225

المعاملات

7

 

 

 

 

كتاب الشركة

 

 

 

 

 

227

 

 

 

 

 

(مسألة: 1) تصحّ الشركة في الأموال، ولا تصحّ في الأعمال بأن يتعاقدا على أن تكون اُجرة عملِ كلٍّ منهما مشتركةً بينهما، فإذا تعاقدا على ذلك بطل، وكان لكلٍّ منهما اُجرة عمله. نعم، لو صالح كلّ منهما صاحبه على أن تكون نصف منفعة نفسه بنصف منفعة صاحبه مدّةً معيّنةً فقبل الآخر، صحّ، وكان عمل كلٍّ منهما مشتركاً بينهما، وكذا لو تصالحا على أن يعطي كلّ منهما نصف اُجرته للآخر (1)،



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره) ما نصّه: «إذا وقع هذا الصلح بعد تملّك الاُجرة فلا إشكال، وإذا وقع قبلها فيصحّ في ضمن عقد آخر، سواء كان بنحو شرط الفعل أو كان بنحو شرط النتيجة، ويصحّ مستقلاًّ إذا اُنشئ على طريقة شرط الفعل، فيكون عقداً مستقلاًّ متقوّماً بالتزامين بتمليكين، ولا يصحّ إذا اُنشئ على طريقة شرط النتيجة». ونِعْم ما أفاد(1).


(1) أمّا صحّة الصلح بعد تمام الاُجرة فواضحة، وأمّا صحّة الصلح قبل التملّك بنحو يرجع إلى شرط الفعل، فلأنّ هذا بنفسه عقد مشمول لأدلّة نفوذ العقود، وأمّا صحّة شرط النتيجة في ضمن عقد مستقلّ، فلأنّ المختار في محلّه صحّة شرط النتيجة ضمن العقود، وأمّا صحّة شرط الفعل مستقلاًّ لا في ضمن عقد، فلأنّ هذا الشرط بنفسه عقد متقوّم بالتزامين بتمليكين، وأمّا عدم صحّة شرط النتيجة مستقلاًّ، أي: لا في ضمن عقد، فلأنّ النتيجة بنفسها فعل الشارع، فإن وقع شرطها ضمن عقد، فدليل نفود ذاك العقد دليل على تحقّق النتيجة؛ لما مضى: من أنّ المختار في محلّه صحّة شرط النتيجة ضمن العقود، ولكن إن لم يقع ضمن عقد ثبتت عقديّته بقطع النظر عن النتيجة، فلأنّ هذا توافق لا في ضمن عقد على فعل الشارع، وهذا لا معنى له.

228

ولا تصحّ في الوجوه بأن يتعاقدا على أن يشتري كلّ منهما مالا بثمن في ذمّته إلى أجل ثمّ يبيعانه ويكون ربحه بينهما والخسران عليهما، ولا تصحّ شركة المفاوضة بأن يتعاقدا على أن يكون ما يحصل لكلٍّ منهما من ربح تجارة أو زراعة أو إرث أو غير ذلك بينهما، وما يرد على كلٍّ منهما من غرامة تكون عليهما معاً، فلو تعاقدا في المقامين على ما ذكر كان لكلٍّ منهما ربحه وعليه خسارته. نعم، إذا تصالحا(1)على أنّه إن ربح أحدهما أعطى صاحبه نصف ربحه وإن خسر أحدهما تدارك صاحبه نصف خسارته صحّ في المقامين.

(مسألة: 2) تتحقّق الشركة في المال(2) باستحقاق الشخصين فما زاد مالا واحداً، عيناً كان أو ديناً، بإرث أو وصيّة أو بفعلهما معاً، كما إذا حفرا بئراً، أو اصطادا صيداً، أو اقتلعا شجرةً أو نحو ذلك من الأسباب الاختياريّة وغيرها، وقد تكون بمزج المالين على نحو يرتفع الامتياز بينهما مع الاتّحاد بالجنس، كمزج



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره) ما نصّه: «بنحو الشرط في ضمن عقد آخر، سواء كان على نحو شرط الفعل، أو شرط النتيجة، أو بنحو العقد المستقلّ المشتمل على التزامين نظير ما تقدّم في التعليقة السابقة» ونِعْم ما أفاد(1).

