105

الصلاة

الصلاة أهمّ عبادة في الإسلام، وهي عمود الدين، كما جاء في الحديث الشريف. وقد روي عن النبي(صلى الله عليه وآله): أنّها أوّل ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحّت نظر في عمله، وإن لم تصحّ لم ينظر في بقيّة عمله(1)، ومثلها ـ كما دلّ الحديث ـ كمثل النهر الجاري، فكما أنّ من اغتسل فيه في كلّ يوم خمس مرّات لم يبقَ في بدنه شيء من الدَرَن كذلك كلّما صلّى صلاةً كفّر ما بينهما من الذنوب(2).

الصلوات اليوميّة ونوافلها

إنّ الواجب من الصلوات ستّة(3)، أحدها بل أهمّها الصلوات الواجبة اليوميّة، وأيضاً يطلق عليها الصلوات الخمس، والفرائض الخمس، وهي: صلاة الصبح،



(1) وسائل الشيعة 3:23، ب 8 من أبواب أعداد الفرائض، ح 13.

(2) المصدر السابق: 6، ب 2 من أبواب أعداد الفرائض، ح 3.

(3) أ - الصلوات اليوميّة.

ب - صلاة الطواف.

ج ـ صلاة الآيات.

د - الصلاة على الأموات.

هـ - قضاء الولد الأكبر عن والده ما فاته من الصلاة، على ما تأتي الإشارة إليه في موضعه.

و ـ صلاة العيدين: عيد الأضحى، وعيد الفطر، إذا أقامها الإمام أو سلطان عادل يمثّله.

106

وصلاة الظهر أو بديلها من الجمعة، وصلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء. وتشتمل هذه الصلوات الخمس بمجموعها على سبع عشرة ركعة.

وهناك أربع وثلاثون ركعة مستحبّة في مجموع النهار والليلة استحباباً مؤكّداً، ووردت الحثّ عليها والترغيب فيها كثيراً في النصوص والأحاديث، وتسمّى هذه الركعات بالنوافل اليوميّة. وفي ما يلي نذكر الصلوات اليوميّة الواجبة والنوافل اليوميّة المستحبّة وبعض خصائصها:

 

1 ـ فريضة صلاة الفجر ونافلتها:

(1) وهي اُولى الصلوات اليوميّة، ولها شأن كبير، وقد عبّر عنها القرآن الكريم بقرآن الفجر في قوله تعالى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِإِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً﴾(1). وصلاة الفجر ركعتان، ويجهر المكلّف الرجل في صلاة الفجر بقراءة الفاتحة والسورة التي عقيبها.

(2) لصلاة الفجر وقت محدّد، وهو الوقت الذي يبدأ من طلوع الفجر إلى شروق الشمس.

(3) وكما توجد فريضة صلاة الفجر كذلك توجد نافلة الفجر، وهي صلاة تتكوّن من ركعتين كفريضة الفجر تماماً، ولكن ينوي المصلّي بها نافلة الفجر قربةً إلى الله تعالى.

والمتيقّن من بدء وقت نافلة الفجر ما يصدق عليه عرفاً عنوان ما قبل الفجر، وهو قريب الانطباق على السدس الأخير من الليل، ولا يبعد بدء وقتها ببدء وقت صلاة الليل ويستمرّ وقتها إلى طلوع الشمس. والأفضل الأحوط استحباباً أن لا تؤخّر إلى حين ظهور الحمرة المشرقيّة الذي ينتهي به الوقت المفضّل لفريضة الفجر.

 


(1) الإسراء: 78.
107

ويشترط الإتيان بنافلة الفجر قبل فريضة الفجر، ولكن إذا خشي أن يفوته بسبب ذلك الوقت المفضّل لفريضة الفجر (وهو قبل ظهور حمرة في الاُفق في ناحية المشرق تمهيداً لطلوع الشمس) فالأفضل أن يبدأ بالفريضة، ويأتي بالنافلة بعد ذلك قبل طلوع الشمس.

2 ـ فريضة صلاة الظهر ونافلتها:

(4) فريضة صلاة الظهر هي الصلاة اليوميّة الثانية، وتسمّى بالصلاة الوسطى. وصلاة الظهر أربع ركعات. وقد تصبح صلاة الظهر ركعتين؛ وذلك بالنسبة إلى المسافر ضمن شروط معيّنة يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى. ويُخفِت المكلّف في قراءة الفاتحة والسورة التي عقيبها في صلاة الظهر، عدا البسملة في كلٍّ من السورتين فإنّ الإخفات فيها غير واجب، ويستثنى من وجوب الإخفات صلاة الظهر من يوم الجمعة، فإنّه لا يجب فيها الإخفات، ويجب الإخفات أيضاً في قراءة التسبيحات في الركعتين الثالثة والرابعة من صلاة الظهر في جميع الأيّام.

(5) ووقت صلاة الظهر يبدأ من منتصف الفترة الواقعة بين طلوع الشمس وغروبها، بمعنى أنّ المدّة الواقعة بين طلوع الشمس وغروبها إذا قسّمت إلى قسمين متساويين في الساعات والدقائق كان أوّل النصف الثاني منها بداية الوقت لصلاة الظهر. وتسمّى بداية الوقت هذه بالزوال، ويستمرّ وقت صلاة الظهر إلى غروب الشمس، ولكن إذا كان على عهدة الإنسان صلاة الظهر وصلاة العصر معاً ولم يصلّهما حتّى لم يبقَ إلى الغروب إلّا فترة لا تكفي إلّا لإحدى الصلاتين فقط اعتبر وقت صلاة الظهر قد انتهى من أجل صلاة العصر، وصلّى المكلّف صلاة العصر (وصلاة العصر هي الصلاة اليوميّة الثالثة التي يأتي الكلام عنها). وإذا كانت الفترة الباقية خمس دقائق ـ مثلاً ـ على افتراض أنّ كلّ ركعة تستغرق دقيقةً بكاملها

108

وجب على المكلّف أن يصلّي صلاة الظهر، ويصلّي بعدها فوراً صلاة العصر.

