المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

211

المباركة وتحقّق الأمر في العام المقبل(1).

بقي الكلام في ذيل الآية المباركة وهو قوله: ﴿فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً﴾ فقد ذُكر لذلك تفسيران:

أحدهما: إنّ المقصود بذلك نفس صلح الحديبيّة، وقد يدلّ على ذلك قوله تعالى في أوّل السورة:﴿اِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً * وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً * هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾(2)، فإنّ أغلب الظنّ أنّ المقصود بالفتح المبين هو صلح الحديبيّة لا فتح مكّة ولا فتح خيبر؛ بدليل كون الآية ضمن آيات الحديبيّة، والتعبير بــ ﴿فَتَحْنَا﴾ تعبير بفعل ماض ظاهر في تحقّق الفتح، ولم يكن في أيّام الحديبيّة فتح غير صلح الحديبيّة. وقد نقل عن تفسير جوامع الجامع: أنّه حينما نزلت سورة الفتح عند الرجوع من الحديبيّة إلى المدينة قال أحدهم: ما هذا الفتح؟ لقد صددنا عن البيت وصدّ هدينا، فقال(صلى الله عليه وآله): بئس الكلام هذا، بل هو أعظم الفتوح، قد رضي المشركون أن يدفعوكم عن بلادهم بالراع، ويسألوكم القضيّة ورغبوا إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا(3).

وقد يقال: ما معنى عدّ الصلح فتحاً؟

والجواب: أنّ هذا الصلح أوّلاً لم يكن بإصرار المسلمين بل أصبح مطلباً للمشركين فأعطى ذلك اُبّهة للإسلام؛ لأنّ المشركين خافوا سطوتهم ونزلوا إلى


(1) راجع لتفصيل القصّة البحار 20، باب غزوة الحديبيّة وبيعة الرضوان، وكذلك باقي كتب السيرة المفصّلة.

(2) س 48 الفتح، الآية: 1 ـ 4.

(3) تفسير نمونه 22: 16 نقلاً عن تفسير جوامع الجامع.