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره) ما نصّه: «الظاهر تحقّقه أيضاً بالعقد، فتكون الشركة عقديّة، وهل يعتبر في عقد الشركة خلط المالين ولو على نحو لا يمنع عن امتياز أحدهما عن الآخر؟ وجهان، أحوطهما أوّلهما، ولا يخلو الثاني من قوّة» وهذا كلام وجيه(2).


(1) ودليله هو ما شرحناه آنفاً من الدليل على تعليقه السابق فلا نعيد.

(2) والوجه في ذلك: أنّ عقد الشركة عقد عرفيّ مشمول لدليل الوفاء بالعقود، ولا مدرك معقول لشرط الخلط إلّا الإجماعات المنقولة والمحتملة المدركيّة، ولا حجّيّة لها، ولا إشكال في أنّ الأحوط هو الأوّل؛ لأجل تلك الإجماعات.

229

الحنطة بالحنطة، والماء بالماء، واختلافه كمزج دقيق الحنطة بدقيق الشعير، ودهن اللوز بدهن الجوز.

(مسألة: 3) يلحق كلاًّ من الشريكين من الربح والخسران بنسبة ماله، فإن تساويا في الحصّة كان الربح والخسران بينهما بالسويّة، وإن اختلفا فبالنسبة.

(مسألة: 4) إذا اشترطا المساواة في الربح والخسران مع اختلاف الحصص، أو اشترطا الاختلاف مع تساوي الحصص يصحّ إذا كان للمشروط له عمل (1)، وإلّا لم يصحّ الشرط (2).

(مسألة: 5) لا يجوز لأحد الشريكين التصرّف في العين المشتركة بدون إذن شريكه، وإذا أذن له في نوع من التصرّف لم يجز التعدّي إلى نوع آخر. نعم، إذا كان الاشتراك في أمر تابع مثل البئر، والطريق غير النافذ، والدهليز ونحوها ممّا كان الانتفاع به مبنيّاً عرفاً على عدم الاستئذان جاز التصرّف وإن لم يأذن الشريك، وإذا كان ترك التصرّف موجباً لنقص العين كما لو كانا مشتركين في طعام: فإذا لم يأذن الشريك رجع إلى الحاكم الشرعيّ ليأذن في أكله أو بيعه أو نحوهما، ليسلمه من الضرر. وكذا إذا كانا شريكين في دار فتعاسرا وامتنع أحدهما من الإذن في جميع التصرّفات بحيث أدّى ذلك إلى الضرر، فيرجع إلى الحاكم الشرعيّ ليأذن في التصرّف الأصلح حسب نظره.



(1) يعني: أنّه في الشركة في المال لو لم يكن للمشروط له عمل الخلط كما في باب الإرث ونحوه، فلا معنى لشرط المساواة في الربح والخسران مع اختلاف الحصص، أو شرط الاختلاف في ذلك مع تساوي الحصص، أمّا إذا كانت الشركة بخلطهما العمديّ، فمن المعقول أن لا يوافق أحدهما على الخلط إلّا بأخذ موافقة الآخر على هذا الشرط.

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره) ـ ونِعمَ ما أفاد ـ ما نصّه: «الظاهر صحّته في عقد الشركة أو عقد آخر، وذلك على نحو شرط النتيجة».

230

(مسألة: 6) إذا طلب أحد الشريكين القسمة: فإن لزم الضرر منها لنقصان في العين أو القيمة بما لا يتسامح فيه عادةً لم تجب إجابته، وإلّا وجبت الإجابة (1)، ويجبر عليها لو امتنع. نعم، إذا اشترط أحد الشريكين في عقد لازم عدم القسمة إلى أجل بعينه لم تجب الإجابة حينئذ إلى أن ينتهي الأجل.

(مسألة: 7) يكفي في تحقّق القسمة تعديل السهام ثمّ القرعة، وفي الاكتفاء بمجرّد التراضي وجه، لكن الأحوط استحباباً خلافه.

