343

المعاملات

22

 

 

 

 

كتاب الوصيّة

 

 

 

○  أقسام الوصيّة وأحكامها.

○  شروط الموصي.

○  الموصى به.

○  الموصى له.

○  الوصيّ.

○  منجّزات المريض.

345

 

 

 

 

 

[أقسام الوصيّة وأحكامها:]

وهي قسمان: تمليكيّة بأن يجعل شيئاً من تركته لزيد أو للفقراء ـ مثلا ـ بعد وفاته، فهي وصيّة بالملك أو الاختصاص. وعهديّة بأن يأمر بالتصرّف بشيء يتعلّق به من بدن أو مال، كأن يأمر بدفنه في مكان معيّن أو زمان معيّن، أو يأمر بأن يُعطى من ماله أحداً، أو يُستناب عنه في الصوم والصلاة من ماله، أو يوقف ماله، أو يباع، أو نحو ذلك، فإن وجّه أمره إلى شخص معيّن فقد جعله وصيّاً عنه وجعل له ولاية التصرّف، وإن لم يوجِّه أمره إلى شخص معيّن كما إذا قال: أوصيت بأن يحجّ عنّي، أو يصام عنّي، أو نحو ذلك فلم يجعل له وصيّاً معيّناً كان تنفيذه من وظائف الحاكم الشرعيّ.

(مسألة: 1) الوصيّة العهديّة لا تحتاج إلى قبول، سواء لم يجعل له وصيّاً أم جعل. نعم، لو ردّ الموصَى إليه في حال حياة الموصي وبلغه الردّ لم يلزمه العمل بالوصيّة (1). وأمّا التمليكيّة: فإن كان التمليك للنوع كالوصيّة للأقارب والفقراء



(1) بشرط أن يكون بإمكان الموصي عند بلوغ الردّ إليه الإيصاء إلى غيره، وإلّا لزم(1) ما لم يوجب الحرج، كما أفاد ذلك اُستاذنا(قدس سره).


(1) راجع الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت ب 23 من كتاب الوصايا، على الخصوص صحيحة منصور بن حازم، وهي الحديث الثالث من ذاك الباب، ص 320.

346

فهي أيضاً لا تحتاج إلى قبول، وإن كان لشخص معيّن كما إذا قال: « هذا المال لزيد » فالمشهور احتياجها إلى القبول من الموصَى له، والأظهر عدمه. نعم، لو ردّ الموصَى له كان الردّ موجباً للبطلان (1).

(مسألة: 2) تتضيّق الواجبات الموسّعة عند ظهور أمارة الموت، كقضاء الصلاة والصيام، وأداء الكفّارات والنذور، ونحوها من الواجبات البدنيّة المطلقة فتجب المبادرة إلى أدائها (2)، وإذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإيصاء به



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «لا يبعد عدم البطلان بالردّ حال حياة الموصي، فلو لم يردّ الموصى إليه [يقصد الموصى له]بعد وفاة الموصي، نفذت الوصيّة» وهذا المقدار الذي أفاده(قدس سره) لا شكّ في صحّته(1).

(2) الواجبات على قسمين:

أحدهما: ما لا يتضيّق وقتها لحين الحياة، كأداء الأمانة التي لم تتضيّق بمثل مطالبة صاحب الأمانة، أو فوات وقتها، فبإمكان المكلّف أن يؤجّل العمل بذلك حتّى الموت مادام واثقاً بأنّ الورثة مثلاً سيقومون بذلك قبل فوات الأوان ولو بسبب وصيّته هو.

والآخر: ما يكون وقته مدّة الحياة، كالصلاة والصوم وأداء الكفّارة ونحو ذلك.

وهذا على قسمين:

أحدهما: ما تجب عليه المباشرة فيه، كالصلاة والصوم، وهذا حكمه واضح.

والآخر: ما يقبل التوكيل، كأداء الكفّارات، فقد يتخيّل في مثل ذلك أنّه مادام قابلاً


(1) لأنّ الموصي لم يملّك الموصى له لحال حياته حتّى يقترب احتمال مبطليّة ردّ الموصى له، وعليه فتحكم إطلاقات نفوذ الوصيّة بلا إشكال.

ولولا فرض إجماع أو تسالم على مبطليّة الردّ بعد الموت إن لم يكن مسبوقاً بالقبول، لم يبعد القول بعدم مبطليّته مطلقاً، والله العالم.

347

والإعلام به على الأقوى، إلّا أن يعلم بقيام الوارث أو غيره به. وأمّا أموال الناس من الوديعة والعارية ومال المضاربة ونحوها ممّا يكون تحت يده فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلى أدائه إلّا إذا خاف عدم أداء الوارث، ويجب الإيصاء به والإشهاد عليه إذا كان يتوقّف عليهما الأداء، وإلّا لم يجب، ومثلها الديون التي عليه مع عدم مطالبة الدائن، أمّا مع مطالبته فيجب المبادرة إلى أدائها وإن لم يخف الموت.

(مسألة: 3) يكفي في تحقّق الوصيّة كلّ مادلّ عليها من لفظ صريح أو غير صريح أو فعل وإن كان كتابةً أو إشارة، بلا فرق بين صورتي الاختيار وعدمه، بل يكفي وجود مكتوب بخطّه أو بإمضائه بحيث يظهر منه إرادة العمل به بعد موته، وإذا قيل له: هل أوصيت ؟ فقال: لا، فقامت البيّنة على وقوع الوصيّة منه كان العمل على البيّنة ولم يعتدَّ بخبره. نعم، إذا كان قد قصد إنشاء العدول عن الوصيّة صحّ العدول منه، وكذا الحكم لو قال: نعم، وقامت البيّنة على عدم الوصيّة منه، فإنّه إن قصد الإخبار كان العمل على البيّنة، وإن قصد إنشاء الوصيّة صحّ الإنشاء وتحقّقت الوصيّة.



للتوكيل، ومادام بالإمكان العمل به بعد موته، إذن يجوز له أن يؤخّره لما بعد موته مع وثوقه بالعمل بذلك بعد موته ولو بسبب الوصيّة.

ولكن الواقع أنّ هذا كان من واجبات زمان حياته، وبالموت يصبح واجباً تَرَكه في وقته، وإنّما كان يقبل التوكيل من باب أنّ فعل الوكيل في مثل ذلك كان ينسب إلى الموكّل، أو قل: مادام أنّ بذل المال كان من قبل الموكّل كان ينسب أداء الكفّارة إلى نفس الموكّل، فلو تركه حتّى عن هذا الطريق فقد ترك الواجب في حال حياته، وهذا لا يجوز. نعم، لو قصّر في ذلك وجبت عليه الوصيّة والإعلام به، لكن هذا لا يعني أنّه لم يخالف واجباً.

