257

زكاة الفطرة

(1) تجب زكاة الفطرة كما تجب زكاة المال. ولوجوبها شروط ثلاثة: التكليف، والحرّيّة، والغنى. فلو اجتمعت من حين الغروب وجبت عليه الفطرة.

والأقوى: أنّه لا يشترط في وجوبها عدم الإغماء.

والأحوط وجوباً في المكاتب الذي لا يكون تحت عيلولة مولاه أنّ عليه الفطرة.

(2) ويجب على من جمع الشرائط أن يخرجها عن نفسه وعن كلّ من يعول به، وحتّى من انضمّ إلى عياله ولو في وقت يسير، كالضيف الذي نزل عليه قبيل أن يهلّ العيد، فهلّ عليه، وحتّى لو لم يأكل عنده في تلك الليلة شيئاً.

نعم، يشترط في صدق العيلولة نوع من التبعيّة له، كمسافر نزل عليه وأصبح منضمّـاً إلى عياله. أمّا لو دعا شخصاً إلى الإفطار ليلة العيد، فلا تجب عليه فطرته؛ لأنّه ليس من عياله، وكذا لو بذل لغيره مالاً يكفيه في نفقته، لكنّه لم يكن تحت عيلولته وتبعيّته عرفاً.

ولو كان المعيل فقيراً والعيال موسراً، وجبت الفطرة على العيال.

ولو كان المعيل موسراً لكنّه لم يُخرج فطرة العيال عصياناً أو نسياناً، فأيضاً وجبت الفطرة على العيال.

وإذا كان شخص عيالاً لاثنين، وجبت فطرته عليهما على نحو التوزيع، ومع فقر أحدهما تكون تلك الحصّة على نفس العيال لو جمع الشرائط.

(3) والمقياس في جنس الفطرة أن يكون قوتاً متعارفاً في الجملة لأهل البلد، كالحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، وغير ذلك.

258

(4) والمقدار الواجب هو الصاع عن كلّ أحد، وهو ثلاث كيلوات تقريباً.

(5) ودفع زكاة الفطرة قبل الخروج إلى صلاة العيد أفضل.

ويكفي في العمل بهذا الفضل العزل قبل صلاة العيد.

ولو أخّر دفع الفطرة وعزلها حتّى انتهى العيد، فالأحوط وجوباً عدم السقوط.

(6) ولو عجّل دفع الفطرة بيوم جاز، وكذلك دفعها ليلة العيد.

بل لو عجّله خلال أيّام شهر رمضان حتّى في اليوم الأوّل جاز.

(7) ويجوز دفع زكاة الفطرة أو عزلها بالنقود بما يساويها قيمةً.

(8) والزكاة إذا عزلت تعيّنت، فلا يجوز تبديلها.

(9) ولا يجوز نقل الفطرة من أرض إلى أرض وإن جاز دفعها لمن حضر البلد من بلاد اُخرى.

نعم، لا إشكال في نقل الفطرة من بلد إلى بلد إذا كان النقل إلى الإمام أو نائبه، أو كان النقل بواسطة الإمام أو نائبه.

(10) والأحوط وجوباً تخصيص زكاة الفطرة بالفقراء والمساكين دون باقي أقسام المستحقّين لزكاة المال.

(11) ويشترط في من تدفع إليه الفطرة الإيمان.

نعم، لو لم يقدر على المؤمن في البلد جاز إعطاؤها إلى المستضعف غير المؤمن، ولكن لا يجوز إعطاؤها إلى الناصب.

(12) ولا يجوز دفعها إلى الهاشميّ إلّا إذا كان المزكّي أيضاً هاشميّاً.

(13) والظاهر جواز الدفع إلى المستحقّ أقلّ من صاع، بأن يقسّم الصاع الواحد مثلاً على شخصين.

نعم، الأحوط استحباباً أن لا يفعل ذلك.

259

الخمس

(1) تقدّم أنّ الزكاة من الأموال التي تكون مملوكةً لجهة عامّة، وليست لعموم المسلمين ولا للدولة الإسلاميّة.

إلّا أنّه مضى أنّ صرفها بيد الدولة الإسلاميّة لدى بسط اليد للحاكم الشرعيّ، فإذن هي تعتبر من ميزانيّة الدولة بمعنى من المعاني.

أمّا الخمس فهو ممّا يكون ملكاً للدولة الإسلاميّة مباشرةً، أو قل: لمنصب الإمامة، والأقوى عندنا ثبوت هذا الحكم ـ أي: كونه لمنصب الإمامة ـ حتّى في ما يسمّى في المصطلح الفقهيّ عادة بسهم السادة. نعم، لا شكّ في أنّ من مهامّ الأئمّة(عليهم السلام) مراعاة الحاجات الاقتصاديّة لأولاد الرسول(صلى الله عليه وآله).

ما يتعلّق به الخمس:

وقد جعلوه سبعة:

(2) الأوّل: الغنائم المأخوذة في القتال.