(مسألة: 8) تصحّ قسمة الوقف مع الملك الطلق، ولا تصحّ قسمة الوقف(2)في نفسه إذا كانت منافيةً لشرط الواقف، وإلّا صحّت.

(مسألة: 9) الشريك المأذون أمين لا يضمن ما في يده من المال المشترك إلّا بالتعدّي أو التفريط.

(مسألة: 10) تكره مشاركة الذمّيّ.



(1) لأنّ هذا حقّ عرفيّ فسلبه يعتبر ضرراً منفيّاً بقاعدة نفي الضرر، وكذلك الأمر في ما إذا طالب الشريك ببيع العين المشتركة ـ التي يضرّ بحالها القسمة ـ لتقاسم الثمن فتجب الإجابة إن لم يكن البيع مجحفاً.

(2) يعني: الوقف المشترك بين الموقوف عليهم.

231

المعاملات

8

 

 

 

 

كتاب المضاربة

 

 

 

 

 

 

 

233

 

 

 

 

 

وهي: أن يدفع الإنسان إلى غيره مالا ليتّجر فيه على أن يكون له حصّة من الربح (1)، ولا تصحّ إلّا بالأثمان من الذهب والفضّة، فلا تصحّ بالأوراق النقديّة، ولا بالفلوس، ولا النَيكل، ولا بغيرها من المسكوكات المعدودة من الأثمان، كما لا تصحّ أيضاً بالعروض، فإذا اُريد المعاملة على الفلوس أو النَيكل أو العروض أو نحوها قصدا المعاملة بنحو الجعالة، فتجري عليها أحكام الجعالة لا المضاربة (2). ثمّ إنّك عرفت أنّ مقتضى المضاربة الشركة في الربح، ويكون للعامل ما شرط له



(1) المضاربة اسم لما قاله المصنّف(رحمه الله) من دفع الإنسان إلى غيره مالاً ليتّجر فيه على أن تكون له حصّة من الربح، ولها بعض أحكامها الخاصّة التعبّديّة، من قبيل: أنّ العامل لو خالف قيود صاحب المال، من قبيل: عدم الاتّجار بالمال في بلد آخر، أو عدم اتّجاره إلّا بالجنس الفلانيّ، فخسر، تحمّل العامل الخسارة، ولكن لو ربح، كان الربح بينهما وفق النسبة التي كانت مفروضة بينهما.

أمّا لو سمّي عقد آخر بغير هذا المضمون، وكان عُرفيّاً، فشمله ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُود﴾، فذلك ليس مضاربة حاملة لحكم تعبّديّ من هذا القبيل.

(2) روايات المضاربة لم يرد فيها إلّا عنوان المضاربة بالمال، وهذا العنوان صادق على الاتّجار بكلّ عين يمكن البيع والشراء بها، سواء كان بالأثمان من الذهب والفضّة، أو بالأوراق المألوفة في زماننا، أو بالعروض، ولا داعي للقيد الموجود في المتن(1).


(1) والإجماعات المنقولة المحتملة المدركيّة لا قيمة لها. وتجد قسماً من روايات المضاربة في الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، كتاب المضاربة، ب 1، ص 15 ـ 18.

234

من الحصّة ربعاً أو نصفاً أو غير ذلك، وإذا وقعت فاسدةً كان للعامل اُجرة المثل، ويكون تمام الربح لصاحب المال (1).

(مسألة: 1) المضاربة من العقود الجائزة(2) تبطل بالموت والجنون (3).



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): «هذا إذا كان قد ظهر ربح، وأمّا إذا ظهر عدمه، فلا إشكال في عدم استحقاق العامل لاُجرة المثل، وأمّا إذا لم يتبيّن بعدُ، وكان العامل قد أنجز بعض العمليّة التي يترقّب ربح بإكمالها، فلا يبعد ثبوت اُجرة المثل...»، والظاهر صحّة ما أفاده(قدس سره)(1).

