435

 

 

 

 

 

الفصل الأوّل

[في أقسام النكاح وبعض أحكامه]

النكاح ثلاثة: دائم، ومنقطع، وملك يمين، ويفتقر الأوّل إلى العقد، وهو الإيجاب والقبول بلفظ الماضي على الأحوط استحباباً، كزوّجتُ وأنكحت، وقبلت، وتجزي ترجمتها بشرط العجز عن العربيّة على الأحوط استحباباً، وتجزي الإشارة مع العجز عن النطق. ولو زوّجت المرأة نفسها صحّ، ولا يشترط إذن الوليّ مع البلوغ والرشد إلّا الأب فإنّ الأحوط استحباباً(1) للبكر الاستئذان



(1) بل الأحوط وجوباً أو الأقوى(1).


(1) قد يقال: إنّ الولاية بنحو الاستقلال في نكاح البكر الرشيدة التي لها أب للأب؛ لمثل صحيح محمّد بن مسلم عن أحدهما(عليهما السلام): «لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها، ليس لها مع الأب أمر. وقال: يستأمرها كلّ أحد ما عدا الأب». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 3، ص 273، ونحوه صحيح عبدالله بن الصلت: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام)عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها لها أمر إذا بلغت؟ قال: لا ليس لها مع أبيها أمر. قال: وسألته عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ قال: ليس لها مع أبيها أمر (ما لم تثيّب)».

436

 

نفس المصدر، ب 6، ح 3، ص 276. ونسخة (ما لم تكبر) غلط. ونحوهما صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في الجارية يزوّجها أبوها بغير رضا منها؟ قال: ليس لها مع أبيها أمر إذا أنكحها جاز نكاحه وإن كانت كارهة». نفس المصدر، ب 9 من تلك الأبواب، ح 7، ص 286.

وتعارض هذه الروايات عدّة طوائف:

الاُولى: ما دلّت على استقلال البكر في أمرها مطلقاً أو فيما إذا ملكت أمرها، وهي بين ما لم يتمّ سنداً وما لم يتمّ دلالةً من قبيل:

1 ـ صحيح الفضلاء الأربعة: فضيل بن يسار ومحمّد بن مسلم وزرارة ويزيد بن معاوية عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «المرأة التي قد ملكت نفسها غير السفيهة ولا المولّى عليها تزويجها بغير وليّ جائز». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 1، ص 267.

ووجه الاستدلال: أنّه ليس المقصود من (ملكت نفسها) كون اختيار نكاحها بيدها لثيبوبتها، وإلّا لكانت ضروريّة بشرط المحمول، أي: من ملكت نفسها ملكت نفسها، فالحديث ناظر إلى البكر.

والجواب: أنّه يحتمل كون ملكيّتها لنفسها بمعنى ثيبوبتها، وأن يكون المقصود: أنّ مجرّد الثيبوبة لا تكفي للزواج بها من دون وليّ، بل يشترط عدم السفه وأن لا تكون مولّى عليها لعدم الرشد.

2 ـ خبر زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت فإنّ أمرها جائز تزوّج إن شاءت بغير إذن وليّها، وإن لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها إلّا بأمر وليّها». الوسائل، نفس المجلّد، ب 9 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 6، ص 285. وفي السند إسناد الشيخ عن عليّ بن إسماعيل الهاشميّ وهو إسنادمجهول لدينا.

3 ـ خبر سعدان بن مسلم قال: «قال أبو عبدالله(عليه السلام): لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت بغيرإذن أبيها». الوسائل، نفس المجلّد والباب والصفحة، ح 4.

437

 


وعيبه احتمال الإرسال إلى حدّ يزيل الوثوق به؛ لقوّة احتمال وحدة هذا الحديث مع مرسلة سعدان بن مسلم عن رجل عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبويها». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من المتعة، ح 8، ص 34.

الثانية: ما دلّت على اعتبار إذن البكر كصحيح منصور بن حازم عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح إلّا بأمرها». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 1، ص 284.

ولا يمكن الجمع بين هذه الصحيحة ومثل صحيح الحلبي الماضي، فتصل النوبة إلى المرجّحات، والمرجّح الموجود هنا موافقة ما دلّ على استقلال الأب وعدم اشتراط إذن البنت لأكثريّة العامّة، أي: جميع أئمّتهم ما عدا أبي حنيفة فيحمل على التقيّة.

فلابدّ من رضاهما جمعاً بين مثل صحيحة منصور بن حازم التي دلّت على شرط رضا البنت، وما دلّ على شرط إذن الأب مثل معتبرة ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «لا تنكح ذوات الآباء من الأبكار إلّا بإذن آبائهن». ومقتضى الجمع بينهما شرطيّة إذن الأب وإذنها.

الثالثة: ما دلّت على جواز تزويج البكر متعة بغير إذن أبيها.

وهي بين صريح في ذلك غير تامّ سنداً وبين ما تمّ سنداً ولكنّه مطلق يقيّد بما دلّ على شرط إذن الأب في المتعة، وذلك من قبيل:

1 ـ رواية أبي سعيد قال: «سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن التمتّع من الأبكار اللواتي بين الأبوين، فقال: لا بأس، ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من المتعة، ح 6، ص 33. والسند غير تامّ، وهو ليس صريحاً في عدم إذن الأب، فيقبل التقييد بما دلّ على شرط إذن الأب.

438

منه، لكن لو لم تستأذن منه صحّ وجاز له فسخه(1)، إلّا إذا منعها عن التزويج



(1) الصحّة محلّ إشكال أو الأقوى البطلان(1).


2 ـ خبر الحلبيّ قال: «سألته عن التمتّع من البكر إذا كانت بين أبويها بلا إذن أبويها، قال: لا بأس ما لم يفتضّ ما هناك لتعفّ بذلك». نفس المصدر، ح 9، ص 34. ويحتمل أن يكون المقصود بأبي سعيد (الراوي عن الحلبيّ): خالد بن سعيد القمّاط، وهو ثقة، ولكن سند الشيخ إليه غير معلوم.

3 ـ صحيحة زياد بن أبي الحلال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: لا بأس أن يتمتّع بالبكر ما لم يفض إليها كراهيّة العيب على أهلها». نفس المصدر، ح 1، ص 32. وهي مطلقة قابلة للتقييد بما دلّ على شرط إذن الأب.

4 ـ مرسلة محمّد بن عذافر عمّن ذكره عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن التمتّع بالأبكار، فقال: هل جعل ذلك إلّا لهنّ؟ فليستترن وليستعففن». نفس المصدر، ح 4، ص 33. وهي ساقطة سنداً وقابلة للتقييد بما دلّ على شرط إذن الأب.