وقد فصّلوا بين القتال بإذن الإمام، فتكون الغنائم عندئذ ملكاً للمقاتلين الذين قاتلوا الكفّار بعد أخذ صفو المال للإمام، وأخذ الخمس من الباقي له، فما يتبقّى يقسّم على المقاتلين بشرح راجع إلى محلّه، وما يكون قتالاً وغزواً لهم ابتداءً من قِبَل المسلمين من دون أمير أمّره الإمام(عليه السلام) وإذن لهم، فيكون عندئذ كلّ ما غنموه للإمام.

260

(3) وهذا الذي ذكرناه إنّما هو في المنقولات. وأمّا مثل الأراضي المفتوحة عَنْوة التي هي ملك للمسلمين عامّة، فلا يتعلّق بها الخمس.

(4) ويشترط في امتلاك المقاتلين أن يكون القتال بإذن الإمام.

(5) وإذن الوليّ الفقيه في عصر الغيبة يحلّ محلّ إذن الإمام في عصر الحضور.

(6) وإذا كانت الحرب في عصر الغيبة مشروعة لكونها دفاعيّة، ولم يوجد الوليّ الفقيه المشرف، فمشروعيّتها تحلّ محلّ إذن الإمام.

(7) أمّا ما يؤخذ غِيلة من الكفّار أو النواصب فيجب تخميسه من دون استثناء مؤونة السنة.

(8) الثاني: المَعْدِن.

(9) وهو الأشياء ذوات القيمة المركّزة في الأرض من غير سنخ الأرض.

(10) والأحوط عدم التقيّد في المَعْدِن بالنصاب، سواء اُريد به نصاب عشرين ديناراً، أو اُريد به نصاب دينار واحد.

(11) ولا تستثنى من المَعْدِن مؤونة الإخراج.

(12) ولا يجب تخميس المخلوط بالتراب، إلّا بمقدار ما يساوي خُمْس المصفّى.

(13) وإذا كان المَعْدِن في الأجواء القريبة من بيت مملوك بحيث يعدّ عرفاً من حريم البيت، اختصّ بصاحب البيت بعد استخراجه وتخميسه.

(14) الثالث: الكنز.

(15) والمقصود بالكنز الذي يخمّس ويملّك الباقي: ما يرجع إلى العهد القديم الذي باد أهله ولو كان إسلاميّاً.

(16) والأحوط ثبوت الخمس حتّى في غير كنز الذهب والفضّة.

261

ويشترط في ثبوت الخمس في الكنز بلوغُه مبلغ نصاب الزكاة، والشرط إنّما هو بلوغ نفس مبلغ الكنز النصابَ من دون استثناء مقدار مؤونة التحصيل والإخراج.

(17) الرابع: الغوص. والظاهر شمول الحكم لما اُخرج عن طريق الغوص، ولما اُخرج عن طريق آلة، وكذلك شموله للبحر وللشطوط والأنهار الكبيرة.

(18) والظاهر أنّ الحكم مخصوص بالمجوهرات المعدنيّة والنباتيّة، ولا يشمل الأسماك.

(19) والأحوط عدم اشتراط خمس الغوص بنصاب دينار، وإن كان الأقوى اشتراطه به.

(20) الخامس: الأرض التي اشتراها الذمّيّ من المسلم. والظاهر أنّ الخمس في هذه الأرض غير ثابت، وعليه فنحن نحذف في المقام فروع المسألة، وإنّما المقصود بالخمس الوارد في النصّ في المقام: الجزية بمقدار العُشرَين على الزراعة، وهذا خارج عن بحثنا.

(21) السادس: المال الحلال المختلط بالحرام إذا لم يميّز ولم يعرف مقداره ولا صاحبه.

أمّا لو علم أنّ الحرام أزيد من الخمس فالأحوط أن يطبّق الحرام على مال مشخّص، ثُمّ صرفه في القاسم المشترك بين مصرف الخمس ومصرف مجهول المالك.

(22) السابع: ما يفضل من مؤونة سنته له ولعياله من فوائد الصناعات، والزراعات، والتجارات، والإجارات، وحيازة المباحات، والفوائد والهدايا والجوائز، ونحو ذلك بعد استثناء المؤونة.

(23) والأحوط وجوباً إلحاق الهدايا والجوائز المهمّة التي تعتبر غنيمة استثنائيّة بمسألة الغنائم، أي: إنّها تخمّس فوراً وجميعاً من دون استثناء مؤونة السنة.

262

(24) أمّا الهبة الاعتياديّة فتلحق بأرباح المكاسب، وتخمّس في آخر السنة لو زادت على المؤونة.

(25) وقد حُلِّل للشيعة في أيّام الغيبة أمران:

أحدهما: الغنائم أو خصوص الجواري المَسْبيّة من قِبَل حكومة إسلاميّة سنّيّة غنمتها من الكفّار بمثل الحرب، ثُمّ انتقلت منها إلى الشيعيّ. والمتيقّن من ذلك هي الجواري لا مطلق الغنائم.

وثانيهما: الخمس المتعلّق بمال مَنْ لا يخمّس حينما ينتقل إلى الشيعيّ بغير الإرث.

