المولفات

المؤلفات > اُصول الدين

160

 

البحث الثالث: الوحي

 

قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَر أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَاب أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيم﴾(1).

والظاهر أنّ قوله: ﴿مِن وَرَاء حِجَاب﴾ إشارة إلى الصوت الذي يخلقه الله في موجود يسمعه النبيّ، ولا يرى صاحب الصوت الأصلي وهو الله سبحانه، وذلك كالصوت الذي خلقه الله في الشجرة أو في نار في الشجرة لموسى(عليه السلام)، قال عزّ من قائِل: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسىَ الاَْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لاَِهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَر أَوْ جَذْوَة مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الاَْيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين ﴾(2)، وقال أيضاً سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيم﴾(3)، وقوله: ﴿أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً﴾ إشارة إلى إرسال الملك لإيصال الوحي إلى النبيّ كما قال الله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَْمِينُ * عَلَى قَلْبِك﴾(4)، وقال عزّ وجلّ: ﴿وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى﴾(5).

والوحي تارة يستعمل في مقابل هذين القسمين، أعني سماع الصوت ونزول الملك، واُخرى يشمل هذين القسمين، ففي الآية التي بدأنا بها الحديث


(1) س 42 الشورى، الآية: 51.

(2) س 28 القصص، الآية: 29 ـ 30.

(3) س 27 النمل، الآية: 8 ـ 9.

(4) س 26 الشعراء، الآية: 193 ـ 194.

(5) س 11 هود، الآية: 69.