(6) وكما توجد فريضة صلاة الظهر كذلك توجد نافلة الظهر، وهي مكوّنة من أربع صلوات، وكلّ واحدة من هذه الصلوات تتكوّن من ركعتين، فيكون المجموع ثمان ركعات، يقصد بها المصلّي نافلة الظهر قربةً إلى الله تعالى. ووقت نافلة الظهر هو وقت فريضة الظهر تماماً ويجوز تقديمها على الظهر. ويؤتى بالنافلة قبل الفريضة(1).

(7) عرفنا أنّ صلاة الظهر فريضة واجبة، ولكن هناك بديل عنها في ظهر يوم الجمعة خاصّةً ضمن شروط معيّنة، وهذا البديل صلاة الجمعة، وسيأتي الحديث عنها.

3 ـ فريضة صلاة العصر ونافلتها:

(8) فريضة صلاة العصر هي الصلاة اليوميّة الثالثة، وتشابه صورتها وعدد ركعاتها وإخفات قراءتها صلاة الظهر تماماً، غير أنّ المصلّي ينوي فيها أنّه يصلّي صلاة العصر قربةً إلى الله تعالى.

(9) ويبدأ وقت فريضة العصر من الزوال (الظهر)، غير أنّه يجب أن يؤتى بها بعد الإتيان بفريضة الظهر، فإذا حلّ الظهر لم يسغْ للمكلّف أن يتعمّد الإتيان بها قبل فريضة الظهر وهو عالم بأنّ هذا لا يسوغ له، ولو صنع المكلّف ذلك وجب عليه أن يصلّي الظهر ويعيد صلاة العصر بعد صلاة الظهر، وإذا بادر إلى فريضة العصر قبل فريضة الظهر في غير صورة العمد والعلم فللمسألة تفاصيل نتركها اختصاراً(2).

(10) ويستمرّ وقت صلاة العصر إلى غروب الشمس، أي سقوط قرص الشمس،



(1) هناك بعض الاستثناءات نتركها مع باقي التفاصيل للاختصار، راجع لها كتاب الفتاوى الواضحة: 406 ـ 408 ـ بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم ـ مع مراعاة الهامش.

(2) راجع لذلك المصدر السابق: 410، الفقرة: (26) ـ (27) مع مراعاة الهامش.

109

فإذا لم تبقَ إلى الغروب إلّا فترة تسع صلاةً واحدةً وكان على المكلّف صلاتا الظهر والعصر معاً وجب عليه أن يقدّم العصر.

(11) وهناك نافلة بين فريضتي الظهر والعصر تتكوّن من أربع صلوات وثمان ركعات كنافلة الظهر تماماً، ويسوغ الاقتصار فيها على ثلاث صلوات أو على صلاتين(1).

4 ـ فريضة صلاة المغرب ونافلتها:

(12) فريضة صلاة المغرب هي الصلاة الرابعة من الصلوات اليوميّة، وتتكوّن من ثلاث ركعات، وينوي المصلّي بها أنّه يصلّي صلاة المغرب قربةً إلى الله تعالى، ويجهر المصلّي الرجل بقراءة الفاتحة والسورة التي بعدها في الركعتين الاُولى والثانية، ويُخفت المصلّي بالتسبيحات التي يقرأها في الركعة الثالثة.

(13) ويبدأ وقت فريضة المغرب بمغرب الشمس، ويحصل ذلك بذهاب البقيّة الباقية من ضوء الشمس في الاُفق بعد غيابها على الأحوط، وهي الحمرة التي نراها في جهة المشرق عند اختفاء قرص الشمس عن الأنظار، ويعبّر عنها الفقهاء بالحمرة المشرقيّة، فإذا تلاشت هذه الحمرة عن جانب المشرق حلّ وقت صلاة المغرب. وعلى هذا نميّز بين غروب الشمس ومغرب الشمس، فمتى قلنا الكلمة الاُولى قصدنا سقوط قرص الشمس واستتارها، ومتى قلنا الكلمة الثانية قصدنا ذهاب الحمرة بالمعنى الذي أوضحناه.

(14) ويستمر وقت صلاة المغرب إلى نصف الليل، والليل: هو الفترة الواقعة بين غروب قرص الشمس وطلوع الفجر، فإذا انتهى النصف الأوّل من هذه الفترة فقد



(1) وهناك تفاصيل وبعض الاستثناءات راجع للوقوف عليها المصدر السابق: 410 ـ 411، الفقرة: (29) ـ (30) مع مراعاة الهامش.

110

انتهى وقت صلاة المغرب. ويستثنى من ذلك: مَن كان معذوراً في تأجيل الصلاة،كالناسي لصلاته أو النائم طيلة الوقت، فإنّ الوقت يمتدّ بالنسبة إلى هذا المعذور بعد نصف الليل، ولا ينتهي إلّا بطلوع الفجر، وهذا الحكم في المرأة الحائض احتياطي احتياطاً وجوبيّاً، بل نحن نحتاط في العامد أيضاً، أي أنّه لو أخّر صلاته عمداً إلى نصف الليل فهو وإن عصى بالتأخير لكن تجب عليه احتياطاً المبادرة بالصلاة قبل الفجر.

وإذا أخّر المكلّف صلاة المغرب إلى قبيل نصف الليل ولم تبقَ سوى فترة أربع رَكعات وجب على المكلّف أن يؤجّل صلاة المغرب ويصلّي صلاة العشاء. وأمّا إذا كانت الفترة تَسَعُ خمسَ ركعات فعليه أن يصلّي المغرب، ثمّ يصلّي بعدها فوراً صلاة العشاء.

