المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

82

وسِماتها التي جعلت منها حدثاً فريداً في التاريخ.

وفي ما يلي نذكر عدداً من الخصائص والسِمات بإيجاز:

أوّلا: أنّ هذه الرسالة ظلّت سليمةً ضمن النصّ القرآني دون أن تتعرّض لأيّ تحريف، بينما مُنِيت الكتب السماوية السابقة بالتحريف، واُفرغت من كثير من محتواها، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ إنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾(1).

واحتفاظ الرسالة بمحتواها العقائدي والتشريعي هو الذي يمكّنها من مواصلة دورها التربوي، وكلّ رسالة تفرغ من محتواها بالتحريف والضياع لا تصلح أداة ربط بين الإنسان وربّه؛ لأنّ هذا الربط لا يتحقّق بمجرّد الانتماء الاسمي، بل بالتفاعل مع محتوى الرسالة وتجسيدها فكراً وسلوكاً، ومن أجل ذلك كانت سلامة الرسالة الإسلامية بسلامة النصّ القرآني الشرط الضروري لقدرة هذه الرسالة على مواصلة أهدافها.

ثانياً: أنّ بقاء القرآن نصّاً وروحاً يعني أنّ نبوّة محمد (صلى الله عليه وآله) لم تفقد أهمّ وسيلة من وسائل إثباتها؛ لأنّ القرآن وما يعبّر عنه من مبادئ الرسالة والشريعة كان هو الدليل الاستقرائي، وفقاً لما تقدّم على نبوّة محمد وكونه رسولا، وهذا الدليل يستمرّ ما دام القرآن باقياً.

وخلافاً لذلك النبوّات التي يرتبط إثباتها بوقائع معيّنة تحدث في لحظة وتنتهي، كإبراء الأكمه والأبرص، فإنّ هذه الوقائع لا يشهدها عادةً إلّا المعاصرون لها، وبمرور الزمن وتراكم القرون تفقد الواقعة شهودها الأوائل، ويعجز الإنسان غالباً عن الحصول على أيّ تأكيد حاسم لها عن طريق البحث والتنقيب، وكلّ نبوّة


(1) الحجر: 9.