5 ـ رواية حفص بن البختري عن أبي عبدالله(عليه السلام): في الرجل يتزوّج البكر متعة، قال: «يكره؛ للعيب على أهلها». نفس المصدر، ح 10، ص 34. وهي ساقطة سنداً وقابلة للتقييد بما دلّ على شرط إذن الأب.

وما دلّ على شرط إذن الأب هو صحيح أبي مريم عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «العذراء التي لها أب لا تزوّج متعة إلّا بإذن أبيها». نفس المصدر، ح 12، ص 35.

(1) والذي يستدلّ به على مسألة الفسخ حديث (لا ينقض النكاح إلّا الأب) وهو صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام). الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 1، ص 273. ولكن ظهور ذلك في الفسخ قابل للمنع؛ لأنّه يكفي في صحّة استعمال كلمة (النقض) أنّ النكاح يقبل النفوذ بالإذن المتأخّر للأب، فإن لم يأذنه فقد نقضه. ولو فرضنا ظهوراً ضعيفاً له في الفسخ فلا إشكال في أنّ روايات عدم نفوذ العقد بلا إذن الأب أقوى ظهوراً من ذلك، فتتقدّم عليه.

439

بالكفؤ شرعاً وعرفاً فإنّه تسقط ولايته حينئذ(1).

(مسألة: 1) يجزئ في صورة عقد النكاح الدائم أن تقول الزوجة للزوج: زوّجتُكَ نفسي بمهر دينار(2) مثلا، فيقول الزوج: قبلتُ. وإذا كانت الزوجة قد وكّلت وكيلا قال وكيلها للزوج: زوجتُكَ موكّلتي هنداً ـ مثلا ـ بمهر دينار، فيقول الزوج: قبلت (3). وإذا كان الزوج قد وكّل وكيلا قالت الزوجة لوكيل الزوج: زوّجتُ موكّلك زيداً ـ مثلا ـ نفسي بمهر دينار مثلا، فيقول الوكيل: قبلت. وإذا كان كلّ من الزوج والزوجة قد وكّلا وكيلا قال وكيل الزوجة لوكيل الزوج: زوّجتُ موكّلك زيداً موكّلتي هنداً بمهر دينار مثلا، فيقول وكيل الزوج: قبلت. ويجوز لشخص واحد تولّي طرفي العقد عدا الزوج، فإنّ الأحوط أن لا يتولّى الإيجاب عن الزوجة والقبول عن نفسه(4).



(1) الأب تسقط ولايته بالعضل سواء في التزويج أو في ترك التزويج أو بالأمر المانع عن تدخّله من مرض كالإغماء الدائم أو نحو ذلك كالغيبة الدائمة أو التصميم على عدم التدخّل ونحو ذلك(1).

(2) وتجزي كلّ الألفاظ المفهمة، كأن تقول: زوّجت نفسي منك، وكذا الحال في فرض الوكالة.

(3) ويجزي أيضاً الإيجاب من الزوج والقبول من الزوجة، وكذا الحال في فرض الوكالة.

(4) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): أنّ هذا احتياط استحبابيّ، ولكنّني أقول: إنّ هذا الاحتياط لا يترك(2) في مطلق توحيد الموجب والقابل.


(1) والدليل على ذلك: أنّ دليل ولاية غير المعصوم منصرف إلى أن يكون بداعي حفظ مصلحة المولّى عليه.

(2) الوجه في هذا الاحتياط موثّقة عمّار الساباطيّ الناهية عن ذلك: «سألت أبا الحسن(عليه السلام)

440

(مسألة: 2) لا يشترط الشهود في صحّة النكاح، ولا يلتفت إلى دعوى الزوجيّة بغير بيّنة مع حلف المنكِر(1) وإن تصادقا على الدخول، فلو ردّ اليمين فحلف المدّعي حكم بها. كما أنّه يلزم المقرّ بإقراره على كلّ حال، ولو تصادقا على الزوجيّة ثبتت. ولو ادّعى زوجيّة امرأة وأنكرت، وادّعت اُخت الزوجة



(1) تأثير حلف المنكر، وكذلك تأثير حلف المدّعي ـ بعد ردّ المنكر اليمين ـ مخصوص بباب القضاء.


عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره أن يعلم بها أهل بيتها أيحلَّ لها أن توكّل رجلاً يريد أن يتزوّجها؟ تقول له: قد وكّلتك فاشهد على تزويجي؟ قال: لا. قلت له: جعلت فداك، وإن كانت أيّماً؟ قال: وإن كانت أيّماً. قلت: فإن وكّلت غيره بتزويجها منه؟ قال: نعم». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 4، ص 288. بل الاحتياط يسري إلى وحدة الموجب والقابل حتّى لو لم يكن من قِبل الزوج؛ لقوّة احتمال أنَّ النظر في الحديث هو التجنّب عن وحدة الموجب والقابل، ولا خصوصيّة لمورد الحديث، وهو كون العاقد نفس الزوج.

أمّا السبب في أنّنا لا نفتي بمفاد هذا الحديث، بل نجعله احتياطاً فهو صحيحة الحلبيّ الواردة في نفس المصدر، ح 1، ص 287 عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في امرأة ولّت أمرها رجلاً فقالت: زوّجني فلاناً، فقال: لا اُزوّجك حتّى تشهدي لي أنّ أمرك بيدي، فأشهدت له، فقال عند التزويج للذي يخطبها: يا فلان عليك كذا وكذا، قال: نعم. فقال هو للقوم: اشهدوا أنّ ذلك لها عندي وقد زوّجتها نفسي. فقالت المرأة: لا ولا كرامة، وما أمري إلّا بيدي، وما ولّيتك أمري إلّا حياءً من الكلام. قال(عليه السلام): تنزع منه ويوجع رأسه»، فإنّ الظاهر من هذا الحديث هو عدم ردعه ذاك الرجل عن اعتقاده بصحّة تزويج امرأة لنفسه بتولّي الإيجاب والقبول. وهذا يدلّ على الإمضاء، وإنّما أمر(عليه السلام) بنزعها منه وإيجاع رأسه؛ لأنّه استغلّ حياءها في توريطها في غير ما أرادت. أمّا الوجه في إيجابنا للاحتياط فهو احتمال كون رواية عمّار أقوى دلالة.

441

زوجيّته حكم لبيّنته، إلّا مع تقدّم تاريخ بيّنتها أو دخوله بها(1). وروي أنّ القول قول الأب في تعيين المعقود عليها بغير تسمية مع رؤية الزوج للجميع، وإلّا بطل العقد(2).