(2) أصل كون المضاربة من العقود الجائزة ثابت بالإجماع القطعيّ، ولكن ليس هذا معناه: أنّ للمالك حقّ الفسخ بعد ظهور الربح كي يتملّك كلّ الربح، ويعطي للعامل اُجرة المثل لعمله، وإنّما معناه: أنّ المالك غير ملزم بإبقاء إذنه للعامل بالعمل، فلو سحب إذنه تعذّر على العامل العمل، فإن كان بعد ظهور الربح كانت للعامل حصّته من الربح، وإن كان بعد ظهور عدمه فلا شيء له، وإن كان قبل ظهور الربح وظهور عدمه فله اُجرة المثل كما تقدّم في المسألة السابقة.

وأيضاً العامل له حقّ الفسخ، وهذا لا يعني: أنّ له أن يفسخ حتّى يبدّل حصّته من الربح باُجرة المثل، وإنّما يكون حال الربح والعمل ما ذكرناه، فإن كان الفسخ بعد ظهور الربح فله حصّته من الربح، وإن كان بعد ظهور عدمه فلا شيء له، وإن كان قبل ظهور الربح وقبل ظهور عدمه فله اُجرة المثل لمقدار عمله.

وهذا التفسير لكون المضاربة من العقود الجائزة من إفادات اُستاذنا(قدس سره).

(3) فصّل اُستاذنا الشهيد(قدس سره) بين الموت والجنون، فقال في الموت: بأنّ الأقرب


(1) لأنّه إذا ظهر عدم الربح، فقد أسقط هو احترام عمله بالتزامه بعدم أخذ شيء إن لم يكن ربح، وإذا ظهر الربح فلم يسقط هو احترام عمله، ولم يسلم له الربح؛ لفرض فساد المعاملة، فيستحقّ اُجرة المثل، وأمّا إذا لم يتبيّن شيء، فهو حتّى الآن لم يسقط احترام عمله، فيستحقّ اُجرة المثل؛ لأنّه عمل بأمر صاحب المال.

235

(مسألة: 2) يجب على العامل أن يقتصر على التصرّف المأذون، فإذا أمره أن يبيعه بسعر معيّن أو بلد معيّن أو سوق معيّن فتعدّى إلى غيره لم ينفذ تصرّفه وتوقّف على الإجازة. نعم، إذا أطلق صاحب المال الإذن ولم يعيِّن تصرّف كيف شاء على الوجه اللائق في نظره.

(مسألة: 3) لا يشترط العلم بمقدار المال وإن كان أحوط.

(مسألة: 4) يملك العامل الحصّة بالظهور، ولا خسران عليه بدون التفريط، وإذا اشترط عليه تحمّل الخسران لم يصحَّ الشرط، وفي بطلانها بذلك إشكال (1).



بطلانها به، وقال في الجنون: بأنّ إطلاق بطلانها بالجنون محلّ إشكال.

وكلامه(قدس سره) وجيهٌ(1).

(1) يصحّ الشرط وتبطل المضاربة، فيصير الربح كلّه للعامل(2).


(1) أمّا توضيح ما أفاده في فرض الموت، فهو: أنّ من حقّ مالك الأرض مثلاً أن يأكل في حياته ربح أرضه لما بعد موته بمثل الإيجار، فتنتقل الأرض إلى الوارث مسلوبة المنفعة، ولكن ليس من حقّ صاحب العمل أن يأكل عمل ما بعد موته ـ أي: العمل الذي كان يصدر منه لو كان يبقى حيّاً ـ ولا من حقّ التاجر أن يأكل ربح التجارة بماله بلحاظ ما بعد موته.

وأمّا استشكاله(قدس سره) في إطلاق بطلانه بالجنون، فتوضيحه: أنّه إذا افترضنا أنّ مالك المال هو الذي عرض عليه الجنون، فمن حقّ وليّه أن يُمضي المعاملة حينما يرى مصلحته في ذلك.

وإذا افترضنا أنّ العامل هو الذي عرض عليه الجنون، فقد يتّفق أنّ المجنون يكون قادراً على إنجاز العمل، وعندئذ يكون أيضاً من حقّ وليّه أن يُمضي المعاملة حينما يرى المصلحة في ذلك.