348

(مسألة: 4) ردّ الموصَى له في الوصيّة التمليكيّة مبطل لها إذا كان بعد الموت ولم يسبق بقبوله (1)، أمّا إذا سبقه القبول بعد الموت أو في حال الحياة فلا أثر له، وكذا الردّ حال الحياة بعد القبول على الأقوى (2).

(مسألة: 5) لو أوصى له بشيئين فقبل أحدهما وردّ الآخر صحّت في ما قبل وبطلت في ما ردّ (3)، وكذا لو أوصى له بشيء واحد فقبل في بعضه وردّ في الآخر (4).

(مسألة: 6) لا يجوز للورثة التصرّف في العين الموصَى بها قبل أن يختار الموصَى له أحد الأمرين من الردّ والقبول (5)، وليس لهم إجباره على الاختيار معجّلا، إلّا أن يلزم الضرر ففيه إشكال.

(مسألة: 7) إذا مات الموصَى له قبل قبوله وردّه قام وارثه مقامه في ذلك، فله القبول أو الردّ إذا لم يرجع الموصي من وصيّته، ولا فرق بين أن يموت في حياة الموصي أو بعد وفاته (6).



(1) لم نجد دليلاً يمكن الاعتماد عليه على تأثير الردّ في هذه الحالة عدا التسالم والإجماع.

(2) لا يبعد عدم تأثير الردّ حال الحياة حتّى قبل القبول، لأنّنا لو اعتمدنا على التسالم والإجماع، فهذا غير ثابت في الردّ في حال الحياة.

(3) ظهر ممّا سبق: أنّ الردّ إن كان ماضياً فإنّما هو في الردّ بعد موت الموصي وقبل القبول.

(4) قد عرفت تعليقنا ممّا سبق.

(5) وبتعبير أدقّ: قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من الردّ وعدمه. هذا بناءً على كون ردّه مبطلاً.

(6) فصّل اُستاذنا الشهيد(قدس سره) بين ما لو مات بعد وفاة الموصي، فالمال لوارث الموصى له؛ لأنّ المفروض أنّ الموصى له لم يردّ، فقد ملك المال، وانتقل ماله لوارثه، ولا أثر لردّ وارثه أو عدم ردّه؛ لأنّ المال انتقل إليه بالإرث لا بالوصيّة، وما لو مات قبل وفاة الموصي، فعندئذ اُنيط انتقال المال إلى الوارث بعد موت الموصي بعدم ردّه، فإن لم يردّ كان له.

349

(مسألة: 8) الظاهر أنّ الوارث يتلقّى المال الموصَى به من مورِثه



وكلامه(قدس سره) له وجه فقهيّ بعد البناء على أنّ الموصى له له حقّ الردّ وعدم الردّ(1).


(1) الشقّ الأوّل من كلامه(قدس سره) ـ وهو: أنّه لومات الموصى له بعد وفاة الموصي انتقل المال لوارثه ـ واضح الصحّة.

وأمّا الشقّ الثاني لكلامه وهو: أنّه لو مات قبل وفاة الموصي اُنيط انتقال المال إلى الوارث بعدم ردّه، فإن لم يردّ كان له، فهذا يمكن تخريجه وفق القاعدة، ويمكن تخريجه وفق النصوص الخاصّة:

أمّا تخريجه وفق القاعدة، فبأن يقال: إنّ الموصى له كان له حقّ الردّ وحقّ عدم الردّ، ومن الواضح أنّ حقّ عدم الردّ حقّ ماليّ، فيورث، فالوارث إذن له حقّ عدم الردّ حتّى يمتلك المال، ويمكن النقاش في ذلك بعدم وضوح كون عدم الردّ حقّاً، فلعلّه لا يوجد إلّا جواز عدم الردّ، أو قل: عدم وجوب الردّ، وهذا ليس شيئاً يورث.

وأمّا تخريجه وفق النصوص الخاصّة، فبأن يتمسّك بصحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «قضى أمير المؤمنين(عليه السلام) في رجل أوصى لآخر والموصى له غائب، فتوفّي الموصى له ـ الذي اُوصي له ـ قبل الموصي، قال: الوصيّة لوارث الذي اُوصي له. قال: ومن أوصى لأحد شاهداً كان أو غائباً فتوفّي الموصى له قبل الموصي، فالوصيّة لوارث الذي أوصى له، إلّا أن يرجع في وصيّته قبل موته». الوسائل، ج 19، ب 30 من الوصايا، ح 1، ص 333 ـ 334.

إلّا أنّ هذا الحديث معارَض بصحيحة أبي بصير ومحمّد بن مسلم عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «سُئل عن رجل أوصى لرجل فمات الموصى له قبل الموصي، قال: ليس بشيء». نفس المصدر، ح 4، ص 335 بناءً على تفسير جملة «ليس بشيء» بمعنى: أنّ الوصيّة قد بطلت.

وقد تُقدّم الصحيحة الاُولى على هذه الصحيحة بأقوائيّة الدلالة؛ إذ من المحتمل أن يكون معنى «ليس بشيء»ليس هذا شيئاً ينقض الوصيّة.

وقال الشيخ الحرّ(قدس سره): يمكن حمل الحديث الثاني على التقيّة؛ لأنّه مذهب أكثر العامّة.

350

الموصَى له (1)، فتخرج منه ديونه ووصاياه، ولا ترث منه الزوجة إذا كان أرضاً، وترث قيمته إن كان نخلا أو بناءً، ويكون المدار على الوارث للموصَى له عند موته، لا الوارث عند موت الموصي (2)، وإذا مات الوارث في حياة الموصي أيضاً ففي انتقال الموصَى به إلى ورثته أيضاً إشكال (3)، وكذا الإشكال لو قبل بعض الورثة دون بعض (4).



(1) أفاد اُستاذنا(قدس سره): «هذا إذا كان الموصى له قد مات بعد موت الموصي، وأمّا إذا كان قد مات في حياته، فالمال ينتقل إلى وارث الموصى له من الموصي ابتداءً، ولا تجري عليه أحكام تركة الموصى له».

أقول: ولهذا الكلام تخريجان فقهيّان(1).

(2) المدار على الوارث للموصى له عند موته على كلّ حال، سواء فرضناه يتلقّى المال من الموصى له أو فرضناه يتلقّاه من الموصي، كما أفاده اُستاذنا(قدس سره).

(3) فلو آمنّا بأنّ الانتقال إلى الوارث الأوّل كان بمقتضى القاعدة بسبب إرثه لحقّ الردّ وعدمه، ثبت أيضاً ذلك للوارث الثاني(2)، وإلّا فلا.