ويستحبّ أن يتخيّر البكر العفيفة الكريمة الأصل، وصلاة ركعتين عند إرادة التزويج، والدعاء بالمأثور، وهو: « اللّهمّ إنّي اُريد أن أتزوّج فقدِّر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً، وأحفظهنّ لي في نفسها ومالي، وأوسعهنّ رزقاً، وأعظمهنّ بركة ». والإشهاد على العقد والإعلان به، والخطبة أمام العقد، وإيقاعه ليلا، وصلاة ركعتين



(1) استشكل اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في ترجيح بيّنة الرجل على بيّنة المرأة. ونِعْمَ ما فعل(1).

(2) هذا الحكم لا إشكال فيه مع يمين الأب، وإلّا فالحكم محلّ إشكال(2).


(1) فإنّ دليل الماتن على ترجيح بيّنة الرجل رواية وردت على ذلك، وهي ضعيفة السند بكلا سنديها:

أوّلاً: رواية الزهريّ عن عليّ بن الحسين(عليه السلام). الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 22 من عقد النكاح وأولياء العقد، ص 299.

وثانياً: رواية عبد الوهّاب بن عبد الحميد الثقفيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام). الوسائل، ج 27 بحسب تلك الطبعة، ب 12 من كيفيّة الحكم، ح 13، ص 254 ـ 255. فعلى أثر ضعف السند استشكل اُستاذنا(رحمه الله) في ذلك.

(2) أمّا عدم الإشكال في ذلك مع يمين الأب فلصحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر(عليه السلام): «...إن كان الزوج رآهنّ كلّهنّ ولم يسمّ له واحدة منهنّ فالقول في ذلك قول الأب، وعلى الأب فيما بينه وبين الله أن يدفع إلى الزوج الجارية التي كان نوى أن يزوّجها إيّاه عند عقدة النكاح. وإن كان الزوج لم يرهنّ كلّهنّ ولم يسمّ له واحدة منهنّ عند عقد النكاح فالنكاح باطل». الوسائل، ج 20، ب 15 من عقد النكاح وأولياء العقد، ص 295. وأمّا الاستشكال في فرض عدم اليمين فلاحتمال أن يكون قوله(عليه السلام): «القول قول الأب» كناية عن أنّه يعدّ بحكم المنكر، فعليه اليمين.

442

عند الدخول، والدعاء بالمأثور بعد أن يضع يده على ناصيتها، وهو: « اللّهمّ على كتابك تزوّجتها، وفي أمانتك أخذتها، وبكلماتك استحللت فرجها، فإن قضيت لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سوياً ولا تجعله شرك شيطان »، وأمرها بمثله، ويسأل الله تعالى الولد الذكر.

ويكره إيقاع العقد والقمر في العقرب، وتزويج العقيم، والجماع(1) في ليلة الخسوف ويوم الكسوف، وعند الزوال إلّا يوم الخميس، وعند الغروب قبل ذهاب الشفق، وفي المحاق، وبعد الفجر حتّى تطلع الشمس، وفي أوّل ليلة من الشهر إلّا رمضان أو ليلة النصف منه، وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء. ويكره مستقبل القبلة ومستدبرها، وفي السفينة، وعارياً، وعقيب الاحتلام قبل الغسل، والنظر في فرج المرأة، والكلام بغير الذكر، والعزل عن الحرّة بغير إذنها، وأن يطرق المسافر أهله ليلا. ويحرم الدخول بالزوجة قبل بلوغها تسع سنين.

(مسألة: 3) يجوز للرجل النظر إلى من يريد التزويج بها، وكذا إلى نساء أهل الذمّة، وكذا المتبذّلات اللاتي لا ينتهين إذا نُهِينَ عن التكشّف، وإلى المحارم اللاتي يحرم نكاحهنّ مؤبّداً لنسب أو سبب أو رضاع بشرط عدم التلذّذ في الجميع(2). ويحرم النظر إلى غيرهنّ عدا الوجه والكفّين بغير تلذّذ أيضاً، ومن غير



(1) رأيتُ النصّ في كثير من آداب الجماع المذكورة هنا في المتن.

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «لا يشترط عدم التلذّذ إلى من يريد زواجها». ونِعْمَ ما أفاد(1).


(1) لإطلاق النصوص ما عدا مرسلة عبدالله بن الفضل عن أبيه عن رجل عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: قلت: «أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها، فينظر إلى شعرها ومحاسنها؟ قال: لا بأس بذلك ما لم يكن متلذّذاً»، ولا حجّيّة فيها. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 36 من مقدّمات النكاح وآدابه، ص 87 ـ 90. والمرسلة التي ذكرناها هي الرواية الخامسة منها.

443

المحارم اُخت الزوجة والربيبة قبل الدخول باُمّها. وكذا يحرم على المرأة النظر إلىالرجل ممّا يحرم على الرجل النظر إليه منها(1)، وكذا يحرم النظر مع التلذّذ ولو إلى المماثل، وكذا يحرم اللمس من الرجل والمرأة لغير المماثل في غير المحارم، ويجوز النظر واللمس من الرجل للصبيّة غير البالغة، ومن المرأة للصبيّ غير البالغ مع عدم التلذّذ في الجميع، أ مّا مع التلذّذ فإنّه حرام مطلقاً، وكذا يحرم مع التلذّذ ولو إلى الرجل.

(مسألة: 4) يجب على المرأة ستر ما زاد على الوجه والكفّين عن غير الزوج



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «الأقرب: أنّه لا يحرم على المرأة النظر بلا ريبة إلى ما تعارف في كلّ زمان كشفه للرجال كالعنق والرأس». ونِعْمَ ما أفاد(1).


(1) فإنّ الدليل على حرمة نظر النساء إلى الرجال إن كان عبارة عن قوله تعالى ـ في سورة 24 النور، الآية: 30 ـ 31 ـ: ﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...﴾فبقرينة المقابلة بين غضّ البصر وحفظ الفرج يحتمل ـ على الأقلّ ـ أنّ المقصود هو غضّ النظر عن الفرج وحفظ الفرج عن النظر إليه كما ورد التفسير بذلك في بعض الروايات غير التامّة سنداً. راجع الوسائل، ج 1 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب1 من أحكام الخلوة، ص 300.

وإن كان عبارة عن روايات حرمة نظر النساء إلى الرجال ـ الواردة في الوسائل، ج 20 من نفس الطبعة، ب 129 من مقدّمات النكاح وآدابه، ص 232 ـ وإن كانت جميعاً لا تخلو من ضعف في السند فلا إطلاق لها لما تعارف كشفه عند الرجال كالرأس والرقبة.

