المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

202

من تلك الأشعة يحرق البدن، وامتصاص الغلاف الجوّي للزائد منها هو الذي ينجينا من الهلاك.

وكذلك يحفظنا هذا السقف المحفوظ أو قل: هذا الغلاف الجوّي من الأشعة التي تنزل إلينا من فوق المنظومة الشمسيّة بواسطة ما فيه من غاز أزرق يسمّى بالاُوزون. وقد شاعت في هذه الأيّام مخاوف العلماء من حدوث رقّة في طبقة الاُوزون نتيجة تصاعد بعض الغازات الأرضيّة الناشئة من احتراق الوقود وغيره.

وإطلاق كلمة السماء في هذه الآية المباركة على ما يسمّى اليوم بالغلاف الجوّي ليس غريباً؛ فإنّ كلمة السماء يبدو أنّها استعملت يقينا في هذا المعنى في عديد من الآيات، من قبيل آيات إنزال ماء المطر من السماء كقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ﴾(1).

وقل لي بالله عليك أنّ الرجل الاُمّي ـ أرواحنا له الفداء ـ كيف عرف الفرق بين الهواء المتواجد لدينا في مرافق أرضنا، والهواء الفوقاني من ناحية أنّ الهواء المتواجد لدينا مضغوط وفيه من الاُكسيجن ما يكفي للتنفّس بكلّ راحة، في حين أنّنا كلّما نصعد في الهواء ونقترب أكثر من ذاك السقف المحفوظ أو طبقات الغلاف الجوّي يرقّ الهواء أكثر ويقلّ فيه عنصر الاُكسجين، فيضيق التنفّس في الصدر إلى أن ينعدم، فورد في القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿ فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُون﴾(2).

إنّ هذه حقيقة لم تنكشف للعلم إلّا بعد قرون متمادية، فترى اليوم أنّ


(1) س 2 البقرة، الآية: 22.

(2) س 6 الأنعام، الآية: 125.