(15) وكما توجد فريضة صلاة المغرب كذلك توجد نافلة المغرب، وهي تتكوّن من صلاتين، كلّ منهما عبارة عن ركعتين، وينوي بها المصلّي أنّه يصلّي نافلة المغرب قربةً إلى الله تعالى، ويسوغ للمكلّف الاقتصار على إحدى الصلاتين، أي يأتي بركعتين فقط من نافلة المغرب، ووقت نافلة المغرب يمتدّ مع امتداد وقت فريضة صلاة المغرب، ويشترط تأخيرها عن الفريضة، والأوفق بالاحتياط في أدائها أن تؤدّى في الوقت المفضّل لفضيلة المغرب(1).

5 ـ فريضة صلاة العشاء ونافلتها:

(16) فريضة صلاة العشاء هي آخر الصلوات اليوميّة الواجبة، وتتكوّن من أربع ركعات، وتؤدّى ركعتين في حالة السفر ضمن شروط يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.



(1) لمعرفة وقت فضيلة المغرب راجع المصدر السابق: 413، الفقرة: (33) مع مراعاة الهامش.

111

وصورتها كصورة الظهر تماماً، إلّا أنّ المصلّي هنا ينوي أنّه يصلّي صلاة العشاء قربةًإلى الله تعالى، ويجهر المصلّي الرجل في قراءته للفاتحة والسورة التي بعدها في الركعتين الاُولى والثانية.

(17) ووقت صلاة العشاء يبدأ من غروب الشمس ـ بالمعنى المتقدّم في صلاة المغرب ـ إلى نصف الليل، كفريضة المغرب تماماً، إلّا أنّه لا يسوغ الإتيان بها قبل فريضة المغرب، فكلّ مَن أتى بها قبل صلاة المغرب عامداً عالماً بأنّ هذا لا يجوز بطلت صلاته، ووجب عليه أن يصلّي المغرب ثمّ العشاء. وإذا بادر المكلّف إلى فريضة العشاء قبل فريضة المغرب في غير صورة العمد والعلم فللمسألة تفاصيل نتركها اختصاراً(1).

(18) وتوجد بعد صلاة العشاء صلاة نافلة تتكوّن من ركعتين، وصورتها هي الصورة العامّة لصلاة تتكوّن من ركعتين، غير أنّ هذه الصلاة يؤدّيها المكلّف وهو جالس، فينوي أنّه يصلّي نافلة العشاء قربةً إلى الله تعالى، ويكبّر تكبيرة الإحرام وهو جالس، وهكذا يواصل صلاته، ويعتبر انحناءه بعد القراءة على طريقة انحناء الجالس ركوعاً.

ويمتدّ وقتها مع امتداد وقت فريضة صلاة العشاء، فكلّما كان بإمكان المكلّف أن يؤدّي فريضة العشاء ثمّ يؤدّيها بعدها قبل انتصاف الليل فهي مقبولة عند الله سبحانه وتعالى.

وهناك أحكام عامّة للصلوات اليوميّة من ناحية الوقت تركناها للاختصار(2).



(1) راجع للوقوف عليها المصدر السابق: 414 ـ 415، الفقرة: (39) ـ (40) مع مراعاة الهامش.

(2) راجع للوقوف عليها المصدر السابق: 437 - 439، مع مراعاة الهامش.

112

نافلة الليل:

(19) وهناك نافلة اُخرى ذات أهمّيّة كبيرة شرعاً تسمّى بصلاة الليل، وهي تتكوّن من ستّ صلوات، والصلوات الأربع الاُولى منها تتكوّن كلّ واحدة منها من ركعتين، والصلاة الخامسة تتكوّن من ركعتين أيضاً وتسمّى بركعتي (الشفع)، والصلاة السادسة تتكوّن من ركعة واحدة وتسمّى بركعة (الوتر). وعلى هذا الأساس تشتمل نافلة الليل على إحدى عشرة ركعة، ويسوغ للمكلّف أن يقتصر على الشفع والوتر معاً، وأن يقتصر على الوتر فقط.

ووقت نافلة الليل يبدأ من نصف الليل بالمعنى المتقدّم، ويمتدّ إلى الفجر الذي يبدأ به وقت فريضة الفجر.

ويجوز تقديم نافلة الليل في أوّله، إلّا أنّه لا ينبغي ذلك إلّا ضرورة، والقضاء بالنهار لدى الضرورة أفضل من التقديم.

ويحتمل بدء وقت نافلة الليل من بعد الثلث الأوّل.

والوقت المفضّل لنافلة الليل السحر، وهو ثلث الليل الأخير.

ولا إثم في ترك شيء من النوافل المتقدّمة، وإن كان في الإتيان بها شأن كبير عند الله سبحانه وتعالى.

ويستخلَص ممّا ذكرناه: أنّ الصلوات اليوميّة تشتمل على سبع عشرة ركعة واجبة، ضمن خمس صلوات، وعلى أربع وثلاثين ركعة مستحبّة ضمن ثماني عشرة صلاة.

113

الأذان والإقامة

للصلوات اليوميّة الواجبة آداب مندوبة ينبغي للمصلّي مراعاتها والمحافظة عليها، ولا إثم عليه لو تركها. ومن هذه الآداب الأذان والإقامة.

(1) الأذان في الشريعة: أذكار معيّنة تشير إلى دخول وقت الصلاة، أو يمهَّد بها لإقامة الصلاة. فهناك أذان للإعلام بدخول الوقت، ويسمّى بالأذان الإعلامي، وهو مستحبّ عند دخول وقت الصلاة، سواء كان المؤذّن يريد أن يصلّي فعلاً أوْ لا.

وهناك أذان لإقامة الصلاة، وهو مستحبّ ممّن يريد إقامة الصلاة فعلاً، سواء كان يقيمها في أوّل الوقت، أو في وسطه، أو في آخره.

(2) والمراد بالإقامة هنا: أذكار معيّنة تقال قبل الصلاة مباشرة، منها: «قد قامت الصلاة»، أي أنّ المواظبين على الصلاة تهيّؤوا للشروع فيها.