وإن كان عبارة عن مجموع تلك الروايات بانضمام المسلّميّة الفقهيّة والإجماع وما شاكل ذلك، أو عبارة عن نفس المسلّميّة الفقهيّة والإجماع وما شاكل ذلك فمن الواضح أنّ المتيقّن من كلّ هذا غير ما تعارف كشفه عند الرجال كالرأس والرقبة.

444

والمحارم، بل يجب عليها ستر الوجه والكفّين عن غير الزوج حتّى المحارم مع تلذّذه(1)، ولا يجب على الرجل الستر مطلقاً.

(مسألة: 5) يجوز سماع صوت الأجنبيّة مع عدم التلذّذ.



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «لا يجب ذلك». ونِعْمَ ما أفاد(1).


(1) فإنّنا بعد أن فرضنا الدليل على استثناء الوجه والكفّين فتخصيصه بفرض عدم التلذّذ من قِبل الرجل بحاجة إلى دليل؛ لإطلاق دليل استثناء الوجه والكفّين.

445

 

الفصل الثاني

 

في الأولياء

إنّما الولاية للأب وإن علا، ووصيّه(1)، والحاكم، فالأب على الصغيرين



(1) الولاية على الصغير والذي لم يبلغ الرشد في الأب تكون بمعنى نفوذ العقد وعدم حقّ الفسخ بعد بلوغهما سنّ التكليف والرشد، وفي غير الأب تكون بمعنى نفوذ العقد ولكن لهما حقّ الفسخ بعد البلوغ والرشد(1).


(1) أمّا عدم حقّ الفسخ في نكاح الأب فلظاهر موثّقة عبيد بن زرارة عن أبي عبدالله(عليه السلام)قال: «سألته عن الصبيّ يزوّج الصبيّة هل يتوارثان؟ قال: إن كان أبواهما هما اللذان زوّجاهما فنعم. قلنا: يجوز طلاق الأب؟ قال: لا». الوسائل، ج 22 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 33 من مقدّمات الطلاق وشرائطه، ح 2، ص 80.

وفي السند القاسم بن عروة، ولكن قد وردت رواية الأزديّ عنه وهو أحد الثلاثة الذين لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة. هذا مضافاً إلى ذيل صحيح أبي عبيدة الآتي: «يجوز عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام، والمهر على الأب للجارية».

وأمّا صحيح محمّد بن مسلم: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن الصبيّ يزوّج الصبيّة؟ قال: إن كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم جائز، ولكن لهما الخيار إذا أدركا فإن رضيا بعد ذلك فإنّ المهر على الأب. قلت له: فهل يجوز طلاق الأب على ابنه في صغره؟ قال: لا» ـ الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 8، ص 277 ـ 278 ـ فلابدّ من طرحه؛ إذ لا شكّ في عدم الخيار للصبيّة بعد أن تبلغ نصّاً وفتوىً.

وأمّا إلحاق من بلغ مجنوناً بالصبيّ فيتوقّف على عدم احتمال الفرق عرفاً، أو فرض مسلّميّة عدم الفرق فقهيّاً، أو التمسّك بالحديث الذي فسّر عنوان «الذي بيده عقد النكاح» بالذي يجوز

446

والمجنونين إذا بلغا كذلك، ولا خيار لهما بعد زوال الوصفين(1) إلّا إذا كان العقد حين وقوعه مفسدةً عند العقلاء، فلا يصحّ إلّا بالإجازة بعد البلوغ والعقل(2)، ولا



(1) قد عرفت ثبوت الخيار إذا كان العقد وقع من قِبل وليٍّ غير الأب. نعم، مفروض المتن هو العقد من قِبل الأب، فيصحّ ما ذكره من عدم الخيار.

(2) وإن كان الأحوط استحباباً على تقدير اختيار الردّ ضمّ الطلاق إلى الردّ(1).


أمره في مال المرأة. الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 4 و5، ص 283. وفي سند الحديث إشكال، ولا إشكال في أنّ هذا العنوان يشمل الأب ما لم يبلغ ولده الرشد.

وأمّا خيار الفسخ فيما إذا كان التزويج من قِبل وليٍّ غير الأب، فلصحيح أبي عبيدة، قال: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن غلام وجارية زوّجهما وليّان لهما وهما غير مدركين، قال: فقال: النكاح جائز، وأيّهما أدرك كان له الخيار، فإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما ولا مهر، إلّا أن يكونا قد أدركا ورضيا. قلت: فإن أدرك أحدهما قبل الآخر؟ قال: يجوز ذلك عليه إن هو رضي، قلت: فإن كان الرجل الذي أدرك قبل الجارية ورضي بالنكاح ثمّ مات قبل أن تدرك الجارية أترثه؟ قال: نعم يعزل ميراثها منه حتّى تدرك وتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلّا رضاها بالتزويج ثمّ يدفع إليها الميراث ونصف المهر. قلت: فإن ماتت الجارية ولم تكن أدركت أيرثها الزوج المدرك؟ قال: لا؛ لأنّ لها الخيار إذا أدركت. قلت: فإن كان أبوها هو الذي زوّجها قبل أن تدرك؟ قال: يجوز عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام، والمهر على الأب للجارية». الوسائل، ج 26 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من ميراث الأزواج، ح 1، ص 219.

(1) والدليل على أنّه لا يصحّ العقد إلّا بالإجازة بعد البلوغ والعقل موثّق عبيد بن زرارة: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): الجارية يريد أبوها أن يزوّجها من رجل ويريد جدّها أن يزوّجها من رجل آخر، فقال: الجدّ أولى بذلك ما لم يكن مضارّاً إن لم يكن الأب زوّجها قبله، ويجوز عليها تزويج الأب والجدّ» ـ الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 2، ص 289 ـ بعد التعدّي العرفيّ من البالغة إلى الصغيرة، ومن الجدّ إلى الأب.

447

ولاية له على البالغ الرشيد، ولا على البالغة الرشيدة على وجه الاستقلال، عدا البكر فيصحّ عقد الأب لها إذا لم يكن مفسدةً حين وقوعه، وإن كان الأحوط استحباباً(1) اعتبار إذنها، ويكفي في إثباته سكوتها إلّا إذا كانت قرينة على عدم الرضا. وإذا زالت بكارتها بغير الوطء فهي بمنزلة البكر، وكذا إذا زالت بالوطء شبهةً أو زناً على الأظهر(2). وللوصيّ أيضاً ولاية النكاح على المجنون إذا بلغ كذلك واضطرّ إلى التزويج، والأحوط استئذان(3) الحاكم، وكذا على الصبيّ إذا نصّ بها الموصي(4) على قول، وفيه منع، وللحاكم الولاية على المجنون إذا جنّ



(1) لا يترك هذا الاحتياط.