(4) لو لم يردّ بعضهم، فلا إشكال في انتقال الموصى به إليهم، ولو اختلفوا في الردّ


(1) فتخريجه وفق القاعدة يتوقّف على القول بأنّ الوارث ورث من الموصى له حقّ الردّ وعدم الردّ، وأنّ هذا حقّ متقوّم بذات الوارث لا يقبل البيع، فإن لم يردّ انتقل المال من الموصى إليه ابتداءً، وقد اتّضح نقاش في هذا الوجه من نقاشنا في التعليق السابق على التخريج وفق القاعدة، وتخريجه وفق النصّ عبارة عن التمسّك بصحيحة محمّد بن قيس الماضية، حيث قال: «فالوصيّة لوارث الذي أوصى له» أو قال: «الوصيّة لوارث الذي اُوصي له».

(2) أمّا لو آمنّا بأنّ الانتقال إلى الوارث الأوّل يكون بسبب صحيحة محمّد بن قيس الماضية، فهي غيرشاملة للوارث الثاني.

وأمّا إذا مات بعد موت الموصي، فلا إشكال في انتقال الموصى به إلى ورثته.

351

(مسألة: 9) إذا أوصى إلى أحد أن يعطي بعض تركته لشخص ـ مثلا ـ فهل يجري الحكم المذكور من الانتقال إلى الوارث لو مات في حياة الموصي بتمليكه ؟ إشكال، والأظهر العدم.

 

[ شروط الموصي: ]

(مسألة: 10) يشترط في الموصي اُمور:

الأوّل: البلوغ، فلا تصحّ وصيّة الصبيّ إلّا إذا بلغ عشراً (1) وكان قد عقل، وكانت وصيّته في وجوه الخير والمعروف.



وعدمه، فإن كان موت الموصى له بعد موت الموصي، فأيضاً لا إشكال في انتقال الموصى به إلى الجميع بالإرث؛ لأنّ الموصى له مات بعد الموصي من دون ردّ حسب الفرض، فإذا ثبت إجماع على مبطليّة الردّ بعد موت الموصي، فالإجماع لم يشمل الفرض، وإن كان موت الموصى له في حياة الموصي، فالظاهر نفوذ الوصيّة بمقدار حصّة من لم يردّ بعد فرض أنّ الردّ يبطل الوصيّة بسبب الإجماع.

(1) أفاد اُستاذنا(قدس سره): «هذا فيما إذا أوصى بالثلث، وأمّا إذا أوصى بجزء يسير منه، فالأحوط للورثة إنفاذ وصيّته إذا كان ابن سبع سنين وتوفّر الشرطان الآخران». ونِعمَ ما أفاد(1).


(1) وذلك لصحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله(عليه السلام) أنّه قال: «إذا بلغ الغلام عشر سنين وأوصى بثلث ماله في حقّ، جازت وصيّته، وإذا كان ابن سبع سنين فأوصى من ماله باليسير في حقّ، جازت وصيّته». الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 44 من الوصايا، ح 2، ص 361.

أمّا السبب في التنزّل من الإفتاء بذلك إلى الاحتياط، فهو ما قد يقال: من إعراض الأصحاب عن ذلك.

352

الثاني: العقل، فلا تصحّ وصيّة المجنون والمغمى عليه والسكران حال جنونه وإغمائه وسكره، وإذا أوصى حال عقله ثمّ جُنَّ أو سكر أو اُغمي عليه لم تبطل وصيّته.

الثالث: الاختيار، فلا تصحّ وصيّة المكرَه.

الرابع: الرشد، فلا تصحّ وصيّة السفيه في ماله إذا لم تكن وصيّةً بالمعروف (1)، وتصحّ في غيره.

الخامس: الحرّيّة.

السادس: أن لا يكون قاتل نفسه، فإذا أوصى بعد ما أحدث في نفسه ما يوجب هلاكه من جرح أو شرب سمٍّ أو نحو ذلك لم تصحّ وصيّته إذا كانت في ماله، أمّا إذا كانت في غيره من تجهيز ونحوه صحّت، وكذا إذا فعل ذلك لا عن عمد بل كان خطأً أو سهواً، أو كان لا بقصد الموت بل لغرض آخر، أو على غير وجه العصيان مثل الجهاد في سبيل الله، وكذا إذا عُوفي ثمّ أوصى، بل الظاهر الصحّة أيضاً إذا أوصى بعد ما فعل السبب ثمّ عوفي ثمّ مات.

(مسألة: 11) إذا أوصى قبل أن يحدث في نفسه ذلك ثمّ أحدث فيها صحّت وصيّته وإن كان حين الوصيّة بانياً على أن يحدث ذلك بعدها.

(مسألة: 12) تصحّ الوصيّة من كلٍّ من الأب والجدّ بالولاية على الطفل مع فقد الآخر، ولا تصحّ مع وجوده.

(مسألة: 13) لا يجوز للحاكم الوصيّة بالولاية على الطفل بعد موته، بل بعد موته يرجع إلى غيره.



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «الأحوط للورثة إنفاذها». ونِعمَ ما أفاد(1).


(1) لاحتمال أنّ إطلاقات الحجر على السفيه مختصّة بحفظ ماله حال حياته امتناناً عليه.

353

(مسألة: 14) لو أوصى للأطفال واحد من أرحامهم أو غيرهم بمال وجعل أمره إلى غير الأب والجدّ وغير الحاكم لم يصحَّ، بل يكون للأب والجدّ مع وجود أحدهما، وللحاكم مع فقدهما (1). نعم، لو أوصى أن يبقى ماله بيد الوصيّ حتّى يبلغوا فيملِّكهم إيّاه صحّ، وكذا إذا أوصى أن يصرف ماله عليهم من دون أن يملِّكهم إيّاه.

(مسألة: 15) يجوز أن يجعل الأب والجدّ الولاية والقيمومة على الأطفال لاثنين أو أكثر، كما يجوز جعل الناظر على القيِّم المذكور، ويجوز جعل الناظر له أيضاً، كما يأتي في الناظر على الوصيّ.

(مسألة: 16) إذا قال الموصي لشخص: أنت وليّ وقيّم على أولادي القاصرين وأولاد ولدي ولم يقيِّد الولاية بجهة بعينها جاز له التصرّف في جميع الشؤون المتعلّقة بهم من: حفظ نفوسهم، وتربيتهم، وحفظ أموالهم، والإنفاق عليهم، واستيفاء ديونهم، ووفاء ما عليهم من نفقات أو ضمانات أو حقوق شرعيّة واجبة كالخمس (2)، أو مستحبّة كالزكاة في بعض الموارد، أو غير ذلك من الجهات. وإذا قيّد الولاية بجهة دون جهة وجب على الوليّ الاقتصار على محلّ الإذن دون غيره من الجهات، وكان المرجع في الجهات الاُخرى الحاكم الشرعيّ (3).

(مسألة: 17) يجوز للقيّم على اليتيم أن يأخذ اُجرة مثل عمله إذا كان له اُجرة وكان فقيراً، أمّا إذا كان غنيّاً ففيه إشكال، والأحوط الترك.



(1) نحن نعتقد أنّه لا تشترط في الولاية على أموال الأطفال بعد الأب والجدّ والوصيّ الفقاهة، بل تكفي العدالة أو الوثوق.