(2) كما دلّ على ذلك صحيح محمّد بن قيس، الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 4 من المضاربة، ص 22 ـ 23.

236

(مسألة: 5) إذا اختلف المالك والعامل في قدر رأس المال وفي التلف وفي عدم التفريط وفي الخسران كان القول قول العامل، وإذا اختلفا في ردِّ المال كان القول قول المالك على الأقوى، وكذا إذا اختلفا في قدر نصيب العامل.

(مسألة: 6) ينفق العامل في السفر من أصل المال قدر كفايته.

(مسألة: 7) قيل: إنّ الإطلاق يقتضي الشراء بعين المال لا بالذمّة، وفيه إشكال، بل منع. نعم، لا يجوز له الشراء بأكثر من ثمن المثل إلّا إذا اقتضت المصلحة ذلك.

(مسألة: 8) إذا فسخ المالك المضاربة قبل ظهور الربح ففي استحقاق العامل اُجرة المثل قولان، أقواهما العدم، وأولى منه بذلك مالو كان الفسخ من العامل، أو حصل الانفساخ القهريّ بموت أو جنون (1).



(1) متى ما وقع فسخ أو انفساخ، فحاله حال ما إذا وقعت المضاربة فاسدة في ما مرّ منّا: من أنّه إذا ظهر عدم الربح، فلا ضمان على صاحب المال، وإذا ظهر الربح فله حصّة منه، وإذا لم يظهر بعدُ شيء، فالعامل يستحقّ اُجرة المثل.

237

المعاملات

9

 

 

 

كتاب الوديعة

 

 

 

 

 

238

 

 

239

 

 

 

 

 

وهي من العقود الجائزة، ومفادها الائتمان في الحفظ.

(مسألة: 1) يجب حفظ العين بمجرى العادة، وإذا عيّن المالك محرزاً تعيّن، فلو خالف ضمن إلّا مع الخوف إذا لم ينصَّ المالك على الخوف، وإلّا ضمن حتّى مع الخوف، وكذا يضمن لو تصرّف فيها تصرّفاً منافياً للاستئمان وموجباً لصدق الخيانة، كما إذا خلطها بماله بحيث لا تتميّز، أو أودعه كيساً مختوماً ففتح ختمه، أو أودعه طعاماً فأكل بعضه، أو دراهم فاستقرض بعضها، وإذا أودعه كيسين فتصرّف في أحدهما ضمنه دون الآخر، وإذا كان التصرّف لا يوجب صدق الخيانة كما إذا كتب على الكيس بيتاً من الشعر أو نقش عليه نقشاً أو نحو ذلك، فإنّه لا يوجب ضمان الوديعة وإن كان التصرّف حراماً لكونه غير مأذون فيه.

(مسألة: 2) يجب على الودعيِّ علف الدابّة وسقيها، ويرجع به على المالك.

(مسألة: 3) إذا فرّط الودعيّ ضمن، ولا يزول الضمان إلّا بالردِّ إلى المالك، أو الإبراء منه.

(مسألة: 4) يجب على الودعيّ أن يحلف للظالم ويورّي إن أمكن (1)، ولو



(1) لا يجب عليه أن يورّي وإن كان أحوط وأحسن، ونحن لا نفرّق في الحكم بين التورية والكذب، فمتى ما حرم الكذب حرمت التورية.

240

أقرّ له ضمن.

(مسألة: 5) يجب ردّ الوديعة إلى المودِع أو وارثه بعد موته وإن كان كافراً، إلّا إذا كان المودِع غاصباً فيجب ردّها إلى مالكها، فإن ردّها إلى المودِع ضمن، ولو جهل المالك عرّف بها، فإن لم يعرفه تصدّق بها عنه، فإن لم يرضَ بذلك ضمنها، ولو أجبره الغاصب على أخذها منه لم يضمن، وإذا أودعه الكافر الحربيّ حرمت عليه الخيانة، ولم يصحّ له التملّك للمال ولا بيعه (1).

