المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

179

ثمّ أقبل ذكوان فقال له أسعد: هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشّرنا به وتخبرنا بصفته فهلمّ فأسلم، فأسلم ذكوان ثمّ قالا: يا رسول الله، إبعث معنا رجلاً يعلّمنا القرآن ويدعو الناس إلى أمرك. فبعث معهم رسول الله(صلى الله عليه وآله)مصعب بن عمير ...(1).

وهذه القصّة الأخيرة كما يحتمل فيها أنّ بلاغة القرآن أثّرت في أسعد فآمن بالإسلام، كذلك يحتمل فيها أنّ المضامين الحقّة والوجدانيّة لتلك الآيات والتي تعارض أسوأ العادات للمجتمع وقتئذ أثّرت فيه، أو كان المؤثّر فيه مجموع الأمرين.

4 ـونظير هذه القصّة في تطرّق الاحتمالين إليه قصّة النجاشي في حبشة والعلماء المسيح حينما هاجر كثير من المسلمين إلى حبشة من جور أهل مكّة ولجؤوا إلى النجاشي، فأرسلت قريش نفرين إلى النجاشي لمطالبته بإرجاعهم إلى مكّة، وهما عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص ومعهما هدايا للنجاشي، فغضب النجاشي وقال: لم أكن لاُسلّم جمعاً لجؤوا إليّ إلى أعدائهم إلّا أن اُحقّق عن وضعهم وتثبت لي خيانتهم. فجمع النجاشي العلماء المسيح فجاؤوا مع كتُبهم، وأرسل أيضاً إلى المسلمين ومعهم جعفر بن أبي طالب(عليه السلام) وسألهم عن الأمر، فشرح جعفر(عليه السلام) له قصّة الإسلام، فقال له النجاشي: هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم. قال: إقرأ. فتلا جعفر(عليه السلام) قوله تعالى: ﴿كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا﴾(2)إلى آخر قصّة مريم وولادة المسيح(عليهما السلام) وتنزيههما عن الرجس والإشراك بالله، فبكى النجاشي وبكى العلماء المسيح إلى أن بلّت


(1) البحار 19: 8 ـ 10.

(2) س 19 مريم، الآية: 1 ـ 2.