(2) فيما لو قلنا بتعلّق الخمس بمال الطفل.

(3) قلنا في الولاية على مال الأطفال: لا تشترط الفقاهة، وتكفي العدالة أو الوثوق.

354

 

فصل في الموصَى به:

(مسألة: 1) يشترط في الموصَى به أن يكون ممّا له نفع محلّل معتدّ به، سواء أكان عيناً موجودةً أم معدومةً إذا كانت متوقّعة الوجود، كما إذا أوصى بما تحمله الجارية أو الدابّة، أو منفعة لعين موجودة أو معدومة متوقّعة الوجود، أو حقّ من الحقوق القابلة للنقل، مثل حقّ التحجير ونحوه، لامثل حقّ القذف ونحوه ممّا لا يقبل الانتقال إلى الموصَى له.

(مسألة: 2) إذا أوصى لزيد بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها في غير الشرب، أو أوصى بآلات اللهو إذا كان ينتفع بها إذا كسِّرت صحّ.

(مسألة: 3) يشترط في الموصَى به أن لا يكون زائداً على الثلث، فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد إلّا مع إجازة الوارث، وإذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصّة المجيز دون الآخر، وإذا أجازوا في بعض الموصَى به وردّوا في غيره صحّ فيما أجازوا وبطل في غيره.

(مسألة: 4) لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة، وفي الاجتزاء بها حال الحياة قولان، أقواهما الأوّل (1)، وليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي، ولا بعد وفاته، كما لا أثر للردِّ إذا لحقته الإجازة، ولا فرق بين



(1) بل هو المتعيّن؛ للنصّ(1).


(1) لصحيحتي محمّد بن مسلم ومنصور بن حازم عن أبي عبدالله(عليه السلام): «في رجل أوصى بوصيّة وورثته شهود، فأجازوا ذلك، فلمّا مات الرجل نقضوا الوصيّة، هل لهم أن يردّوا ما أقرّوا به؟ فقال: ليس لهم ذلك، والوصيّة جائزة عليهم إذا أقرّوا بها في حياته». الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 13 من الوصايا، ح 1، ص 284.

355

وقوع الوصيّة حال مرض الموصي وحال صحّته، ولا بين كون الوارث غنيّاً وفقيراً.

(مسألة: 5) لا يشترط في نفوذ الوصيّة قصد الموصي أنّها من الثلث الذي جعله الشارع له، فإذا أوصى بعين غير ملتفت إلى الثلث وكانت بقدره أو أقلّ صحّ، وإذا قصد كونها من ثلثي الورثة فإن أجازوا صحّ، وإلّا بطل. وإن قصد كونها من الأصل نفذت الوصيّة في ثلثها وتوقّفت في ثلثيها على إجازة الورثة. هذا إذا أوصى بثلث الباقي، كما إذا قال: فرسي لزيد وثلثي من باقي التركة لعمرو، فإنّه تصحّ وصيّته لعمرو. وأمّا وصيّته لزيد فتصحّ إذا رضي الورثة، وإلّا صحّت في ثلث الفرس، أمّا إذا لم يوصِ بالثلث فإن لم تكن زائدةً على الثلث نفذت، وإن زادت على الثلث توقّف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.

(مسألة: 6) إذا أوصى بعين معيّنة أو بمقدار كلّيٍّ من المال كألف دينار يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقلّ أو أزيد بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصيّة. فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصيّة وحين الموت صارت بمقدار الثلث: إمّا لنزول قيمتها، أو لارتفاع قيمة غيرها، أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصيّة صحّت الوصيّة في تمامها. وإذا كانت حين الوصيّة بمقدار الثلث فصارت أزيد من الثلث حال الموت: إمّا لزيادة قيمتها، أو لنقصان قيمة غيرها، أو لخروج بعض أمواله عن الملكيّة نفذت الوصيّة بما يساوي الثلث وبطلت في الزائد، إلّا إذا أجاز الورثة. وإذا أوصى بكسر مشاع كالثلث: فإن كان حين الوفاة مساوياً له حين الوصيّة فلا إشكال في صحّة الوصيّة بتمامه، وكذا إذا كان أقلّ فتصحّ فيه بتمامه حين الوفاة. أمّا إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصيّة كما لو تجدّد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجدّدة، أو يقتصر على ثلث المقدار حين الوصيّة ؟ لا يخلو من إشكال، وإن كان الأقوى

356

الأوّل، إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الوصيّة بثلث الأعيان الموجودة حين الوصيّة لا غير، فإذا تبدّلت أعيانها لم يجب إخراج شيء أو بمقدار ثلث الموجود حينها، وإن تبدّلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد، وكذا إذا كان كلامه محفوفاً بما يوجب إجمال المراد، فإنّه يقتصر على القدر المتيقّن وهو الأقلّ.

(مسألة: 7) يحسب من التركة ما يملكه بعد الموت، كالدية في الخطأ، وكذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميّت، وكما إذا نصب شبكةً في حياته فوقع فيها شيء بعد وفاته (1)، فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به، وإذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته وبضمّ الدية ونحوها تساوي الثلث تنفذ وصيّته فيها بتمامها.

(مسألة: 8) إنّما يحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل من الديون الماليّة، فإذا أخرج جميع الديون الماليّة من مجموع التركة كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصيّة.

(مسألة: 9) إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرّع متبرّع في أدائه بعد وفاته لم يكن مستثنىً من التركة، وكان بمنزلة عدمه.

(مسألة: 10) لابدّ في إجازة الوارث الوصيّة الزائدة على الثلث من إنشاء



(1) بناءً على أنّ هذا يوجب الملكيّة برغم موت ناصب الشبكة(1).


(1) وكأنّ مدرك ذلك دعوى البناء العقلائيّ غير المردوع، مع التعدّي من مورد النصّ المصرّح بدخول الدية في التركة وأحكامها، من قبيل: صحيحة محمّد بن قيس، قال: «قلت له: رجل أوصى لرجل بوصيّة من ماله: ثلث أو ربع، فيقتل الرجل خطأً ـ يعني الموصي ـ فقال: يجاز لهذه الوصيّة من ماله ومن ديته». الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 14 من الوصايا، ح 1، ص 285. فيدّعى أنّ هذا هو حكم كلّ ما يدخل في ملكه بعد موته.

357

إمضاء الوصيّة وتنفيذها، ولا يكفي فيها مجرّد الرضا النفسانيّ.

(مسألة: 11) إذا عيّن الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعيّن، وإذا فوّض التعيين إلى الوصيّ فعيّنه في عين مخصوصة أيضاً تعيّن بلا حاجة إلى رضا الوارث، وإذا لم يحصل منه شيء من ذلك كان ثلثه مشاعاً في التركة، ولا يتعيّن في عين بعينها بتعيين الوصيّ إلّا مع رضا الورثة.