(3) يتألّف الأذان من ثمانية عشر جزءاً، وهذه صورته بكامل أجزائه:

(الله أكبر) أربع مرّات.

(أشهد أن لا إله إلّا الله) مرّتين.

(أشهد أنّ محمّد رسول الله) مرّتين.

(حيّ على الصلاة) مرّتين.

(حيّ على الفلاح) مرّتين.

(حيّ على خير العمل) مرّتين.

(الله أكبر) مرّتين.

(لا إله إلّا الله) مرّتين.

114

ويسوغ الاقتصار على مرّة واحدة لكلّ جملة من هذه الجمل إذا كان المصلّي مستعجلاً.

(4) وأجزاء الإقامة تقترب من أجزاء الأذان كثيراً، وصورتها كما يلي:

(الله أكبر) مرّتين.

(أشهد أن لا إله إلّا الله) مرّتين.

(أشهد أنّ محمّد رسول الله) مرّتين.

(حيّ على الصلاة) مرّتين.

(حيّ على الفلاح) مرّتين.

(حيّ على خير العمل) مرّتين.

(قد قامت الصلاة) مرّتين.

(الله أكبر) مرّتين.

(لا إله إلّا الله) مرّة واحدة، ويستحبّ مرّتين.

(5) وصورة الأذان والإقامة محدّدة شرعاً ضمن ما ذكرناه، فلا يجوز أن يؤتى بشيء آخر من الكلام فيها على أساس أنّه جزء منها. وأمّا التكلّم بكلام أو جملة بدون أن يقصد المؤذّن أو المقيم جعله جزءاً من أذانه وإقامته فهو جائز. ومن ذلك قوله ـ بعد الشهادة الثانية لمحمّد(صلى الله عليه وآله) بالرسالة ـ : «أشهَدُ أنّ عليّاً وليّ الله» فإنّ ذلك جائز إذا لم يقصد به كونه جزءاً من الأذان والإقامة، وإنّما أراد به الإعلان عن حقيقة من حقائق الإسلام، وهي ولاية عليّ عليه الصلاة والسلام.

(6) يشترط في الأذان والإقامة ما يلي:

1 ـ نيّة القربة؛ لأنّهما عبادتان.

2 ـ تقديم الأذان على الإقامة، فلو قدّم الإقامة على الأذان صحّت الإقامة ولم

115

يصحّ الأذان، وبإمكانه أن يتدارك الترتيب بأن يقيم بعد الأذان مرّةً ثانيةً ويفترض الإقامة الاُولى كأنّها لاغية.

3 ـ الالتزام بتسلسل الأجزاء على النحو المحدّد في صورتي الأذان والإقامة.

4 ـ التتابع بين الأذان والإقامة، وبينهما وبين الصلاة، وبين أجزاء كلٍّ منهما بعضها مع البعض الآخر.

5 ـ دخول وقت الصلاة، ولا يسوغ قبله إلّا أذان الفجر، فإنّه يسوغ أن يقدّم عليه إذا لم يكن فيه تغرير للآخرين، وهذا ليس أذان إعلام دخول الوقت، والأحوط أن لا يعدّ أذان الصلاة، فهو أذان تنبيه النائمين لكي يتهيّؤوا للصلاة.

6 ـ أن يكون الأذان والإقامة بالعربيّة الفصحى.

7 ـ يشترط أن يكون الإنسان حال الإقامة على طهارة، ويقيم وهو واقف. وأمّا في الأذان فيستحبّ هذا وذاك(1).



(1) ولمعرفة بعض التفاصيل، ومعرفة أنّه متى لا يتأكّد الأذان ومتى لا يراد وكذا الإقامة، ومعرفة بعض التعقيبات المستحبّة بعد الصلاة: راجع كتاب الفتاوى الواضحة: 430 ـ 433 بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم، الفقرة: (68) ـ (77) مع مراعاة الهوامش.

117

في

الشروط العامّة

يشترط في الصلوات بأقسامها: طهارة البدن، والملابس، والوضوء، وكذلك الغسل إذا كان وقع من المكلّف ما يوجب الغسل، على تفصيلات تقدّم بعضها ويأتي بعضها وتركنا بعضها الآخر للاختصار، ونذكر الآن شروطاً عامّة اُخرى على سبيل الاختصار:

استقبال القبلة:

(1) استقبال القبلة شرط لصحّة الصلوات الخمس اليوميّة ولجميع أجزائها، حتّى الأجزاء المنسيّة التي تؤدّى بعد الصلاة (وهي السجدة والتشهّد)، ولركعات الاحتياط دون سجود السهو، وكذلك هو شرط لسائر الصلوات الاُخرى واجبة أو مستحبّة، فيجب في صلاة الآيات، والصلاة على الأموات، وغير ذلك.

(2) ويستثنى ممّا ذكرناه إذا صلّى الإنسان صلاة النافلة وهو غير مستقرٍّ في وقوفه، كما إذا صلاّها ماشياً فإنّ الاستقبال في هذه الحالة ليس شرطاً، وكذلك إذا صلّى النافلة وهو راكب في السيّارة أو السفينة أو الطائرة وهي تتحرّك به، فإنّه لا يجب والحالة هذه أن يحرص على استقبال القبلة، ولا نعني بذلك جواز اتّجاهه عمداً إلى غير القبلة في ما لو علم بها وكانت القبلة صدفةً بنفس الاتّجاه الذي يتطلّبه سيره. وأمّا إذا صلّى النافلة وهو مستقرّ وليس في حالة مشي ولا في واسطة نقل متحرّكة فليس من المعلوم أن تصحّ صلاته إلّا إذا استقبل القبلة، كما يفعل في صلاة الفريضة تماماً.

