المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

796

عبادات الإسلام كوصفة موقوتة وصيغة تشريعية محدودة بالظروف التي عاشتهافي مستهل تأريخها، بل فرضت تلك العبادات على الإنسان وهو يزاول عملية تحريك الآلة بقوى الذرّة، كما فرضتها على الإنسان الذي كان يحرث الأرض بمحراثه اليدوي.

ونستنتج من ذلك: أنّ نظام العبادات يعالج حاجةً ثابتةً في حياة الإنسان؛ خلقت معه وظلّت ثابتةً في كيانه على الرغم من التطوّر المستمرّ في حياته؛ لأنّ العلاج بصيغة ثابتة يفترض أنّ الحاجة ثابتة. ومن هنا يبرز السؤال التالي:

هل هناك حقّاً حاجة ثابتة في حياة الإنسان منذ بدأت الشريعة دورها التربويّ للإنسان، وظلّت حاجةً إنسانيةً حيّةً باستمرار إلى يومنا هذا؛ لكي نفسّر على أساس ثباتها ثبات الصيغ التي عالجت الشريعة بموجبها تلك الحاجة وأشبعتها، وبالتالي نفسّر استمرار العبادة في دورها الإيجابي في حياة الإنسان ؟

وقد يبدو بالنظرة الاُولى أنّ افتراض حاجة ثابتة من هذا القبيل ليس مقبولا، ولا ينطبق على واقع حياة الإنسان حين نقارن بين إنسان اليوم وإنسان الأمس البعيد؛ لأنّنا نجد أنّ الإنسان يبتعد ـ باستمرار ـ بطريقة حياته ومشاكلها وعوامل تطوّرها عن ظروف مجتمع القبيلة الذي ظهرت فيه الشريعة الخاتمة ومشاكله الوثنية وهمومه وتطلّعاته المحدودة.

وهذا الابتعاد المستمرّ يفرض تحوّلا أساسياً في كلّ حاجاته وهمومه ومتطلّباته، وبالتالي في طريقة علاج الحاجات وتنظيمها، فكيف بإمكان العبادات بنظامها التشريعي الخاصّ أن تؤدّي دوراً حقيقياً على هذه الساحة الممتدّة زمنياً من حياة الانسانية، على الرغم من التطوّر الكبير في الوسائل وأساليب الحياة ؟

ولئن كانت عبادات ـ كالصلاة والوضوء، والغسل والصيام ـ مفيدةً في مرحلة ما من حياة الإنسان البدويّ؛ لأنّها تساهم في تهذيب خلقه والتزامه