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «بل لا يترك الاحتياط فيهما». ونِعْمَ ما أفاد(1).

(3) لابدّ أن يكون هذا الاحتياط استحبابيّاً(2).

(4) لا فرق بين فرض النصّ أو شمول الإطلاق لذلك، ففي كليهما تتمّ الولاية، وللصغير بعد البلوغ حقّ الفسخ(3).


(1) لأنّ احتمال عدم شمول دليل ولاية الأب لمن زالت بكارتها بالوطء بالشبهة أو الزنا قويّ.

(2) لأنّ الوصيّ وليّ بدليل صحيح أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام): عن الذي بيده عقدة النكاح، قال: «هو الأب والأخ والرجل يوصى إليه والذي يجوز أمره في مال المرأة يبتاع لها ويشتري، فأيّ هؤلاء عفا فعفوه جائز في المهر إذا عفا عنه». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 من عقد النكاح وأولياء العقد، ح 5، ص 283. نعم، أوضحنا ثبوت الخيار لدى البلوغ والرشد في غير نكاح الأب بصحيح أبي عبيدة. الوسائل، ج 26 بحسب طبعة موسّسة آل البيت، ب 11 من ميراث الأزواج، ح 1، ص 219.

(3) لصحيح أبي عبيدة الذي أشرنا إليه آنفاً.

448

بعد بلوغه مع ضرورته إلى التزويج(1)، وفي ولايته على الصبيّ في ذلك إشكال، والأظهر الجواز أيضاً مع ضرورته إليه(2)، وفي السفيه إشكال أحوطه أن لا ينكح إلّا بإذن الأب(3) إن كان، وإلّا فالحاكم. وإذا كان رشيداً في المال غير رشيد في التزويج فالظاهر أنّه لا ولاية لأحد عليه على وجه الاستقلال، لكن في استقلاله في الولاية على نفسه إشكال، فالأحوط له الاستئذان من الحاكم. ولو زوّج الوليّ(4) الصغيرين توارثا، ولو كان غيره وقف على الإجازة، فإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل، وإن بلغ أحدهما وأجاز ثمّ مات اُحلف الثاني(5) بعد بلوغه على انتفاء الطمع إذا احتمل كون إجازته طمعاً في الميراث، فإذا حلف على ذلك ورث، وإلّا فلا.



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «الأحوط وجوباً عدم استقلاله عن الأب أو الجدّ». ونِعْمَ ما أفاد(1).

(2) ومفروضه عدم وجود وليّ آخر من الأب أو الجدّ أو الوصيّ.

(3) أو الجدّ.

(4) إن كان الوليّ هو الأب أو الجدّ فلا إشكال في التوارث، وأمّا إن كان غيرهما وماتا قبل أن يدركا فلا ميراث بينهما(2).

(5) والتحليف يجب أن يكون من قِبل القاضي الشرعيّ(3).


(1) لقوّة احتمال رجوع ولاية الأب أو الجدّ بالجنون الطارئ ولو بدعوى عدم احتمال العُرف الفرق بين الجنون الثابت من قبل البلوغ والطارئ.

(2) لصحيح أبي عبيدة الذي مضت الإشارة إليه آنفاً.

(3) والوجه في التحليف ليس هو صحيح أبي عبيدة المشار إليه آنفاً ـ لأنّه ورد في تزويج الوليّ ـ وإنّما هو أنّ الإجازة بطمع الإرث لا تكشف عن الرضا الحقيقيّ بالعقد.

449

مسألة: كما يصحّ عقد الفضوليّ في البيع يصحّ في النكاح، فإذا عقد شخص لغيره من دون إذنه فأجاز المعقود له صحّ العقد، وإذا لم يجز بطل. وإذا وكّلت المرأة شخصاً على تزويجها له لم يصحَّ له أن يتزوّجها إلّا مع عموم الإذن منها، بل لو أذنت له في أن يتزوّجها فالأحوط له أن لا يتولّى بنفسه الإيجاب والقبول، بل يوكّل عنها من يتولّى الإيجاب عنها، ويجوز له أن يوكّلها فتتولّى الإيجاب منها والقبول عنه(1).



(1) بل الاحتياط الوجوبيّ يسري هنا(1).


(1) لاحتمال أنّ مصبّ الإشكال كان نفس وحدة الموجب والقابل، وقد شرحنا ذلك في ذيل المسألة الاُولى من مسائل النكاح فراجع.

450

 

الفصل الثالث

 

في المحرّمات

وهي قسمان: نسب، وسبب. فالنسب: الاُمّ وإن علت، والبنت وإن سفلت، والاُخت وبناتها وإن نزلن، والعمّة والخالة وإن علتا كعمّة الأبوين والجدّين وخالتهما، وبنات الأخ وإن نزلن. وأ مّا السبب فاُمور:

 

الأوّل: ما يحرم بالمصاهرة:

(مسألة: 1) من وطأ امرأةً بالعقد أو الملك حرمت عليه اُمّها وإن علت، وبناتها وإن نزلن لابن أو بنت تحريماً مؤبّداً، سواء سبقن على الوطء أم تأخّرن عنه.

(مسألة: 2) تحرم الموطوءة بالملك أو العقد على أب الواطئ وإن علا وكان لاُمّه(1) وعلى أولاده وإن نزلوا، وكذا المعقود عليها لأحدهما مطلقاً فإنّها تحرم على الآخر، وكذا الملموسة أو المنظور إليها بشهوة بالملك تحرم على الآخر(2).



(1) يعني: وإن كان لاُمّه.

(2) للنصّ(1).


(1) كصحيح محمّد بن إسماعيل بن بزيع. الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1، ص 417. وصحيح عبدالله بن سنان. نفس المصدر،ح 6، ص 418.

451

(مسألة: 3) من عقد على امرأة ولم يدخل بها حرمت عليه اُمّها وإن علت أبداً، وبنتها وإن نزلت، من بنت كانت أو من ابن مادامت الاُمّ في عقده(1)، فإن فارقها قبل الدخول جاز له العقد على بنتها، ولو دخل حرمت عليه البنت أبداً، ولم تحرم البنت على أبيه ولا على ابنه.