(مسألة: 12) الواجبات الماليّة تخرج من الأصل وإن لم يوصِ بها الموصي، وهي الأموال التي اشتغلت بها ذمّته، مثل المال الذي اقترضه، والمبيع الذي باعه سلفاً، وثمن ما اشتراه نسيئة، وعوض المضمونات، وأرش الجنايات، وكالخمس والزكاة، وردّ المظالم، والكفّارات الماليّة، مثل جملة من كفّارات الإحرام، ومثل فدية الصوم، والنذور الماليّة لله تعالى كنذر الصدقة (1)، والشروط للناس التي لم يؤدِّها ممّا يشرع فيها النيابة، ونحو ذلك. وأمّا الكفّارة المخيَّرة بين الإطعام والصيام ففي كونها من الديون الماليّة إشكال، وكذا النذور العباديّة، مثل ما إذا نذر لله تعالى أن يصوم أو يصلّي وإن كان ذلك فيها الأظهر (2).

(مسألة: 13) إذا تلف من التركة شيء بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات الماليّة من الباقي وإن استوعبه، وكذا إذا غصب بعض التركة. وإذا تمرّد



(1) أفاد اُستاذنا(قدس سره): أنّ «الظاهر في الكفّارة والفدية والنذر عدم الخروج من أصل التركة وإن كان الأحوط استحباباً ذلك». ونِعمَ ما أفاد(1).

(2) يقصد: أنّ الأظهر فيها ثبوت الإشكال. وقد عرفت أنّنا لا نقبل بخروج النذور الماليّة من الأصل فضلاً عن النذور العباديّة.


(1) لأنّ هذه ليست ديوناً بشريّة، وإنّما هي واجبات إلهيّة.

358

بعض الورثة عن وفاء الدين لم يسقط من الدين ما يلزم في حصّته، بل يجب على غيره وفاء الجميع (1) كما يجب عليه. ثمّ إذا وفّى غيره تمام الدين (2): فإن كان بإذن الحاكم الشرعيّ رجع على المتمرّد بالمقدار الذي يلزم في حصّته، وإذا كان بغير إذن الحاكم الشرعيّ ففي رجوعه عليه بذلك المقدار إشكال.



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «هذا هو الأحوط، ولكن لا يبعد عدم كون الغير مسؤولاً عن الدين في هذا الفرض، إلّا بمقدار نسبته في حصّته، ففرق بين صورة تلف بعض التركة أو اغتصاب الأجنبيّ له، وصورة إنكار بعض الورثة للدين».

أقول: لا تبعد صحّة ما أفاده(1).

(2) قوله: «ثمّ إذا وفّى غيره تمام الدين... إلى آخر المسألة»: لم يبقَ موضوع لهذا الذيل في هذه المسألة بعد ما أفاد اُستاذنا(رحمه الله) من انحلال الحكم بالمسؤوليّة على مقادير حصصهم(2).


(1) كأنّ مقصوده(قدس سره): أنّ المخاطبين الأصليّين بتقديم الدين على الإرث هم نفس الورثة، وتقديم الدين واجب عليهم جميعاً، فلو تلف أو سرق بعض المال من قبل أجنبيّ، كان على الورثة أيضاً تقديم الدين على الإرث. أمّا إذا تمرّد بعض الورثة، فالخطاب بتقديم الدين على الإرث متوجّه إلى كلّ الورّاث بما فيهم الوارث المتمرّد خطاباً انحلاليّاً يثبت على كلّ واحد منهم بقدر حصّته، فلا يجب على غير المتمرّد منهم دفع ما وجب على المتمرّد.

(2) كأنّ مقصود المصنّف(قدس سره): أنّه مادام الخطاب ليس انحلاليّاً على مقدار الحصص، فالوارث الذي دفع الدين من التركة إنّما يأخذ من الوارث الآخر المتمرّد ما خسره بهذا السبب إن كان دفعه للدين بإذن السلطان الذي هو وليّ الممتنع، فالسلطان ـ في الحقيقة ـ قد أدّى عن المتمرّد ما كان عليه أن يؤدّي، فيأخذ غير المتمرّد من المتمرّد كي يدفعه للسلطان. أمّا إن لم يكن الأمر كذلك، ففي رجوع غيرالمتمرّد إلى المتمرّد في ما تمرّد فيه إشكال.

وهذا الكلام ـ كما ترى ـ لم يبقَ له مجال بناءً على انحلال المسؤوليّة على الورثة بقدر الحصص.

359

(مسألة: 14) الحجّ الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل، وكذا الواجب بالنذر على الأقوى (1).



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «إلحاق الحجّ النذريّ بحجّة الإسلام في الإخراج من أصل التركة وإن كان هو الأحوط، ولكن لا يبعد عدم لزوم ذلك، وكونه من الثلث». وما أفاده(قدس سره) وجيه(1).


(1) خير ما يمكن الاستدلال به لما قوّاه الماتن صحيح مسمع: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): كانت لي جارية حبلى، فنذرت لله عزّوجلّ إن ولدت غلاماً أن اُحجّه أو اُحجّ عنه؟ فقال(عليه السلام): إنّ رجلاً نذر لله عزّ وجلّ في ابن له إن هو أدرك أن يحجّ عنه أو يحجّه، فمات الأب وأدرك الغلام بعدُ، فأتى رسول الله(صلى الله عليه وآله) الغلام فسأله عن ذلك، فأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يحجّ عنه ممّا ترك أبوه». الوسائل، ج 23 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 16 من النذر والعهد، ص 316.

ووجه الاستدلال: أنّ كلمة «ممّا ترك أبوه» ظاهرها الحجّ عنه من أصل التركة.

إلّا أنّ هذا الظهور هنا لا يخلو من شيء من الغموض؛ لإمكان وقوع فاصل كبير بين موت الأب وإدراك الولد، ومع هذا الفرض يكون المقصود: أنّه(صلى الله عليه وآله) أمره بالحجّ ممّا ورثه من أبيه، ولو كان له ظهور مّا في الحجّ من أصل التركة فلا يقاوم هذا الظهور التصريح الوارد في صحيح ضريس وصحيح ابن أبي يعفور بالحجّ من الثلث.

والصحيحان هما:

1 ـ صحيح ضريس الكناسي، قال: «سألت أبا جعفر(عليه السلام) عن رجل عليه حجّة الإسلام نذر نذراً في شُكر ليحجّن به رجلاً إلى مكّة، فمات الذي نذر قبل أن يحجّ حجّة الإسلام ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر، قال: إن ترك مالاً يحجّ عنه حجّة الإسلام من جميع المال واُخرج من ثلثه ما يحجّ به رجلاً لنذره وقد وفى بالنذر، وإن لم يكن ترك مالاً إلّا بقدر ما يحجّ به حجّة الإسلام، حجّ عنه بما ترك، ويحجّ عنه وليّه حجّة النذر، إنّما هو مثل دين عليه». الوسائل، ج 11 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 29 من وجوب الحجّ وشرائطه، ح 1، ص 74.