(مسألة: 6) إذا اختلف المالك والودعيّ في التلف وعدم التفريط والردّ وقيمة العين كان القول قول الودعيِّ مع يمينه، وإذا اختلفا في أنّها دين أو وديعة مع التلف كان القول قول المالك مع يمينه (2).

(مسألة: 7) لا يصحّ إيداع الصبيِّ والمجنون، فإن لم يكن مميِّزاً لم يضمن الوديعة حتّى إذا أتلف، وإذا كان مميِّزاً ضمن بالإتلاف. وهل يضمن بمجرّد



(1) لا أقلّ من إطلاق دليل وجوب ردّ الأمانات إلى أهلها، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾(1).

(2) لموثّقة إسحاق بن عمّار، قال: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) عن رجل استودع رجلاً ألف درهم فضاعت، فقال الرجل: كانت عندي وديعة، وقال الآخر: إنّما كانت لي عليك قرضاً، فقال: المال لازم له، إلّا أن يقيم البيّنة أنّها كانت وديعة»(2).

وموثّقه الآخر عن أبي عبدالله(عليه السلام) «في رجل قال لرجل: لي عليك ألف درهم، فقال الرجل: لا، ولكنّها وديعة، فقال أبو عبدالله(عليه السلام): القول قول صاحب المال مع يمينه»(3).


(1) 4 سورة النساء، الآية: 58.

(2) الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 7 من الوديعة، ص 85.

(3) الوسائل، ج 18 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 18 من الرهن، ص 404.

241

القبض وإن لم يكن مفرّطاً ؟ إشكال (1). نعم، إذا كان بإذن الوليّ لم يضمن بالقبض ويضمن بالإتلاف، وفي ضمانه بالتفريط والإهمال إشكال (2).



(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «أظهره عدم الضمان». ونِعمَ ما أفاد(1).

(2) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «الأظهر الضمان». ونِعمَ ما أفاد(2).


(1) لأنّ تسليطه عليه كان من قبل المالك، فما لم يفرّط في حفظه لا دليل على ضمانه.

(2) لأنّ تفريطه يعني بالنتيجة إتلافه، وهو مميّز بحسب الفرض، فيضمن.

243

المعاملات

10

 

 

 

 

كتاب العارية

 

 

 

 

 

 

 

245

 

 

 

 

 

وهي عقد ثمرته التبرّع بالمنفعة (1).

(مسألة: 1) كلّ عين مملوكة يصحّ الانتفاع بها مع بقائها، تصحّ إعارتها، وتجوز إعارة ما تملك منفعته وإن لم تملك عينه.

(مسألة: 2) ينتفع المستعير على العادة الجارية ولا يجوز له التعدّي عن ذلك، فإن تعدّى ضمن، ولا يضمن مع عدمه إلّا أن يشترط عليه الضمان، أو تكون العين من الذهب أو الفضّة وإن لم يكونا مسكوكين على إشكال ضعيف(2)، ولو اشترط عدم الضمان فيهما صحّ.



(1) العارية يمكن تصوّرها بشكلين:

الأوّل: أن يقصد المعير تمليك المستعير المنفعة مجّاناً، فلو غصبها غاصب ضمن المنافع للمستعير.

والثاني: ما هو ظاهر الاستعارة لو كانت بدون قرينة، وهو التسليط على العين للانتفاع بها، فلو غصبها غاصب ضمن منافعها للمالك، لا للمستعير.

(2) قوله: «على إشكال ضعيف» راجع إلى قوله: «وإن لم يكونا مسكوكين»، ومعنى العبارة: أنّ الضمان في المسكوك لا شكّ فيه؛ للروايات، وفي غير المسكوك أيضاً يقوى احتمال الضمان؛ للروايات المطلقة الواردة في مطلق الذهب والفضّة؛ لأنّ إطلاق الروايات المطلقة لا يقيّد بالروايات الخاصّة بالمسكوك؛ لأنّهما مثبتتان لا تعارض بينهما، فالإشكال في ذلك ضعيف، ولكنّ اُستاذنا الشهيد(قدس سره) قال: «بل الإشكال قويّ، ولكن لا

246

(مسألة: 3) إذا نقصت العين المستعارة بالاستعمال المأذون فيه لم تضمن، وإذااستعار من الغاصب ضمن، فإن كان جاهلا رجع على المعير بما أخذ منه إذا كان قد غرّه.