118

(3) من صلّى إلى غير القبلة ملتفتاً إلى أنّ صلاته ليست إلى القبلة بطلت صلاته، سواء كان عالماً بأنّ الشارع الأقدس قد أوجب الصلاة إلى القبلة متذكّراً لذلك، أوكان جاهلاً بهذا الحكم من الأساس، أو كان عالماً به منذ البداية ولكن نسي هذا الحكم حين الصلاة فاتّجه إلى غير القبلة.

(4) وقد يصلّي إلى غير القبلة وهو يتخيّل خطأً أنّه يصلّي إلى القبلة، فماذا يصنع إذا اتّضح له الحال بعد أن فرغ من صلاته؟

والجواب: أنّه إذا كان قد اتّضح له الحال بعد ذهاب الوقت المحدّد لتلك الصلاة صحّت صلاته ولا شيء عليه، وإذا اتّضح له الحال قبل ذهاب الوقت وجبت عليه الإعادة إذا كان انحرافه عن القبلة كثيراً على نحو صارت القبلة إلى يمينه أو شماله أو خلفه. وأمّا إذا كان الانحراف عن القبلة أقلّ من ذلك فلا تجب الإعادة.

(5) وقد تسأل: ما هو الحكم إذا اتّضح للمصلّي واقع الحال وهو في أثناء الصلاة؟

والجواب: إذا كان ما تقدّم من صلاته منحرفاً عن القبلة كثيراً ـ على النحو الذي أشرنا إليه قبل لحظة ـ قطع صلاته وأعادها، وإلّا اعتدل إلى القبلة لما بقي، وصحّ ما مضى من صلاته ولا إعادة عليه(1).

الملابس:

الواجب من الملابس:

(6) يجب على المصلّي إذا كان رجلاً أن يرتدي من الملابس حال الصلاة ما



(1) لمعرفة كيفيّة تعيين القبلة راجع كتاب الفتاوى الواضحة: 515 ـ 521 ـ بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم ـ مع مراعاة الهوامش.

119

يستر به عورته. وعورة الرجل في الصلاة القبل، وهو القضيب والبيضتان، والدبروهو الحلقة المعلومة، وما عدا ذلك ممّا بين القبل والدبر وحولهما فلا يجب ستره، إلّاإذا توقّف العلم واليقين بستر العورة على ستر أطرافها.

ويجب على المرأة إذا صلّت أن تستر جسمها بالكامل، عدا الوجه والكفّين إلى الزندين والقدمين إلى الساقين ظهراً وبطناً.

وهذا الستر واجب في كلّ الصلوات عدا الصلاة على الميّت، وواجب في ركعات الاحتياط والأجزاء المنسيّة، دون سجود السهو.

(7) والستر الواجب في الصلاة لا يتحقّق بملابس رقيقة لا تستر لون البشرة، بل يجب أن يكون لها من السُمك والتماسك ما يستر بها اللون.

(8) وإذا انكشف شيء ممّا يجب ستره على المصلّي وهو يؤدّي الفريضة لخالقه وعلم بذلك فتهاون وأهمل بطلت صلاته. أمّا إذا كان جاهلاً أو ذاهلاً لم يعرف شيئاً ممّا حدث إلّا بعد أن انتهى وأتمّ صلاته فلا شيء عليه، حتّى ولو اتّسع الوقت لإعادة الصلاة واستئنافها من جديد، وكذلك إذا لم يكن يعرف أنّ الستر واجب في الصلاة فلم يهتمّ بستر ما انكشف منه حتّى أنهى صلاته، ثمّ علم بأنّ الستر واجب على المصلّي فإنّ صلاته صحيحة. وإذا علم المصلّي أثناء الصلاة بأنّ شيئاً ممّا يجب ستره مكشوف قطع صلاته وأعادها متستّراً، وكذلك إذا صلّى متكشّفاً وهو لا يعرف أنّ الستر واجب على المصلّي وعرف بذلك أثناء الصلاة فإنّه يعيد صلاته(1).



(1) لمعرفة حكم ما إذا لم تتوفّر لدى المصلّي ملابس راجع المصدر السابق: 523، الفقرة: (13) ـ (14) مع مراعاة الهامش.

120

شروط ملابس المصلّي:

يجب عندنا أن تتوفّر في ملابس المصلّي الشروط التالية:

(9) الأوّل: الطهارة، فإنّ طهارة البدن حتّى الشعر والظفر، وطهارة الثياب حتّى غير ما يستر العورة شرط أساسي في صحّة الصلاة الواجبة والمندوبة وركعات الاحتياط والأجزاء المنسيّة من الصلاة. أمّا سجدتا السهو والتعقيب بعد الصلاة والأذان والإقامة قبلها فلا تشترط الطهارة في صحّة شيء منها.

(10) ومن صلّى بالنجاسة عالماً ـ لا جاهلاً بوجودها ـ متعمّداً ـ لا غافلاً ـ بطلت صلاته، سواء كان عالماً بأنّ الصلاة يشترط فيها طهارة البدن والثياب منها أوْ لا.

فمثلاً: إذا كان على ثوب المصلّي دم وهو يعلم بذلك وملتفت إليه حين الصلاة ولكنّه لا يعلم أنّ الدم نجس، أو لا يعلم بأنّ المصلّي يجب عليه التنزّه عنه وتطهير ملابسه من نجاسته فهذا المصلّي صلاته باطلة، فضلاً عمّا إذا كان عالماً بأنّ الدم نجس وأنّ الصلاة مع النجاسة لا تصحّ.

(11) ومن علم بأنّ على ثوبه أو بدنه نجاسةً ثمّ ذهل عنها وصلّى فصلاته باطلة.

ومن تذكّر ـ وهو يقيم الصلاة ـ أنّ ثوبه هذا الذي يصلّي فيه الآن نجس من قبل أن يبدأ بالصلاة، ولكن قد ذهل عن نجاسته فصلاته باطلة، وعليه أن يقطعها ويطهّر ثوبه ويصلّي من جديد.

