المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

198

والمشاحنة والقتال والغارات أنّ الجنين يمرّ أوّلاً بمرحلة النطفة في الرحم، ثُمّ يصل إلى مرحلة الدم المنجمد، ثمّ يرتقي إلى مرحلة ما يشبه اللحم الممضوغ، ثمّ يتحوّل إلى الخلايا العظميّة، ثمّ تكسى العظام باللحم إلى أن ينتهي الأمر إلى نفخ الروح؟ فتبارك الله أحسن الخالقين. وهل أنّ أدوات التصوير التي شاعت اليوم عن مراحل الجنين كانت شائعة وقتئذ؟ أم الدراسات الممكنة اليوم لما في داخل البدن بجزيئاته بوسائل التلفزة الواضحة كانت تحت يد الرسول(صلى الله عليه وآله)يومئذ؟ أم هل كان قد راج آنذاك ما يسمّى اليوم بعلم تشريح الجنين؟ أوَ ليس كلّ هذا تعليماً ربّانيّاً من قبل إله حكيم عليم محيط بكلّ شيء إحاطة الخالق بالمخلوق؟(1)

ومن الطريف من الناحية البلاغيّة أنّه تعالى في الآية السابقة عطف مرحلة الجعل في قرار مكين بالفاء، وفي هذه الآية عطفها بثمّ؛ لأنّ المعطوف عليه في تلك الآية كان عبارة عن مرحلة الانعقاد الذي يتمّ خارج الرحم، ثمّ ينتقل الجنين فوراً إلى الرحم، في حين أنّ المعطوف عليه في هذه الآية عبارة عن مرحلة خلق الإنسان من سلالة من طين قبل نأي من الزمن.

وأيضاً من الطريف من الناحية البلاغيّة: أنّ المراحل المتقاربة نسبيّاً من بعد اجتياز مرحلة النطفة عطف بعضها على بعض في هذه الآية بالفاء، عدا مرحلة نفخ الروح البعيدة نسبيّاً عن المراحل السابقة، فقد عطفت بثمّ.

وأيضاً من الطريف في هذه الآية أنّها عنونت المراحل المتقدّمة بعناوين قابلة للفهم البشري من: النطفة والعلقة والمضغة والعظم وكسوة اللحم، ولكن أشارت إلى المرحلة الأخيرة ـ وهي نفخ الروح ـ بما يوحي إلى أنّه غير قابل


(1) راجع پيام قرآن 8: 173 ـ 174.