المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

70

عمّه أبي طالب وهو صبي في أوائل العقد الثاني، والاُخرى بأموال خديجة وهو في أواسط العقد الثالث.

ولم يتيسّر له ـ بحكم عدم تعلّمه للقراءة والكتابة ـ أن يقرأ شيئاً من النصوص الدينية لليهودية أو المسيحية، كما لم يتسرّب إليه أيّ شيء ملحوظ من تلك النصوص عن طريق البيئة؛ لأنّ مكّة كانت وثنيةً في أفكارها وعاداتها، ولم يتسرّب إليها الفكر المسيحي أو اليهودي، ولم يدخل الدير إلى حياتها بشكل من الأشكال، وحتى اُولئك الحنفاء الذين رفضوا عبادة الأصنام من عرب مكّة لم يكونوا قد تأثّروا باليهودية أو المسيحية، ولم ينعكس شيء من الأفكار اليهودية والمسيحية على ما خلّفه قسّ بن ساعدة أو غيره من تراث أدبيّ وشعري.

ولو كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بذل أيّ جهد للاطّلاع على مصادر الفكر اليهودي والمسيحي للوحظ ذلك؛ إذ في بيئة ساذجة ومنقطعة الصلة بمصادر الفكر اليهودي والمسيحي ومعقدة ضدّها لا يمكن أن تمرّ محاولة من هذا القبيل دون أن تلفت الأنظار، ودون أن تترك بصماتها على كثير من التحرّكات والعلاقات.

الثانية: أنّ الرسالة التي طلع بها النبي (صلى الله عليه وآله) على العالم متمثّلةً في القرآن الكريم والشريعة الإسلامية تميّزت بخصائص كثيرة:

منها: أنّها جاءت بنمط فريد من الثقافة الإلهية عن الله سبحانه وتعالى وصفاته وعلمه وقدرته، ونوع العلاقات بينه وبين الإنسان، ودور الأنبياء في هداية البشرية ووحدة رسالتهم، وما تميّزوا به من قيم ومثل، وسنن الله تعالى مع أنبيائه، والصراع المستمرّ بين الحقّ والباطل، والعدل والظلم، والارتباط الوثيق المستمرّ لرسالات السماء بالمظلومين والمضطهدين، وتناقضها المستمرّ مع أصحاب المصالح والامتيازات غير المشروعة.

وهذه الثقافة الإلهية لم تكن أكبر من الوضع الفكري والديني لمجتمع وثني