ومن علم ـ وهو يقيم الصلاة ـ أنّ ثوبه نجس من قبل أن يبدأ بالصلاة ولكنّه كان جاهلاً بذلك حين دخل في صلاته فحكمه هو الحكم السابق، إذ تبطل الصلاة.

وهذا الذي تذكّر أو علم في أثناء الصلاة بأنّ ثوبه نجس منذ البداية، إذا كان الوقت لا يتّسع بالنسبة إليه للإعادة مع الطهارة ولا لركعة واحدة: فإن أمكنه أن

121

يطهّر ثوبه أو يستبدله في أثناء الصلاة مع الحفاظ على واجبات الصلاة فعل وأكملصلاته، وإلّا واصل صلاته في النجس، وفي كلتا الحالتين يجب ـ احتياطاً ـ القضاء.

(12) تباح للمصلّي بعض النجاسات منها: دم الجروح والقروح (مثل الدُمّل والجراح ونحوهما) فإنّه معفوّ عنه في الصلاة ـ وإن كان نجساً ـ ما لم يبرأ الجرح أو القرح، قلّ هذا الدم أو كثر، في الثوب أو في البدن، سواء كان موضع الجرح في ظاهر البدن أو في باطنه، كالبواسير الداخليّة إذا ظهر دمها وسرى إلى البدن أو الملابس.

ولكنّ هذا العفو مرتبط بصعوبة التطهير، أو تبديل الثوب والمشقّة في ذلك. ويكفي في الصعوبة والمشقّة أن يكون ذلك شاقّاً على الكثرة الكاثرة من المكلّفين فيعفى عنه ذلك حينئذ حتّى ولو اتّفق أنّ مكلّفاً ما كان يتيسّر له التبديل باستمرار بدون أيّ صعوبة(1).

(13) الطهارة شرط في موضع السجود على الأحوط وجوباً، بمعنى أنّ الشيء الذي يسجد عليه المصلّي من تراب أو ورق أو خشب أو غير ذلك يجب أن يكون الحدّ الأدنى الذي يكتفي بالسجود عليه وإصابة الجبهة له طاهراً، ولا يلزم أن يكون كلّ التراب أو كلّ الخشبة طاهراً.

(14) وإذا تعذّر السجود على موضع طاهر سجد على غيره.

وإذا سجد على النجس جاهلاً أو ناسياً، وبعد أن فرغ علم بذلك أو التفت صحّت صلاته، وكذلك الحال إذا علم أو التفت بعد انتهاء السجدة مباشرةً ورفع رأسه.

(15) الثاني: أن لا يكون شيء من ملابسه مأخوذاً من حيوان لا يسوغ أكل



(1) وهناك استثناءات وفروع اُخرى لشرط الطهارة تركناها للاختصار، وللوقوف على التفاصيل راجع كتاب الفتاوى الواضحة: 358 ـ 361، وأيضاً: 365 ـ 368 ـ بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم ـ مع مراعاة الهوامش.

122

لحمه، كوبر السباع وجلودها إذا صنعت منها الملابس، فإنّ الصلاة فيها غير سائغة حتّى ولو ذبح السبع و ذكّيَ بطريقة شرعيّة مادام لا يسوغ أكل لحمه، وأكثر من هذا أنّ وقوع شيء من حيوان لا يسوغ أكل لحمه أو من فضلاته على ملابس المصلّي أو بدنه يُبطل الصلاة، فإذا صلّى الإنسان وعلى بدنه أو ملابسه شعرة من قطّ بطلت صلاته، على الرغم من أنّها طاهرة. ويستثنى من الحيوانات التي لا يسوغ أكل لحمها: الحيوانات المائيّة بما فيها الخزّ، فإنّ استعمال المصلّي حال الصلاة لملابس مأخوذة منها جائز، وإن كانت ممّا لا يسوغ أكل لحمها.

(16) الثالث: أن لا يكون شيء من ألبسة المصلّي ـ إذا كان رجلاً ـ من الحرير الحيواني، ونقصد بالحرير الحيواني: الإبريسم الذي تنتجه دودة القزّ، ويسمّى بالحرير الطبيعي تمييزاً له عن الحرير الصناعي.

وإنّما تبطل الصلاة في الملابس الحريريّة إذا كانت حريراً خالصاً، وأمّا إذا كانت خليطاً من حرير وغيره كالقطن والصوف فيجوز لبسها للمصلّي، إلّا إذا كانت كمّيّة المادّة الاُخرى التي خلطت مع الحرير ضئيلةً إلى درجة تؤدّي إلى عدم الاعتراف بوجودها في العرف العامّ وعدّ الثوب حريراً خالصاً.

(17) الرابع: أن لا يكون شيء ممّا يلبسه ذهباً إذا كان المصلّي رجلاً حتّى ولو كان خاتماً من ذهب، فإنّ الصلاة حال التختّم به غير سائغة. وكذا ما يشبه السوار الذي تثبت ساعة اليد عليه، فإنّه إذا كان ذهبيّاً فلا يسوغ للمصلّي لبسه، ويقرب منها السلسلة الذهبيّة التي تعلّق بها الساعة التي توضع في الجيب ويثبت طرف السلسلة في موضع من القميص أو غيره، فإنّ الجدير بالمكلّف احتياطاً ووجوباً عدم استعمال هذه السلسلة حال الصلاة أيضاً.

ويسوغ للمصلّي حمل الساعة الذهبيّة في الجيب، كما يسوغ أن تكون له سِنّ

123

ذهبيّة، كما لا بأس بالزِرّ من ذهب أيضاً، وبالشارات العسكريّة الذهبيّة التي تعلّق على ملابس العسكريّين فإنّ كلّ ذلك ليس لبساً للذهب.

