المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

224

الدنيا والصراع من أجلها ممّا سبّب التعارض والتسابب والتقاتل وسائر أنواع الظلم والاضطهاد والحيف وما إلى ذلك.

وقدّم العالَم حلّين نظريّين لهذه المشكلة التي هي اُمّ المشاكل المادّيّة، ولا ثالث لهما:

أحدهما: نزع حبّ الذات بالتدريج من النفس البشريّة، وتبديله بحبّ المجتمع عن طريق تطبيق نُظُم الاشتراكيّة إلى أن ينتهي الأمر إلى الشيوعيّة.

وهذا الحلّ لايمكن تطبيقه لتعارضه مع أمر ذاتيّ يستحيل نزعه من البشريّة، وهو حبّ الذات.

وكان على رأس أصحاب هذه النظريّة المعسكر الاشتراكي الذي كان مسيطراً على إحدى القوّتين المتنافستين للهيمنة على العالم الثالث، وقد انهار في زماننا شرّ انهيار، وليس ذلك إلّا لكون نظريتهم خياليّة بحتاً لا تقبل التطبيق.

ثانيهما: عكس الأوّل تماماً، وهو نظريّة إعطاء الحرّيات الأربع ـ الحرّية السياسيّة والاقتصاديّة والفكريّة والشخصيّة ـ بأقصى ما يمكن.

وهذه هي النظريّة التي أخذ بها المعسكر الآخر في العالم في مقابل المعسكر الاشتراكي وهو المعسكر الرأسمالي، وكانت نتيجتها تصاعد التنافس المحموم في العالم على أثر الحرّيات المفروضة ممّا أدّى إلى تعقّد مشكلة البشريّة بأقصى ما يمكن أن يكون.

أمّا العلاج المطروح من قبل القرآن أو الاسلام فهو عبارة عن تضافر أمرين:

الأوّل: دلالة الإنسان على عدم انحصار النعم والملاذّ المادّيّة ـ من المأكولات والمشروبات والمنكوحات وما إلى ذلك ـ التي هي أقرب إلى نفس الإنسان الساذج والبسيط بالنعم المحدودة في الدنيا، وأنّ هناك أمثالها بل أعلى منها بمراتب لا تحصى في العالم الآخر، والتنافس الظالم في هذا العالم يمنع عن