المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

98

أجل التعرّف على الحكم الشرعي توفيراً للوقت وتوزيعاً للجهد الإنساني على كلّ حقول الحياة. كما لم يأذن الله سبحانه وتعالى لغير المتخصّص المجتهد بأن يحاول التعرّف المباشر على الحكم الشرعي من الكتاب والسنّة ويعتمد على محاولته، بل أوجب عليه أن يكون التعرّف على الحكم عن طريق التقليد والاعتماد على العلماء المجتهدين، وبهذا كان التقليد أمراً واجباً مفروضاً في الدين.

والتقليد على هذا الأساس يعني تحميل المسؤولية، وإنّما سمّي تقليداً لأنّ المكلّف يضع عمله كالقلادة في رقبة المجتهد الذي يقلّده؛ تعبيراً رمزياً عن تحميله مسؤولية هذا العمل أمام الله سبحانه وتعالى، وليس التقليد هو التعصّب والاعتقاد بما يعتقده الآخرون جهلا وبدون دليل.

ففرقٌ بين أن يبدي شخص رأياً فتُسارِعُ إلى اليقين بذلك الرأي بدون أن تعرف دليلا عليه وتؤكّد صحته؛ وبين أن يبدي شخص رأياً فتتّبعه محمّلا له مسؤولية هذا الرأي بحكم كونه من ذوي الاختصاص والمعرفة؛ فالأول هو التقليد المذموم شرعاً وعقلا، والثاني هو التقليد الصحيح الذي جرت عليه سنّة الحياة شرعاً وعقلا.

وقد احتاطت الشريعة للتقليد احتياطاً كبيراً، ففرضت على المكلّف أن يقلّد أعلم المتخصّصين في حالة اختلاف آرائهم، وأن لا يقلّد إلّا من كان عادلا لا يميل عن الشرع إلى هواه خطوةً في كبيرة أو صغيرة؛ لكي يضمن المقلّد بذلك أكبر درجة ممكنة من الصواب في رأي مرجعه الديني، وأمرته في اللحظة التي يجد فيها الأكفأ والأعلم من مقلّده السابق أن يعدل إليه. كلّ ذلك للابتعاد بالتقليد من معنى المتابعة العمياء والتعصّب المذموم.

وعلى ذلك جرت سنّة المؤمنين والمسلمين منذ عصر الأئمّة (عليهم السلام) إلى