(مسألة: 4) تحرم اُخت الزوجة جمعاً لا عيناً(2)، وكذا بنت اُختها وأخيها إلّا



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «على المشهور، وفي مقابله احتمال جواز العقد على البنت قبل الدخول بالاُمّ فتحرم الاُمّ حينئذ». أقول: ولعلّ هذا الاحتمال أقوى(1).

(2) ومادامت الاُخت تحت عدّة الطلاق الرجعيّة لا يجوز الزواج باُختها(2).


(1) ويدلّ على ذلك إطلاق صحيح غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه(عليهما السلام): «أنّ عليّاً(عليه السلام)قال: إذا تزوّج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا دخل بالاُمّ، فإذا لم يدخل بالاُمّ فلا بأس أن يتزوّج بالابنة، وإذا تزوّج بالابنة فدخل بها أو لم يدخل بها فقد حرمت عليه الاُمّ. وقال: الربائب عليكم حرام كنّ في الحجر أو لم يكنّ». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 18 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 4، ص 459.

وفي المقابل إطلاق صحيح البزنطيّ: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن الرجل يتزوّج المرأة متعة أيحلّ له أن يتزوّج ابنتها؟ قال: لا» ـ نفس المصدر، ح 1، ص 457 ـ بناءً على شمول إطلاقه لفرض عدم الدخول، ولكن يمكن ترجيح صحيح غياث بن إبراهيم على صحيح البزنطيّ بموافقته لإطلاق الكتاب: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾. سورة 4 النساء، الآية: 23.

(2) هذا مطابق للقاعدة؛ لأنّ الزوجة في أيّام العدّة في الطلاق الرجعيّ بحكم الزوجة، فيرجع الأمر إلى الجمع بين الاُختين، ومطابق للنصوص أيضاً. راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 27 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها و28، وج 22، ب 48 من العدد.

452

مع إذن العمّة والخالة(1)، ولو عقد من دون إذنهما فأجازتا صحّ على الأقوى(2)وإن كان الأحوط تجديد العقد.

(مسألة: 5) من زنى بامرأة في قبلها أو دبرها حرمت عليه بناتها واُمّها(3) أبداً



(1) للنصّ(1).

(2) إذ غاية الأمر أنّه أصبح عقده فضوليّاً فيصحّ بالإجازة(2).

(3) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «الأقرب عدم الحرمة إلّا في مورد الزنا بالعمّة أو الخالة».

أقول: عدم الحرمة في غير مورد الزنا بالعمّة أو الخالة صحيح ولكن إلحاق الزنا بالعمّة بالزنا بالخالة احتياط لا يترك(3).


(1) كموثّقة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «لا تزوّج ابنة الأخ ولا ابنة الاُخت على العمّة ولا على الخالة بغير إذنهما». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 30 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1، ص 487.

(2) وقد ورد صحيح زرارة بشأن نكاح العبد بغير إذن سيّده: «لم يعص الله وإنّما عصى سيّده، فإذا أجاز فهو له جائز» ـ الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ح 1، ص 114 ـ فكذلك في المقام، فإنّه لم يعصِ الله وإنّما عصى عمّته أو خالته، فإذا أجازت فهو له جائز.

(3) فإنّ النصّ الصحيح سنداً ورد في بنت الخالة وهو صحيح محمّد بن مسلم قال: «سأل رجل أبا عبدالله(عليه السلام) وأنا جالس عن رجل نال من خالته في شبابه ثمّ ارتدع يتزوّج ابنتها؟ قال: لا. قلت: إنّه لم يكن أفضى إليها إنّما كان شيء دون شيء؟ فقال: لا يصدّق ولا كرامة». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 10 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1، ص 432. وإلحاق الزنا بالعمّة بالزنا بالخالة مبنيّ على عدم احتمال الفرق فقهيّاً.

وأمّا في الزنا بمطلق المرأة غير العمّة والخالة فالروايات فيها متعارضة. راجع الوسائل،ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 و7 و8 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها. وترجّح روايات عدم التحريم بإطلاق قوله تعالى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ...﴾. سورة 4 النساء، الآية: 24.

453

إذا سبق الزنا على العقد، وكذا حرمت هي على آبائه وأبنائه أبداً(1). ولا يلحق بالزنا التقبيل واللمس والنظر بشهوة ونحوها، وفي إلحاق الوطء بالشبهة إذا سبق على العقد بالزنا(2) في التحريم إشكال، أ مّا الزنا والوطء بالشبهة الطارئان على العقد فلا يوجبان التحريم.

(مسألة: 6) يحرم على الحرّ في الدائم ما زاد على أربع حرائر، أو في الإماء ما زاد على الأمتين(3).

(مسألة: 7) يحرم العقد على ذات البعل أو المعتدّة مادامتا كذلك، ولو تزوّجها جاهلا بالحكم أو الموضوع بطل العقد، فإن دخل حينئذ حرمت أبداً، والولد له ومهر المثل للمرأة، وتتمّ عدّة الأوّل إن كانت معتدّةً، وتستأنف عدّة الثاني على الأحوط(4). ولو عقد عالماً بالحكم والموضوع حرمت أبداً بالعقد، وكذا إذا



(1) للنصّ(1).

(2) قد عرفت أنّ الزنا بغير العمّة والخالة لا يحرّم البنت والاُمّ.

(3) حرمة عقد الحرّ الدائم مازاد على أربع حرائر واضحة، وحرمة عقده على مازاد على الأمتين منصوصة بالنصّ الصحيح(2).

(4) لابدّ من عدم التداخل في مورد عدّة الوفاة(3).


(1) لاحظ صحيحة أبي بصير: قال: «سألته عن الرجل يفجر بالمرأة أتحلّ لابنه؟ أو يفجر بها الابن أتحلّ لأبيه؟ قال: لا، إن كان الأب والابن مسّها وأخذ منها فلا تحلّ». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1، ص 431.

(2) راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 2 ممّا يحرم باستيفاء العدد،ح 2، ص 518 أو ب 8 ممّا يحرم بالكفر، ح 1، ص 545.

(3) لصريح الروايات الواردة في الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 ممّا يحرم بالمصاهرة، ح 2 و6 و20.

454

كانت المعقود عليها عالمةً بهما(1)، ولا فرق في العدّة بين عدّة الطلاق بائناً أو رجعيّاً وعدّة الوفاة وعدّة وطء الشبهة، ولا فرق في المعتدّة بين الحرّة والأمة، ولا في الدخول بين أن يكون في القبل والدبر(2)، ولا يلحق بالعدّة مدّة استبراء الأمة، ولا بالعقد وطء الشبهة، ولا الوطء بالملك، ولا بالتحليل، والمدار على علم الزوج فلا يقدح علم وليّه أو وكيله.

