول حياته، ثمّ تاب وطلب منه العفو في آخر لحظة؟!

ولكنّك ترى القرآن وهو يخاطب المذنبين ـ حتّى مرتكبي الكبائر ومضيّعي أعمارهم بالانهماك في المعاصي ـ بتعبير عاطفي بليغ لو لم يكن يمتلك إلّا حلاوة عطفه على عدوّه الذي أراد التوبة لكفاه عظمةً وجمالاً، وها هو قوله


(1) وسائل الشيعة 29: 75 ـ 76، الباب 31 من أبواب القصاص في النفس، الحديث 2.

(2) المصدر السابق، الحديث 3.