المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

205

10 ـ عظمة ودقّة صنع البنان:

قال الله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الاِْنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَه﴾(1). هذه الآية المباركة تبدأ بالاستنكار على من لا يستطيع التصديق بقدرة الله سبحانه على جمع عظام الميّت ونفخ الروح فيه مرّة اُخرى، وتنتهي بالإشارة إلى قدرته عزّ وجلّ على صنع أدقّ عضو من أعضاء الإنسان وإرجاعه إلى الخلق الأوّل، فعلى خلاف ما قد يبدو في تصوّر ساذج من أنّ العظام الكبيرة العظيمة التي تتقوّم بها البُنية الأصليّة من الجسد هي أعظم ما يكون في صنع البشر، يقول الله تعالى: لا تستغرب من إرجاع العظام إلى ما كانت عليه في الخلق الأوّل، فهنا ما يكون أعظم وأغرب في الصنع وأدقّ في التسوية والترتيب، والله تعالى يُرجعها ويُرجع العظام وباقي الأعضاء كما كانت، ألا وهي البنان.

فمن الذي كان يعرف أنّ البنان من أغرب ما في جسم البشر وأعظمها وأدقّها قبل أن يكتشف العلم خطوط البنان التي لو قيس فيها بنان شخص ببنان شخص آخر مع الجمع بين الأوّلين والآخرين من البشر من أوّل العالم وإلى يوم القيامة فلن يوجد بنانان متساويان لشخصين في تلك الخطوط؟ ولهذا أصبحت البصمة في عالم القضاء والحكم في زماننا هذا أمتن توقيع متميّز فوق الختم والإمضاء، فكلّ شيء يقبل التزوير والتصنيع ما عدا بصمة البنان، وأصبح تشخيص المجرم عن طريق آثار البنان ـ التي تبقى على الأبواب أو الأقفال أو الحيطان أو الأسلحة أو ما إلى ذلك ـ فنّاً رائعاً من فنون هذا العصر، نعم يقول الله تبارك وتعالى: ﴿بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَه﴾.

 


(1) س 75 القيامة، الآية: 3 ـ 4.