والمقياس لِلبس الذهب: أن يكون للذهب إحاطةٌ ببدن المصلّي، أو بجزء من بدنه، فالخاتم له إحاطة بإصبع المصلّي، والسوار له إحاطة بمعصم المصلّي، وليس كذلكالساعة المحمولة أو الزِرّ الذي يُزَرَّرُ به الثوب.

(18) كما لا يسوغ لبس الخاتم الذهبي إذا كان كلّه ذهباً خالصاً كذلك إذا كان مشتملاً على غير الذهب أيضاً، إذا كانت نسبة غير الذهب ليست كبيرةً على نحو يعتبر الخاتم خاتماً من ذهب في العرف العامّ.

(19) قد يصلّي الإنسان في ما هو مأخوذ من حيوان لا يسوغ أكل لحمه، أو في ثوب حريري، أو في خاتم من ذهب ـ مثلاً ـ ناسياً أو جاهلاً بأنّ ذلك لا يسوغ له شرعاً، وفي هذه الحالة تصحّ صلاته، ولا إعادة عليه إذا التفت أو علم بالحكم بعد الفراغ من صلاته، وأمّا إذا التفت أو علم بالحكم في أثناء الصلاة فعليه الإعادة(1).

مكان المصلّي:

(20) يجب على المصلّي أن يختار موضعاً للصلاة يُتاحُ له فيه أن يؤدّي صلاته بكلّ واجباتها وهو مستقرّ، أي أن لا يكون مضطرباً كالذي يميل يمنةً تارةً ويسرةً تارةً اُخرى، فإذا لم يكن الموضع كذلك فلا يصلّي فيه، كالموضع المائج والمضطرب الذي يميل بالإنسان إلى هذا الجانب وذاك، ومثاله: الطائرة حال الطيران، والسيّارة



(1) لمعرفة تفاصيل اُخرى لشروط ملابس المصلّي واستثناءات موجودة في موارد خاصّة راجع هذا المبحث في كتاب الفتاوى الواضحة مع أخذ الهوامش بعين الاعتبار.

124

أو السفينة أو القطار حال السير إذا استدعى ذلك اضطراب المصلّي وتمايله، أو عدمالاتّجاه إلى القبلة(1).

(21) هذا بالنسبة إلى صلاة الفريضة، وأمّا صلاة النافلة فيسوغ للإنسان أن يصلّيها وهو مسافر في قطار أو سيّارة أو غيرها ولا يطالَب بالاستقرار أو الاستقبال على تفصيل مضى سابقاً.

(22) من أراد الصلاة في العتبات المقدّسة في نفس الروضة الشريفة التي فيها الضريح فعليه أن لا يتقدّم في موضع صلاته على قبر المعصوم. وإن تعذّرت الصلاة عليه إلّا متقدّماً لشدّة الزحام صلاّها في المكان التابع (الرواق مثلاً)، ولا يضرّ التقدّم هنا مع وجود حائط ونحوه يفصل بين الضريح وموضع الصلاة.

(23) وإذا صلّى الإنسان في موضع يملكه شخص آخر وكانت صلاته بإذن المالك صحّت بلا ريب، وإلّا فقد تبطل في بعض الأحيان ويأتي توضيحه في أحكام السجود.

(24) الرجل والمرأة لو صلّى أحدهما إلى جنب الآخر فالأحوط أن لا يقلّ الفاصل بينهما عن ذراع اليد والأفضل الفصل بأكثر من عشرة أذرع، ولو صلّى الرجل أمام المرأة فالأحوط أن يتقدّم عليها ـ على الأقلّ ـ بمقدار ما يكون سجودها أنزل من صدره، ولو صلّت المرأة أمام الرجل فالأحوط أن لا يقلّ الفاصل بين سجود الرجل وقدم المرأة عن عظم الذراع وإن كان الأفضل أن يكون الفاصل أكثر من عشرة أذرع.

وهذا الشرط ـ أي وجود الفاصل بين الرجل والمرأة بما ذكرناه ـ يسقط في مسجد الحرام في زحام الحجّ.

(25) تجوز الصلاة في جوف الكعبة المكرّمة.



(1) لمعرفة بعض الاستثناءات والتفاصيل راجع كتاب الفتاوى الواضحة: 530 ـ 531 بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم، الفقرة: (43) ـ (45) مع مراعاة الهامش.

125

النيّة:

(26) النيّة شرط لكلّ صلاة، ونريد بها: أن تتوفّر العناصر التالية:

أوّلاً: نيّة القربة؛ لأنّ الصلاة عبادة، وكلّ عبادة لا تصحّ بدون نيّة القربة.

ثانياً: الإخلاص في النيّة، ونعني بذلك: عدم الرياء، فالرياء في الصلاة محرّم ومبطل لها.

ثالثاً: أن يقصد المصلّي الاسم الخاصّ للصلاة التي يريد أن يصلّيها، المميّز لها شرعاً إذا كان لها اسم كذلك، كصلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ونوافلها، وصلاة الليل، وصلاة الآيات، وصلاة الجمعة، وصلاة العيد، وصلاة الاستسقاء، وهكذا. وإذا كانت مجرّد صلاة ركعتين مستحبّة استحباباً عامّاً ـ إذ إنّ صلاة ركعتين مستحبّة على العموم ـ اكتفى بنيّة أن يصلّي ركعتين قربةً إلى الله تعالى.

هذه هي عناصر النيّة الثلاثة(1).

نكتفي هنا بهذا المقدار من الحديث عن الشروط العامّة في الصلاة، وقد تركنا الكثير من تفاصيلها مع بعض استثناءاتها لما أخذنا على أنفسنا من الاختصار في هذا الكتاب.

وسوف تتبيّن شروط عامّة اُخرى ممّا يرتبط بأجزاء الصلاة عند الحديث عنها.



(1) وللوقوف على تفاصيل واستثناءات وردت في هذا المكان من كتاب الفتاوى الواضحة راجع هذا الكتاب: 533 ـ 540 ـ بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم ـ مع مراعاة الهامش، وأيضاً لمعرفة تفاصيل النيّة راجع المصدر: 150 فما بعد، مع مراعاة الهامش، وقد تقدم بعضها في فصل أحكام عامّة في العبادات.