(مسألة: 8) المدّة التي تكون بين وفاة الزوج وعلم الزوجة بوفاته لا يجري عليها



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «علمها بكونها معتدّة يكفي في الحرمة المؤبّدة دون علمها بكونها ذات بعل(1).

(2) إلحاق الوطء في الدبر بالوطء في القبل في التحريم الأبديّ حكم احتياطيّ(2).


(1) أمّا كفاية علمها بكونها معتدّة في الحرمة المؤبّدة فلصحيح ابن الحجّاج ـ الوسائل،ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 4، ص 451 ـ: «...قلت: فإن كان أحدهما متعمّداً والآخر بجهل؟ فقال: الذي تعمّد لا يحلّ له أن يرجع إلى صاحبه أبداً»، وأمّا عدم كفاية علمها بأنّها ذات بعل في الحرمة المؤبّدة فلصحيح ابن الحجّاج: «سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم، فطلّقها الأوّل أو مات عنها ثمّ علم الأخير أيراجعها؟ قال: لا، حتّى تنقضي عدّتها». نفس المصدر، ب 16 من تلك الأبواب،ح 3، ص 446. ولا يمكن تخصيصه بفرض جهلها بأنّ لها زوجاً، فإنّه تخصيص بفرض نادر. وراجع أيضاً الحديث الرابع من نفس الباب، ص 447.

(2) لقوّة احتمال انصراف الدخول إلى الدخول في القبل خاصّة في الروايات التي فرضت العدّة على الدخول من قبيل صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام): «سأله عن المرأة الحبلى يموت زوجها فتضع وتزوّج قبل أن تمضي لها أربعة أشهر وعشراً؟ فقال: إن كان دخل بها فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً، واعتدّت بما بقي عليها من الأوّل، واستقبلت عدّة اُخرى من الآخر ثلاثة قروء...». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 6، ص 452.

455

حكم العدّة، فلو عقد على امرأة في تلك المدّة لم تحرم عليه وإن كان عالماً ودخل بها، نعم، لا يصحّ العقد المذكور وله تجديده بعد العلم بالوفاة وانقضاء العدّة بعده(1).

 

مسائل:

الاُولى: من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أبداً اُمّ الغلام وإن علت، واُخته وبنته وإن سفلت(2)، ولو سبق عقدهنّ لم يَحرمْنَ وإن كان الأحوط الاجتناب(3)،



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «بل تحرم على الأحوط». ونِعْمَ ما أفاده(1).

(2) على الأقوى في الاُخت والبنت وعلى الأحوط في الاُمّ(2).

(3) من الواضح أنّ مقصود الماتن هو الاحتياط الاستحبابيّ، وهو صحيح(3).


(1) لشُبهة الإطلاق في صحيح محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام): «المرأة الحبلى يتوفّى عنها زوجها فتضع وتتزوّج قبل أن تعتدّ أربعة أشهر وعشراً؟ فقال(عليه السلام): إن كان الذي تزوّجها دخل بها فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً...». الوسائل ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 17 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 2، ص 450.

(2) أمّا في الاُخت والبنت فلصحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل يعبث بالغلام؟ قال: إذا أوقب حرمت عليه ابنته واُخته». الوسائل، ج 20، ب 15 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1 و6، ص 444 و445. وأمّا الاحتياط في الاُمّ رغم عدم ورود نصّ صحيح السند فيها فلشبهة مسلّميّة عدم الفرق فقهيّاً بينها وبين البنت والاُخت.

(3) فإنّ منشأ الاحتياط أمران:

الأوّل: صحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا: «في رجل يأتي أخا امرأته؟ فقال: إذا أوقبه فقدحرمت عليه المرأة». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ح 2، ص 444. لكنّه ساقط عن الحجّيّة بإعراض المشهور عنه.

456

وفي عموم الحكم للواطئ إذا كان صغيراً إشكال، والأظهر العدم(1)، ولا تحرم على الواطئ بنت اُخت الموطوء ولا بنت أخيه.

الثانية: لو دخل بصبيّة لم تبلغ تسعاً فأفضاها قيل: حرمت عليه أبداً، وهو ضعيف(2)ولا سيّما إذا اندمل الجرح فتجري لها وعليها أحكام الزوجة من النفقة وغيرها، بل تجب لها النفقة مادامت حيّةً وإن نشزت أو طلِّقت أو تزوّجت بعد الطلاق(3)، ولو أفضاها



(1) الأحوط وجوباً إلحاق ما إذا كان الموطوء بالغاً أو كان الواطئ صغيراً بوطء البالغ الغلام في التحريم(1).

(2) لضعف الحديث الدالّ عليه سنداً ودلالة(2).

(3) للنصّ(3).


والثاني: إطلاق دليل التحريم المتمثّل في صحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا في نفس المصدر، ح 1، ص 444 و6، ص 445، ولكن لا محيص عن حمله على ما قبل العقد؛ لمسلّميّة قاعدة (الحرام لا يحرّم الحلال) نصّاً وفتوىً، ووضوح أنّ عدم تحريم الحلال الفعليّ متيقّن منه.

(1) لشبهة احتمال التعدّي العرفيّ.

(2) وذلك الحديث عبارة عمّا رواه الكلينيّ عن عدّة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين، فرّق بينهما ولم تحلّ له أبداً». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 34 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 2، ص 494. وضعفه سنداً يكمن في سهل بن زياد وفي الإرسال، وضعفه دلالة يكمن في أنّه لم يفرض فيه الإفضاء ولا شكّ فقهيّاً في أنّ مجرّد الدخول بها قبل التسع سنين لا يوجب التحريم.

(3) وهو صحيح الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سألته عن رجل تزوّج جارية فوقع بها فأفضاها؟ قال: عليه الإجراء عليها مادامت حيّة». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 34 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 4، ص 494. والرواية مطلقة تشمل كلّ بكر صغيرة أو كبيرة.

457

بعد التسع لم تحرم عليه أيضاً، ولا تجب لها الدية مطلقاً، وتجب إذا أفضاها قبل التسع إذا كان(1) قد طلّقها، وقيل: مطلقاً، لكنّه ضعيف، والأظهر وجوب النفقة لها كما لو كان الإفضاء قبل التسع، ولو أفضى الأجنبيّة لم تحرم عليه أيضاً.

الثالثة: لو زنى بامرأة لم يحرم نكاحها عليه ولا على غيره(2) وإن كانت



(1) العبارة ركيكة والمفروض أن يقول: «إذا طلّقها»(1).

