المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

26

وجود الصانع الحكيم هو نفس المنهج الذي نعتمده في استدلالاتنا التي نثق بها كلّ الثقة في حياتنا اليومية الاعتيادية، أو في البحوث العلمية التجريبية على السواء.

إنّ ما يأتي سيوضّح بدرجة كافية أنّ منهج الاستدلال على وجود الصانع الحكيم هو المنهج الذي نستخدمه عادةً لإثبات حقائق الحياة اليومية والحقائق العلمية، فما دمنا نثق به لإثبات هذه الحقائق فمن الضروريّ أن نثق به بصورة مماثلة لإثبات الصانع الحكيم الذي هو أساس تلك الحقائق جميعاً.

فأنت في حياتك الاعتيادية حين تتسلّم رسالةً بالبريد فتتعرّف بمجرّد قراءتها على أنّها من أخيك، وحين تجد أنّ طبيباً نجح في علاج حالات مرضية كثيرة فتثق به وتتعرّف على أنّه طبيب حاذق، وحين تستعمل إبرة (بنسلين) في عشر حالات مرضية وتصابُ فورَ استعمالها في كلّ مرّة بأعراض معيّنة متشابهة فتستنتج من ذلك أنّ في جسمك حسّاسيةً خاصّةً تجاه مادة (البنسلين). أنت في كلّ هذه الاستدلالات وأشباهها تستعمل في الحقيقة منهج الدليل الاستقرائيّ القائم على حساب الاحتمالات.

والعالِم الطبيعي في بحثه العلمي حينما لاحظ خصائص معيّنةً في المجموعة الشمسية فيتعرّف في ضوئها على أنّها كانت أجزاءً من الشمس وانفصلت عنها، وحينما استدلّ على وجود نبتون ـ أحد أعضاء هذه المجموعة ـ واستخلص ذلك من ضبط مسارات حركات الكواكب قبل أن يكتشف نبتون بالحسّ، وحينما استدلّ في ضوء ظواهر معيّنة على وجود الألكترون قبل التوصّل إلى المجهر الذرّي، إنّ العالِم الطبيعي في كلّ هذه الحالات ونظائرها يستعمل في الحقيقة منهج الدليل الاستقرائيّ القائم على حساب الاحتمالات.

وهذا المنهج نفسه هو منهج الدليل الذي نجده فيما يأتي لإثبات الصانع الحكيم، وهذا ما سنراه بكلّ وضوح عند استعراض ذلك الدليل.