(26) ويستثنى من الخمس المهر وعوض الخلع والإرث.

نعم، الميراث الذي لا يحتسب ملحق في الحكم بغنيمة الحرب في تخميسه كلاًّ ومن دون استثناء المؤونة.

(27) والمقصود باستثناء المؤونة: استثناء مؤونة السنة مخيّراً بين اختيار السنة القمريّة والسنة الشمسيّة.

(28) وهناك طريقان لحساب السنة:

أحدهما: أن يحسب سنة كلّ ربح مستقلاًّ، فما لم يصرف في المؤونة إلى آخر سنته كان عليه الخمس.

ولا يجوز استثناء مؤونة متقدّمة على حصول ربح مّا من ذاك الربح المتأخّر.

وثانيهما: أن يحسب سنة مجموعيّة لكلّ الأرباح تبدأ بأوّل ربح، فيجوز له عندئذ أن يستثني مؤونة متقدّمة على حصول ربح مّا من ذاك الربح المتأخّر.

والحساب الأوّل هو الحساب الواقعيّ.

والحساب الثاني حساب ظاهريّ يشترط فيه عدم العلم بخسران الإمام(عليه السلام) في

263

هذا الحساب بالقياس إلى ما لو كان المكلّف محاسباً ذاك الحساب الدقيق.

(29) ويجوز له التلفيق بين الطريقين، فيحسب مثلاً حساب السنة المجموعيّة لجميع أرباحه، ويستثني ربحاً مهمّاً له في أواخر السنة بجعل سنة خاصّة له من حين حصوله بشرط أن لا يستثني منه مؤونة متقدّمة على هذا الربح.

(30) ولو صرف من ربح سنته الحاليّة على مؤونة سنة قادمة من دون أن يملك حاليّاً أمراً مادّيّاً، لم يتعلّق به الخمس، من قبيل:

أ ـ أن يشتري خطّاً هاتفيّاً لا يعطى إلّا بعد سنين وهو من مؤونته حينما يعطى.

ب ـ أو يشتري سيّارة لا تُسلَّم إلّا بعد سنين وهي من مؤونته حينما تُسلَّم.

ج ـ أو يسجّل للحجّ بما قدّمه من المال ولا يصل وقت حجّه إلّا بعد سنين.

د ـ أو يشتري خطّ الكهرباء أو الماء ولا يُسلَّم إلّا بعد سنين وهو من مؤونته في وقت التسليم.

(31) ولو ارتفعت القيمة السوقيّة لماله المخمّس لم يتعلّق بالارتفاع الخمس ما لم يترجمه بمال عن طريق المبادلة ولو كان في معرض التجارة.

(32) والربح إنّما يدخل تحت دائرة السنة الخمسيّة من حين دخوله تحت السلطة بمثل الاستلام، أو الدخول في الحساب المصرفيّ، أو سيطرة الشخص على استلامه ممّن هو في ذمّته، ونحو ذلك.

(33) ورأس المال إن لم يكن من مستثنيات الخمس كالإرث ونحوه، بل كان من الأرباح التي يتعلّق بها الخمس: فإن كان يدرّ بربحه على المؤونة، كالبقرة الحلوب التي يعيش صاحبها واُسرتُه في مؤونته على حليبها، أو الشجرة المثمرة التي يعيش صاحبها واُسرتُه في مؤونته على ثمرتها، أو البيت الذي يصرف سكناه في مؤونته بأن

264

يسكن فيه، أو يسكّن أهله فيه، أو يؤجره لصرف اُجرة سكناه في مؤونته دون أن يصرف مالاً آخر في تلك المؤونة ويضيف اُجرة هذا البيت إلى ماله، فهنا لا إشكال في عدم تعلّق الخمس برأس المال هذا مادام داخلاً في مؤونته بهذا الشكل.

أمّا لو كان يُدخل أرباح رأس المال في خزانته، أو يدّخرها لمؤن السنوات القادمة ويصرف في مؤونة هذه السنة أموالاً اُخرى، فلابدّ من تخميس رأس المال.

(34) لو خرجت المؤونة عن كونها مؤونة كحليّ المرأة الذي خرج عن حاجتها في الزينة بسبب تقدّمها في السنّ، أو البقرة الحلوب التي خرجت بعد حين عن عيش صاحبها في مؤونته بحليبها، دخل المال عندئذ من ذاك الحين تحت نظام الخمس، فلو بقي خارجاً عن المؤونة من ذاك الحين حتّى نهاية السنة، وجب تخميسه.

(35) ويشترط في تعلّق الخمس بأرباح المكاسب البلوغ والعقل، فلو كان صغيراً أو كان مجنوناً من أوّل السنة، لم يتعلّق بماله الخمس، ومتى ما أفاق أو بلغ كان ذلك أوّل سنته بالنسبة إلى ما يملكه من المال، فلو زاد عن مؤونة سنته بعد الإفاقة أو البلوغ، وجب عليه تخميس الزيادة.