(2) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «ولكن يجب الاستبراء بحيضة سواء كان المريد زواجها نفس الزاني أو غيره»(2).


(1) والدليل على اختصاص الدية بفرض عدم بلوغ التسع وبفرض الطلاق صحيح حمران عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سئل عن رجل تزوّج جارية بكراً لم تدرك، فلمّا دخل بها افتضّها فأفضاها؟ فقال: إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقلّ من ذلك بقليل حين افتضّها فإنّه قد أفسدها وعطّلها على الأزواج فعلى الإمام أن يغرّمه ديتها، وإن أمسكها ولم يطلّقها حتّى تموت فلا شيء عليه». الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 34 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، ح 1، ص 493 ـ 494.

(2) الروايات في جواز الزواج للزاني بمن زنا بها قبل توبتها متضاربة، ومن النموذجين موجود في الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 11 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، والترجيح لروايات الجواز؛ لأنّ روايات المنع بين ما تقبل الحمل على الكراهة وبين ما هي معرض عنها عند المشهور؛ ولأنّ روايات الجواز تطابق إطلاق الكتاب ﴿وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ﴾. سورة 4 النساء، الآية: 24. نعم، لابدّ من استبراء رحمها بحيضة؛ لصحيح إسحاق بن جرير عن أبي عبدالله(عليه السلام): «قلت له: الرجل يفجر بالمرأة ثمّ يبدو له في تزويجها هل يحلّ له ذلك؟ قال: نعم، إذا هو اجتنبها حتّى تنقضي عدّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوّجها. وإنّما يجوز له أن يتزوّجها بعد أن يقف على توبتها» ـ وهي الرواية الرابعة من نفس الباب، ص 434 ـ ويُحمل ذيلها الدالّ على عدم الجواز ما لم تعرف توبتها على الكراهة.

458

مشهورةً بالزنا(1)، ولو زنا بذات بعل أو في عدّة رجعيّة حرمت أبداً عليه(2)، ولا فرق في ذات البعل بين الدائمة والمتمتَّع بها، والحرّة والأمة، الصغيرة والكبيرة، والمدخول بها وغيرها، والعالمة والجاهلة، ولا في البعل بين الحرّ والعبد، والصغير والكبير، ولا في الزاني بين العالم بكونها ذات بعل والجاهل بذلك، ولا يلحق بها



(1) أفاد اُستاذنا(رحمه الله): «المشهور والمشهورة بالزنا لا يجوز نكاحهما حتّى تظهر توبتهما على الأحوط، وعلى هذا لا يجوز الزواج من الفاحشة المحترفة للزنا ما لم تتب». ونِعْمَ ما قال(1).

(2) الدليل على التحريم الأبديّ إنّما ورد في فرض العقد لا الزنا، من قبيل صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام): في امرأة فقد زوجها أو نعي إليها فتزوّجت ثمّ قدم زوجها بعد ذلك فطلّقها، قال: «تعتدّ منهما جميعاً ثلاثة أشهر عدّة واحدة وليس للآخر أن يتزوّجها أبداً»(2)، ولا نتعدّى من ذلك إلى فرض الزنا.


(1) للنصوص المانعة عن نكاح المشهور والمشهورة بالزنا، راجع الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها. أمّا التنزّل من الفتوى إلى الاحتياط فإمّا بسبب شبهة إعراض المشهور أو بسبب النصّ الدالّ على جواز التمتّع بها منضمّاً إلى شبهة عدم الفصل بين التمتّع والدائم، وذاك النصّ عبارة عن حديث إسحاق بن جرير: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): إنّ عندنا بالكوفة امرأة معروفة بالفجور أيحلّ أن أتزوّجها متعة؟ قال: فقال: رفعت راية؟ قلت: لا، لو رفعت راية أخذها السلطان، قال(عليه السلام): نعم، تزوّجها متعة. قال: ثمّ أصغى إلى بعض مواليه فأسرّ إليه شيئاً، فلقيت مولاه فقلت له: ما قال لك؟ فقال: إنّما قال لي: ولو رفعت راية ما كان عليها في تزويجها شيء، إنّما يخرجها من حرام إلى حلال». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 9 من المتعة، ح 3، ص 29.

(2) الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 16 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها،ح 2، ص 446.

459

الموطوءة بالملك أو التحليل، كما لا يلحق بالعدّة الرجعيّة عدّة البائنة وعدّة الوفاة وعدّة وطء الشبهة ومدّة استبراء الأمة، وإذا زنت ذات البعل لم تحرم على بعلها(1).

الرابعة: لو عقد المحرم على امرأة عالماً بالتحريم حرمت أبداً، ولو كان جاهلا بطل العقد ولم تحرم.

الخامسة: لا تنحصر المتعة في عدد.

السادسة: لو طلّقت الحرّة ثلاثاً حرمت حتّى تنكح زوجاً غيره، ولو طلّقت



(1) على المشهور شهرة عظيمة وهو الحقّ(1).


(1) وتدلّ على عدم التحريم ـ مضافاً إلى استصحاب الحلّ لو تعارضت الأدلّة ـ روايات: (الحرام لا يحرّم الحلال) الواردة في الوسائل، ج 20 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 8 ممّا يحرم بالمصاهرة ونحوها، مضافاً إلى موثّقة عباد بن صهيب عن جعفر بن محمّد(عليه السلام) قال: «لا بأس أن يمسك الرجل امرأته إن رآها تزني إذا كانت تزني وإن لم يقم عليها الحدّ، فليس عليه من إثمها شيء». نفس المصدر، ب 12 من تلك الأبواب، ح 1، ص 436.

نعم، إذا زنت بأجنبيّ وكان الوطء بالنسبة إلى الأجنبيّ عن شبهة فقد يقال: لعلّ هذا الوطء المحلّل للواطئ بالشبهة يورث الحرمة ولا تنافي ذلك روايات (الحرام لا يحرّم الحلال).

ولكن يكفي في الحكم بالحلّ موثّقة عباد بن صهيب التي ذكرناها.

وفي مقابل كلّ هذا قد يستدلّ على كون زنا ذات البعل موجباً لحرمتها الأبديّة على زوجها بصحيح الفضل بن يونس قال: «سألت أبا الحسن موسى بن جعفر(عليه السلام) عن رجل تزوّج امرأة فلم يدخل بها فزنت؟ قال: يفرّق بينهما وتحدّ الحدّ ولا صداق لها». الوسائل، ج 21 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 6 من العيوب والتدليس، ح 2، ص 218.

ولكن المشهور لم يعملوا بهذا الحديث، فيسقط عن الحجّيّة بالإعراض.