360

(مسألة: 15) إذا أوصى بوصايا متعدّدة متضادّة كان العمل على الثانية، وتكون ناسخةً للاُولى، فإذا أوصى بعين شخصيّة لزيد ثمّ أوصى بها لعمرو اُعطيت لعمرو، وكذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثمّ أوصى به لعمرو. وإذا أوصى بثلثه لزيد ثمّ أوصى بنصفه لعمرو(1) كان الثلث بينهما على السويّة، وكذا إذا أوصى بعين شخصيّة لزيد ثمّ أوصى بنصفها لعمرو فتكون الثانية ناسخةً للاُولى بمقدارها.

(مسألة: 16) إذا أوصى بوصايا متعدّدة غير متضادّة وكانت كلّها واجبات ماليّةً أو نحوها ممّا يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل وإن زادت على الثلث، وإن كانت كلّها واجبات بدنيّةً اُخرجت من الثلث، فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة اُخرجت جميعها، وإن لم يجز الورثة: فإن كانت مرتّبةً بأن ذكرت في كلام الموصي واحدةً بعد اُخرى كما إذا قال: « اُعطوا عنّي صوم عشرين سنةً وصلاة عشرين سنة » اُخذ بالسابق وكان النقص على اللاحق (2)، وإن كانت غير



(1) يعني: نصف الثلث.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): هذا «إذا استظهر عرفاً من التقديم كونه بملاك الأهمّيّة على نحو يقدّم في مورد التزاحم، وإلّا ورد النقص على الجميع». ونِعمَ ما أفاده(1).


2 ـ صحيح عبدالله بن أبي يعفور، قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): رجل نذر لله إن عافى الله ابنه من وجعه ليحجّنّه إلى بيت الله الحرام، فعافى الله الابن ومات الأب، فقال: الحجّة على الأب يؤدّيها عنه بعض ولده. قلت: هي واجبة على ابنه الذي نذر فيه؟ فقال: هي واجبة على الأب من ثلثه، أو يتطوّع ابنه فيحجّ عن أبيه». نفس المصدر، ح 3، ص 75.

(1) فإنّ الخبر الذي يمكن أن يكون له الإطلاق لفرض عدم كون ذلك بملاك الأهمّيّة غير تامّ

361

مرتّبة بأن ذكرت جملةً واحدةً ورد النقص على الجميع بالنسبة، فإذا قال: « اقضوا عنّي عباداتي مدّة عمري صلاتي وصومي » وكانت تساوي قيمتها نصف التركة: فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع، وإن لم يجز الورثة ينقص من وصيّة الصلاة الثلث ومن وصيّة الصوم الثلث.



سنداً، وهو خبر حمران ـ الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 66 من الوصايا، ص 398 ـ عن أبي جعفر(عليه السلام): «في رجل أوصى عند موته وقال: اعتق فلاناً وفلاناً حتّى ذكر خمسة، فنظر في ثلثه فلم يبلغ ثلثه أثمان قيمة المماليك الخمسة الذين أمر بعتقهم، قال: ينظر إلى الذين سمّاهم وبدأ بعتقهم، فيقوّمون وينظر إلى ثلثه فيعتق منه أوّل شيء ذكر ثُمّ الثاني والثالث ثُمّ الرابع ثُمّ الخامس، فإن عجز الثلث كان في الذين سمّى أخيراً؛ لأنّه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك، فلا يجوز له ذلك».

وعيب السند وجود أبي جميلة، فهو الذي روى هذا الحديث عن حمران، وقد أفاد السيّد الخوئيّ(رحمه الله): أنّه يظهر من كلام النجاشيّ في ترجمة جابر بن يزيد الجعفيّ أنّه كان مسلّم الضعف عند الأصحاب، حيث قال في ترجمته: «روى عنه جماعة غمّز فيهم وضُعّفوا، منهم عمرو بن شمر، ومفضّل بن صالح، ومنخل بن جميل، ويوسف بن يعقوب».

ولكن أبو جميلة قد روى عنه كلّ الثلاثة الذي قال عنهم الشيخ: لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة. وأفاد الشيخ عرفانيان(رحمه الله) في كتابه مشايخ الثقاة ضمن ذكره لمشايخ الأزديّ ما نصّه: «نبّه النجاشيّ على ضعفه [يعني ضعف مفضّل بن صالح] في ترجمة جابر على وجه يشعر بالترديد ويناسب الشكّ فيه»، وهذا يعني أنّ الشيخ عرفانيان فهم من عبارة «غمّز فيهم وضُعّفوا» الشكّ والترديد في ضعفهم، بينما السيّد الخوئيّ(رحمه الله) فهم من ذلك مسلّميّة الضعف، والذي يدعم فهم السيّد الخوئيّ أنّ النجاشيّ قد صرّح في ترجمة الثلاثة الآخرين الذين ذكرهم في العبارة الماضية مع مفضّل بن صالح بأنّهم ضعفاء، فقال في ترجمة منخل بن جميل: «ضعيف فاسد الرواية»، وقال في ترجمة يوسف بن يعقوب: «ضعيف، روى عن أبي عبدالله وجابر»، وقال في ترجمة عمرو بن شمر: «ضعيف جدّاً».

362

وكذا الحكم إذا كانت كلّها تبرّعيّةً غير واجبة، فإنّها إن زادت على الثلث وأجاز الورثة وجب إخراج الجميع، وإن لم يجز الورثة وكانت مرتّبةً كما إذا قال: « استنيبوا عنّي في زيارة الرضا(عليه السلام) » ثمّ قال: « استنيبوا عنّي في زيارة الحسين(عليه السلام) » عمل بالسابق وورد النقص على اللاحق (1)، وإن كانت غير مرتّبة كما إذا قال: « تصدّقوا عنّي على خدّام الحسين(عليه السلام) كلّ واحد بدرهم » وكان ذلك يساوي نصف تركته فإنّه ينقص من كلّ واحد ثلث درهم.

وإذا كانت الوصايا المتعدّدة مختلفةً بعضها واجب ماليّ أو نحوه وبعضها واجب بدنيّ وبعضها تبرّع، كما إذا قال: « اُعطوا عنّي ستّين ديناراً عشرين ديناراً زكاةً وعشرين ديناراً صلاةً وعشرين ديناراً زيارات » فإن وسعها الثلث اُخرج الجميع (2)، وكذلك إن لم يسعها وأجاز الورثة، أمّا إذا لم يسعها ولم يجز الورثة فلا إشكال في وجوب تقديم الواجب الماليّ أو نحوه ممّا يخرج من الأصل على الواجب البدنيّ(3) والوصيّة التبرّعيّة. أمّا تقديم الواجب البدنيّ على الوصيّة



(1) قد عرفت في التعليق السابق أنّه يرد النقص على الجميع، إلّا إذا استظهر كون التقديم قرينة على الأهمّيّة.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «وكذلك إذا ضاق الثلث عن الجميع، ولكن وسع مقداره غير الواجب المالي الذي يخرج من الأصل ولم يكن الموصي قد أوصى بإخراجه من الثلث فإنّه لابدّ من إخراج الجميع». وكلامه(قدس سره) واضح الصحّة.

