المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

164

 

البحث الرابع: عصمة الأنبياء

 

1 ـ ما معنى العصمة؟

عصمة الأنبياء عن الذنب لا تعطي معنى الانجبار على ترك الذنب، بل ذلك ينفي العصمة؛ إذ مع الجبر لا معنى للتكليف ولا فخر في ترك الذنب ولا قيمة له.

وكذلك لا تعني العصمة مجرّد العدالة؛ فإنّ العدالة إن هي إلّا ملكة الاعتصام عن الذنب في حالات الإغراءات الاعتياديّة، أمّا إذا اشتدّت الإغراءات أو ضعفت النفس بسبب طارئ ـ فوق ما يتصوّر عادة ـ فقد تزل قدم من كان عادلاً ويهوى إلى مكان سحيق، نعم لو تاب بعد ذلك وكانت الملكة موجودة أو رجعت، رجعت العدالة.

فالعصمة تعني: قوّة الرادع الإلهي إلى حدّ يقف أمام كلّ إغراءات العالم لو اجتمعت، فلا تضعُف النفس أمام جميع تلك الإغراءات فضلاً عن أن تضعف بسبب آخر.

وخير تعبير عن العصمة ما ورد عن إمامنا أمير المؤمنين(عليه السلام): «والله لو اُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته، وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعليّ ونعيم يفنى ولذّة لا تبقى؟ نعُوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين»(1).

 


(1) نهج البلاغة، الخطبة 224.