المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

96

لم تُعطَ بهذه الصورة المحدّدة المتميزة الصريحة، وإنما اُعطيت منثورةً في المجموع الكلّي للكتاب والسنّة، وبصورة تفرض الحاجة إلى جهد علميّ في دراستها، والمقارنة بينها واستخراج النتائج النهائية منها، ويزداد هذا الجهد العلمي ضرورةً، وتتنوّع وتتعمّق أكثر فأكثر متطلّباته وحاجاته كلّما ابتعد الشخص عن زمن صدور النصّ وامتدّ الفاصل الزمني بينه وبين عصر الكتاب والسنّة بكلّ مايحمله هذا الامتداد من مضاعفات، كضياع جملة من الأحاديث، ولزوم تمحيص الأسانيد، وتغيّر كثير من أساليب التعبير وقرائن التفهيم والملابسات التي تكتنف الكلام، ودخول شيء كثير من الدسّ والافتراء في مجاميع الروايات، الأمر الذي يتطلّب عنايةً بالغةً في التمحيص والتدقيق.

هذا إضافةً إلى أنّ تطور الحياة يفرض عدداً كبيراً من الوقائع والحوادث الجديدة لم يرد فيها نصّ خاصّ، فلابدّ من استنباط حكمها على ضوء القواعد العامّة ومجموعة ما اُعطي من اُصول وتشريعات.

كلّ ذلك وغير ذلك ممّا لا يمكن استيعابه في هذا الحديث الموجز جعل التعرّف على الحكم الشرعي في كثير من الحالات عملا علمياً معقّداً، وبحاجة إلى جهد وبحث وعناء، وإن لم يكن كذلك في جملة من الحالات الاُخرى التي يكون الحكم الشرعي فيها واضحاً كلّ الوضوح.

كيف نشأت الحاجة إلى التقليد؟

وكانت لا تزال سنّة الحياة في كلّ ناحية من مناحيها تفرض موقفاً مشابهاً لما تقدم، فأنت أيّ مجال من الحياة لاحظته تجد أنّ ممارسته تتطلّب معرفةً معيّنةً، وأنّ جزءاً من هذه المعرفة قد يكون واضحاً ومتيسّراً على العموم، ولكنّ