(مسألة: 4) إذا أذن له في انتفاع خاصٍّ لم يجز التعدّي عنه إلى غيره وإن كان معتاداً.

(مسألة: 5) تصحّ الإعارة للرهن، وللمالك المطالبة بالفكّ بعد المدّة، بل قيل: له المطالبة قبلها أيضاً(1) ولا يبطل الرهن، وإذا لم يفكَّ الرهن جاز بيع العين في وفاء الدين، وحينئذ يضمن المستعير العين بما بيعت به، إلّا أن تباع بأقلّ من قيمة المثل (2)، وفي ضمان الراهن العين لو تلفت بغير الفكِّ إشكال (3).



يترك معه الاحتياط»، ونِعمَ ما أفاد(1).

(1) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «هذا القول قريب». ونِعمَ ما أفاد(2).

(2) فحينئذ يضمن ثمن المثل.

(3) أفاد اُستاذنا الشهيد(قدس سره): «لا يبعد عدم الضمان، إلّا إذا اشترط». ونِعمَ ما أفاد(3).


(1) وذلك لأنّ احتمال كون الروايات الخاصّة بالمسكوك مفسّرة لعنوان الذهب والفضّة الواردين في الروايات المطلقة قويّ. راجع الوسائل، ج 19 بحسب طبعة مؤسّسة آل البيت، ب 3 من العارية، ص 96 ـ 97.

(2) لأنّنا إن فسّرنا العارية بمعنى التمليك المجّانيّ للمنفعة، فالمنفعة الباقية هبة غير مقبوضة، ولا شكّ في عدم لزومها، أو قل: إنّ التمليك بعدُ غير تامّ؛ لأنّ المنفعة الباقية لا تعتبر أمراً موجوداً قبل وقتها، وإن فسّرنا العارية بمعنى تسليط المستعير على العين، فهي من العقود الإذنيّة البحت، من قبيل: الوكالة والوديعة، ولا تشتمل على ربط قرار بقرار، كي يشمله دليل وجوب الوفاء بالعقود.

(3) لأنّ الإعارة كانت مستمرّة إلى حين التلف، وتلف العين المعارة لا يوجب الضمان.

247

المعاملات

11

 

 

 

 

كتاب اللُقطَة

 

 

 

 

 

 

249

 

 

 

 

 

وهي المال الضائع الذي لا يد لأحد عليه المجهول مالكه.

(مسألة: 1) الضائع إمّا إنسان، أو حيوان، أو غيرهما من الأموال، والأوّل يسمّى لقيطاً، والثاني يسمّى ضالّة، والثالث يسمّى لُقطةً بالمعنى الأخصّ.

(مسألة: 2) لقيط دار الإسلام محكوم بحرّيّته.

(مسألة: 3) أخذ اللقيط واجب على الكفاية إذا توقّف عليه حفظه، فإذا أخذه كان أحقّ بتربيته وحضانته من غيره، إلّا أن يوجد من له الولاية عليه لنسب أو غيره، فيجب دفعه إليه حينئذ ولا يجري عليه حكم الالتقاط.

(مسألة: 4) ما كان في يد اللقيط من مال محكوم بأنّه ملكه.

(مسألة: 5) يشترط في ملتقط الصبيّ: البلوغ والعقل والحرّيّة، فلا اعتبار بالتقاط الصبيّ والمجنون والعبد إلّا بإذن مولاه، بل يشترط الإسلام فيه إذا كان اللقيط محكوماً بإسلامه، فلو التقط الكافر صبيّاً في دار الإسلام لم يجرِ على التقاطه أحكام الالتقاط، ولا يكون أحقَّ بحضانته.

(مسألة: 6) اللقيط إن وجد متبرّع بنفقته أنفق عليه، وإلّا فإن كان له مال اُنفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعيّ أو من يقوم مقامه،