(3) لا إشكال في أنّ ما يخرج من الأصل لا يزاحم الواجب البدنيّ؛ لأنّه يخرج ذلك من الأصل. نعم، لو أوصى إخراجهما معاً من الثلث وقع التزاحم بينهما، وعندئذ لا يبعد عدم تقديم الواجب الذي يخرج من الأصل على الواجب الذي لا يخرج من الأصل، وورود النقص في الثلث عليهما مع تكميل نقص الواجب الذي يخرج من الأصل من أصل التركة.

363

التبرّعيّة ففيه خلاف وإشكال، والأقوى إذا لم يكن تقدّم ذكريّ مساواتهما، فيوزّعالنقص عليهما على النسبة (1)، فإذا قال لوصيّه: « اصرف ثلثي في اُمور ثلاثة: حجّة وصلاة سنة وزيارة الحسين » أخرج الوصيّ الحجّة أوّلا، فإن بقي شيء وأمكن إخراج صلاة السنة والزيارة منه اُخرجا، وإن لم يمكن ولم يجز الورثة وزّع النقص عليهما معاً على النسبة، فإذا كانت قيمة صلاة سنة خمسة دنانير وقيمة الزيارة ديناراً وكان الباقي ثلاثة دنانير صرف ديناران ونصف في الصلاة ونصف دينار في الزيارة، ويحتمل أن يكون الخيار في التوزيع في جميع الصور المذكورة للوصيّ، بل لعلّه الأظهر (2)، وإن كان الأوّل أحوط، وإذا كان تقدّم ذكريّ قدّم المتقدّم وإن كان مستحبّاً (3).

(مسألة: 17) المراد من الوصيّة التبرّعيّة: الوصيّة بما لا يكون واجباً عليه في حياته، سواء أكانت تمليكيّةً كما إذا قال: « فرسي لزيد بعد وفاتي » أم عهديّة، كما إذا قال: «تصدّقوا بفرسي بعد وفاتي».

(مسألة: 18) إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصيّة يكون الموصَى



(1) بل يقدّم الواجب البدنيّ على الوصيّة التبرّعيّة(1).

(2) لأنّه المستظهر من النصّ(2).

(3) مضى: أنّ الواجب البدنيّ يقدّم على الوصيّة التبرّعيّة.


(1) لصحيح معاوية بن عمّار عن أبي عبدالله(عليه السلام): «إنّ امرأة من أهلي ماتت وأوصت إليّ بثلث مالها، وأمرت أن يعتق عنها ويحجّ عنها ويتصدّق، فنظرت فيه فلم يبلغ، فقال: ابدأ بالحجّ فإنّه فريضة من فرائض الله عزّوجلّ، واجعل ما بقي طائفة في العتق، وطائفة في الصدقة». الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 65 من الوصايا، ح 1، ص 396.

(2) وهو النصّ الماضي عن الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 65 من الوصايا، ح 1، ص 396، وفيه: «واجعل ما بقي طائفة في العتق، وطائفة في الصدقة»، وأنت ترى أنّه(عليه السلام) لم يأمر بضرورة تساوي الطائفتين، فهذا يعني أنّ طريقة التوزيع تكون بيد الوصيّ.

364

له شريكاً مع الورثة، فله الثلث ولهم الثلثان، فإن تلف من التركة شيء كان التلف على الجميع، وإن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركاً بين الجميع، وكذا إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات وقربات يكون الثلث باقياً على ملكه، فإن تلف من التركة شيء كان التلف موزّعاً عليه وعلى بقيّة الورثة، وإن حصل النماء كان له منه الثلث.وإذا عيَّن ثلثه في عين معيّنة تعيّن كما عرفت، فإذا حصل منها نماء كان النماء له وحده، وإن تلف بعضها أو تمامها اختصّ به التلف ولم يشاركه فيه بقيّة الورثة.

(مسألة: 19) إذا أوصى بثلثه مشاعاً ثمّ أوصى بشيء آخر معيّناً كما إذا قال: « أنفقوا عليَّ ثلثي وأعطوا فرسي لزيد » وجب إخراج ثلثه من غير الفرس، وتصحّ وصيّته بثلث الفرس لزيد، وأمّا وصيّته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحّتها لزيد موقوفة على إجازة الورثة، فإن لم يجيزوا بطلت كما تقدّم (1)، وإذا كان الآخر غير معيّن كما إذا قال: « أنفقوا عليّ ثلثي وأعطوا زيداً مئة دينار » توقّفت الوصيّة بالمئة على إجازة الورثة، فإن أجازوها في الكلّ صحّت في تمامها، وإن أجازوها في البعض صحّت في بعضها، وإن لم يجيزوا منها شيئاً بطلت في جميعها (2)، ونحوه إذا قال: « أعطوا ثلثي لزيد وأعطوا ثلث مالي لعمرو »، فإنّه تصحّ وصيّته لزيد، ولا تصحّ وصيّته لعمرو إلّا بإجازة الورثة (3). أمّا إذا قال: « أعطوا ثلثي لزيد » ثمّ قال: « أعطوا ثلثي لعمرو » كانت الثانية ناسخةً للاُولى كما عرفت، والمدار على مايفهم من الكلام.

(مسألة: 20) لا تصحّ الوصيّة في المعصية، فإذا أوصى بصرف مال في معونة الظالم، أو في ترويج الباطل كتعمير الكنائس والبِيَع ونشر كتب الضلال، بطلت الوصيّة.



(1) هذا إذا كان المفهوم عرفاً من هذا الكلام الوصيّة بثلث ما عدا الفرس لنفسه، والوصيّة بالفرس لزيد.

(2) هذا إن كان المفهوم من ذلك عرفاً إعطاء المئة من الثلثين الآخرين.

(3) هذا إن كان المفهوم عرفاً إعطاء الثلث بمعنى النصف من ثلثي الورثة لعمرو.

365

(مسألة: 21) إذا كان ما أوصى به جائزاً عند الموصِي باجتهاده أو تقليده وليس بجائز عند الوصيّ كذلك لم يجز للوصيّ تنفيذ الوصيّة، وإذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصيّ العمل.

