المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

208

مكانها. فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): وما هذا لها عادة ولكن حبسها حابس الفيل. ودعا عمر بن الخطّاب ليرسله إلى مكّة ليأذنوا له بأن يدخل مكّة ويحلّ من عمرته وينحر هديه، فقال: يا رسول الله ما لي بها من حميم، وإنّي أخاف قريشاً لشدّة عداوتي إيّاها، ولكن أدلّك على رجل هو أعزّ بها منّي وهو عثمان بن عفّان. فقال: صدقت. فدعا رسول الله(صلى الله عليه وآله)عثمان، فأرسل إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنّه لم يأت لحرب وإنّما جاء زائراً لهذا البيت معظّماً لحرمته، فخرج عثمان إلى مكّة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص ـ حين دخل مكّة أو قبل أن يدخلها ـ فحمله بين يديه، ثمّ أجاره حتّى بلّغ رسالة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله(صلى الله عليه وآله)والمسلمين أنّ عثمان قد قتل، فقال(صلى الله عليه وآله): لا نبرح حتّى نناجز القوم. فدعا الناس إلى البيعة فقام رسول الله(صلى الله عليه وآله)إلى الشجرة فاستند إليها، وبايع الناس على أن يقاتلوا المشركين ولا يفرّوا.

ونزل(صلى الله عليه وآله) بأقصى الحديبيّة على ثمد قليل الماء، فشكوا إليه العطش، فانتزع رسول الله(صلى الله عليه وآله) سهماً من كنانته ثمّ أمرهم أن يجعلوه في الماء، فو الله مازال يجيش لهم بالريّ حتّى صدروا عنه، وبعد ذلك جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة وأخبره بتهيّؤ قريش للقتال، فقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): نحن لم نجئ لنقاتل أحداً ولكنّنا جئنا معتمرين. وعرض(صلى الله عليه وآله) عليه فكرة الصلح وإيقاف الحرب لمدّة بين المسلمين والمشركين، وإعطاءه حرّية تبليغ الرسالة مع كونهم في أمان من المسلمين وكون المسلمين في أمان منهم، فقال بديل: ساُبلّغهم ما تقول. فرجع إلى قريش وأخبرهم بكلام رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقام عروة بن مسعود الثقفي وقال: إنّه قد عرض عليكم خطّة رشد فاقبلوها ودعوني آته. فأتى النبيّ(صلى الله عليه وآله) وضمن حواره معه(صلى الله عليه وآله) جعل يرمق صحابته(صلى الله عليه وآله)، فإذا أمرهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ابتدروا أمره، وإذا توضّأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلّموا