المولفات

المؤلفات > الفتاوى الواضحة

17

الإيمان بالله تعالى

توصّل الإنسان إلى الإيمان بالله منذ أبعد الأزمان، وعبده وأخلص له، وأحسّ بارتباط عميق به قبل أن يصل إلى أيّ مرحلة من التجريد الفكري الفلسفي، أو الفهم المكتمل لأساليب الاستدلال.

ولم يكن هذا الإيمان وليد تناقض طبقي، أو من صنع مستغِلّين ظالمين تكريساً لاستغلالهم، أو مستغَلّين مظلومين تنفيساً لهم؛ لأنّ هذا الإيمان سبق في تاريخ البشرية أيّ تناقضات من هذا القبيل.

ولم يكن هذا الإيمان وليد مخاوف وشعور بالرعب تجاه كوارث الطبيعة وسلوكها المضادّ، ولو كان الدين وليد خوف وحصيلة رعب لكان أكثر الناس تديّناً على مرّ التاريخ هم أشدّهم خوفاً وأسرعهم هلعاً، مع أنّ الذين حملوا مشعل الدين على مرّ الزمن كانوا من أقوى الناس نفساً وأصلبهم عوداً.

بل إنّ هذا الإيمان يعبّر عن نزعة أصيلة في الإنسان إلى التعلّق بخالقه، ووجدان راسخ يدرك بفطرته علاقة الإنسان بربّه وكونه.

في فترة تالية تفلسف الإنسان، واستخلص من الأشياء التي تحوطه في الكون مفاهيم عامّة، كالوجود والعدم، والوجوب والإمكان والاستحالة، والوحدة والكثرة، والتركّب والبساطة، والجزء والكلّ، والتقدّم والتأخّر، والعلّة