(مسألة: 22) إذا أوصى بإخراج بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض لم يصحّ. نعم، إذا لم يكن قد أوصى بالثلث وأوصى بذلك وجب العمل بالوصيّة بالنسبة إلى الثلث لغيره، فإذا كان له ولدان وكانت التركة ستّةً فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اُعطي زيد اثنين واُعطي الآخر أربعة، وإذا أوصى بسدس ماله لأخيه وأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث اُعطي أخوه السدس، واُعطي زيد الثلث، واُعطي ولده الآخر النصف.

(مسألة: 23) إذا أوصى بمال زيد بعد وفاة نفسه لم يصحّ وإن أجاز زيد، وإذا أوصى بمال زيد بعد وفاة زيد فأجاز زيد صحّ (1).

(مسألة: 24) قد عرفت أنّه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثمّ أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخةً ووجب دفع العين لعمرو، فإذا اشتبه المتقدِّم والمتأخِّر تعيّن الرجوع إلى القرعة في تعيينه، وكذا إذا أوصى بوصايا متعدّدة تزيد على الثلث ولم يجز الورثة، فإنّك قد عرفت أنّه يؤخذ بالسابق فالسابق (2)، ويدخل النقص على اللاحق، فإذا اشتبه اللاحق بالسابق يرجع إلى القرعة في تعيينه.

(مسألة: 25) إذا دفع إنسان إلى آخر مالا وقال له: «إذا مِتُّ فأنفقه عنّي» ولم



(1) لأنّه بإجازة زيد صارت الوصيّة وصيّة لزيد.

(2) مضى في التعليق على قول المصنّف(رحمه الله): «..اُخذ بالسابق، وكان النقص على اللاحق» في المسألة رقم (16) المتقدّمة، وعلى قوله(رحمه الله) في المسألة نفسها: «..عمل بالسابق، وورد النقص على اللاحق»: أنّه إن لم يستظهر عرفاً من التقديم كونه بملاك الأهمّيّة على نحو يقدّم في مورد التزاحم ورد النقص على الجميع.

366

يعلم أنّه أكثر من الثلث أو أقلّ أو مساو له، أو علم أنّه أكثر واحتمل أنّه مأذون من الورثة في هذه الوصيّة، أو علم أنّه غير مأذون من الورثة لكن احتمل أنّه قد نذر ذلك، أو كان له ملزم شرعيّ يقتضي إخراجه من الأصل وجب على الوصيِّ العمل بالوصيّة حتّى يثبت بطلانها(1).

(مسألة: 26) إذا أوصى بشيء لزيد وتردّد بين الأقلّ والأكثر اقتصر على الأقلّ، وإذا تردّد بين المتباينين عيِّن بالقرعة.

 

(1) يعني(رحمه الله): أنّ أصالة صحّة وصيّته نافذة في المقام، فيجب على الوصيّ أن يعمل بالوصيّة حتّى يثبت بطلانها.

ولكن أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): أنّ «الظاهر عدم وجوب العمل بالوصيّة في الفرضين الأخيرين، ولا يخلو وجوب إنفاذ تمام الوصيّة في الفرض الأوّل من إشكال». ونِعمَ ما أفاد(1).


(1) ما أفاده المصنّف(رحمه الله) من البناء على صحّة الوصيّة حتّى يثبت بطلانها يرد عليه: أنّ أصالة صحّة العمل محلّها إسقاط قضائه أو إعادته عن غيره، فالعمل الصادر من مسلم كالصلاة ـ مثلاً ـ محمول على الصحّة، فلو كان واجباً كفائيّاً لم تجب على شخص آخر إعادته، ولو كان قد صلّى الأب ومات، واحتمل الابن الأكبر صحّة صلاته، لم يجب عليه قضاؤها و... هكذا، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل، وعندئذ نقول:

1 ـ لو علم الوصيّ أنّ المال الذي أعطاه الموصي أكثر من الثلث، لكن احتمل صدور الإذن من الورثة بذلك، فأصالة عدم صدور الإذن منهم تُثبت بطلان الوصيّة بالزائد على الثلث.

2 ـ ولو علم الوصيّ أنّ المال الذي أعطاه الموصي أكثر من الثلث، لكنّه احتمل طروّ ما يوجب إخراجه من الأصل، فأصالة عدم طروّ ذلك تُثبت بطلان الوصيّة بالزائد على الثلث.

3 ـ ولو لم يعلم الوصيّ أنّ ما أعطاه الموصي من المال هل هو أكثر من الثلث، أو أقلّ، أو مساو له؟ فقد يقال: إنّ أصالة عدم الوصيّة بالزائد على الثلث تثبت صحّة الوصيّة، لكن لا يخلو هذا الأصل من شبهة المُثبتيّة، بأن يقال:إنّ لازمه تعلّق الوصيّة بما تصحّ الوصيّة به، فلا يخلو وجوب إنفاذ الوصيّة في هذا الفرض من إشكال.

367

 

فصل في الموصَى له:

(مسألة: 1) لا تصحّ الوصيّة للمعدوم(1) وإن كان متوقّع الوجود في المستقبل، مثل أن يوصي لأولاد ولده الذين لم يولدوا، ولا تصحّ للحمل إلّا إذا انفصل حيّاً (2)، وتصحّ للذمّيّ وللحربيّ.

(مسألة: 2) إذا أوصى لجماعة ذكوراً أو إناثاً أو ذكوراً وإناثاً بمال اشتركوا فيه على السويّة، وكذا إذا أوصى لأبنائه وبناته، أو لأعمامه وعمّاته، أو أخواله وخالاته، أو أعمامه وأخواله، فإنّ الحكم في الجميع التسوية، إلّا أن تقوم القرينة على التفصيل، مثل أن يقول: على كتاب الله، أو نحو ذلك، فيعطى للذكر مثل حظّ الاُنثيين.



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «إذا كانت الوصيّة تمليكيّة اعتبر فيها وجود الموصى له عند موت الموصي وإن كان معدوماً عند الوصيّة، وإذا كانت عهديّة صحّت مطلقاً، فإذا لم يوجد الموصى له صرف المال في وجوه البرّ التي تنفع الميّت». وهذا كلام متين(1).

(2) الوصيّة للحمل ظاهرة في الوصيّة التمليكيّة، فإن انفصل حيّاً ملكه، وإن مات قبل وفاة الموصي فلا إشكال في بطلان الوصيّة، وهذا غير داخل في مقصود المصنّف، وإن مات بعد وفاة الموصي انتفى موضوع التمليك.


(1) أمّا الوصيّة التمليكيّة، فمن الواضح أنّها تتطلّب عقلائيّاً وجود المملّك له عند موت الموصي، وأمّا حين حياة الموصي فالمال لا زال ملكاً للموصي. وأمّا الوصيّة العهديّة فلا نكتة فيها لشرط وجود الموصى له عند موت الموصي، فتنفذ الوصيّة، ويستثنى المال من الإرث، ويبقى في ملك الموصي الميّت، فلو لم يتحقّق للموصى له وجودٌ صُرِف في وجوه البرّ التي تنفع الميّت.