المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

806

يندمج فيها عملياً الإثبات والرفض معاً، فهي تأكيد مستمرّ من الإنسان علىالارتباط بالله تعالى، وعلى رفض أيّ مطلق آخر من المطلقات المصطنعة. فالمصلّي حين يبدأ صلاته بـ « الله أكبر » يؤكّد هذا الرفض، وحين يقيم في كلّ صلاة نبيّه بأنّه عبده ورسوله يؤكّد هذا الرفض، وحين يُمسِك عن الطيّبات ويصوم حتّى عن ضرورات الحياة من أجل الله متحدّياً الشهوات وسلطانها يؤكّد هذا الرفض.

وقد نجحت هذه العبادات في المجال التطبيقي في تربية أجيال من المؤمنين على يد النبي (صلى الله عليه وآله) والقادة الأبرار من بعده، الّذين جسّدت صلاتهم في نفوسهم رفضَ كلّ قوى الشرّ وهوانها، وتضاءلت أمام مسيرتهم مطلقات كِسرى وقَيصر، وكلّ مطلقات الوهم الإنساني المحدود.

على هذا الضوء نعرف أنّ العبادة ضرورة ثابتة في حياة الإنسان ومسيرته الحضارية؛ إذ لا مسيرةَ بدون مطلق تنشدّ إليه وتستمدّ منه مُثلها، ولا مطلقَ يستطيع أن يستوعب المسيرة على امتدادها الطويل سوى المطلق الحقّ سبحانه، وما سواه من مطلقات مصطنعة يشكّل حتماً بصورة واُخرى عائقاً عن نموّ المسيرة. فالارتباط بالمطلق الحقّ إذن حاجة ثابتة، ورفض غيره من المطلقات المصطنعة حاجة ثابتة أيضاً، ولا ارتباط بالمطلق الحقّ بدون تعبير عمليّ عن هذا الارتباط يؤكّده ويرسّخه باستمرار، وهذا التعبير العملي هو العبادة، فالعبادة إذن حاجة ثابتة.

2 ـ الموضوعية في القصد وتجاوز الذات:

في كلّ مرحلة من مراحل الحضارة الإنسانية، وفي كلّ فترة من حياة الإنسان يواجه الناس مصالح كثيرةً يحتاج تحقيقها إلى عمل وسعيٍّ بدرجة