127

في>

أجزاء الصلاة

تكبيرة الإحرام:

(1) وهي قول: «الله أكبر»، وبها تُفتح الصلاة، فإنّها تبدأ بتكبيرة الإحرام. وفي الحديث: «وتحريمها (أي الصلاة) التكبير، وتحليلها التسليم»(1).

والمعنى: أنّ المصلّي متى كبَّر للصلاة فقد دخل فيها وصار من المصلّين، وحرم عليه كلّ ما يحرم على المصلّي من أشياء حتّى يخرج منها بالتسليم، ومن أجل ذلك كانت تكبيرة الإحرام أوّل أجزاء الصلاة دون النيّة؛ إذ بمجرّد النيّة لا تبدأ الصلاة، ولا يحرم ما يحرم على المصلّي.

(2) وللتكبيرة صيغة عربيّة محدّدة كما ذكرنا، ولا يجزي عنها قول: الله الأكبر، أو الخالق أكبر، أو الله العظيم أكبر. كما لا يجزي عنها أيضاً ما يعادلها في أيّ لغة اُخرى.

ومن جهل هذا التكبير فعليه أن يتعلّمه، وإن ضاق الوقت عن التعلّم تلقّنه المصلّي من غيره، فإن تعذّر التلقين أتى بها على النحو الممكن له.

وإذا لم يتيسّر للأجنبي عن اللغة العربيّة أن يأتي بها على أيّ نحو أمكنه أن يُحرِمَ بما يعادلها في لغته.

(3) ويجب أن يكون تكبير الإحرام مستقلاًّ بمعناه، لا صلة له بما قبله من كلام



(1) وسائل الشيعة 4:715، الباب 1 من أبواب تكبيرة الإحرام، ذيل الحديث 10.

128

وذكر ودعاء، ولا يلحق به بعده ما يتمّمه ويكمّله، فلا يجوز أن يأتي المصلّي بتكبير الإحرام في ضمن قوله مثلاً: (قال الملائكة واُولوا العلم الله أكبر)، ولا في ضمن قوله مثلاً: (الله أكبر من كلّ شيء).

(4) وكما يجب أن يؤدّى تكبير الإحرام مستقلاًّ في معناه كذلك يجب أن يؤدّى مستقلاًّ في لفظه، بمعنى أنّ من تكلّم قبل التكبير بأيّ شيء فعليه أن يقف على الحرف الأخير الذي قبل همزة الله أكبر؛ لأنّه لو تحرّك لاُدمجت همزة كلمة الجلالة بما قبلها، أو وقعت على غير الاُصول والقواعد العربيّة.

(5) والأخرس وغيره ممّن عجز عن النطق لسبب طارئ يعقد قلبه بتكبيرة الإحرام مع الإشارة بالإصبع وتحريك اللسان إن استطاع إليه سبيلاً.

(6) يجب أن يكون تكبير الإحرام في حال القيام، بل لابدّ من القيام أوّلاً قبل التكبير، كمقدّمة وتمهيد للعلم بأنّه قد حصل بكامله في هذه الحال، وكلّما وجب القيام وجبت فيه خصائص معيّنة، كالسكون والاستقرار والانتصاب والاعتدال.

(7) من ترك تكبيرة الإحرام فلا صلاة له، سواء كان عامداً في تركه وعالماً بوجوبها، أو ناسياً ذاهلاً عنها، أو جاهلاً بوجوبها(1).

القراءة في الركعة الاُولى والثانية:

نعني بالقراءة: ما يجب قراءته في الصلاة من القرآن الكريم.

(8) والواجب من القراءة على المصلّي بعد أن يكبّر تكبيرة الإحرام أن يقرأ



(1) لمعرفة أحكام اُخرى في الخلل وكذا معرفة الآداب وأحكام الشكّ في المقام راجع كتاب الفتاوى الواضحة: 545 ـ 546 ـ بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم ـ مع مراعاة الهامش.

129

الفاتحة وسورةً كاملةً بعدها على الأحوط وجوباً، وذلك في الركعة الاُولى، كما يجب أن يقرأ نفس الشيء في الركعة الثانية عند إكماله للركعة الاُولى، ونهوضه منتصباً للركعة الثانية.

(9) فاتحة الكتاب لا غنىً لصلاة عنها، وأمّا السورة التي بعدها فتجب، إلّا أن تكون الصلاة من النوافل اليوميّة، أو ما يشبهها من الصلوات المستحبّة الاُخرى، فلا تجب فيها السورة وإن كان الأفضل قراءتها ـ ولا فرق في عدم الوجوب بين النافلة التي أصبحت بنذر ونحوه واجبةً والنافلة التي ظلّت مستحبّة ـ أو أن يكون الإنسان ممّن يشقّ عليه أن يقرأ السورة ويضيق بذلك من أجل مرض مثلاً، أو لاستعجاله في شأن من شؤونه التي تهمّه، فيسوغ والحالة هذه أن يقتصر على الفاتحة. وكذلك إذا ضاق وقته عن الفاتحة والسورة معاً فيترك السورة من أجل أن يضمن وقوع الصلاة بكاملها في الوقت، أو وقوع أكبر قدر ممكن منها في وقتها.

وهناك حالة اُخرى لعدم وجوب السورة تختصّ بصلاة الجماعة(1).

وللسورة الواجبة شروط تركنا ذكرها اختصاراً(2).

(10) يشترط في القراءة ما يلي:

أوّلاً: أن تكون السورة بعد إكمال قراءة فاتحة الكتاب، فلا يسوغ تقديمها عليها.

ثانياً: أن تكون القراءة صحيحة، وذلك يحصل بمراعاة الفقرات الآتية:

أ ـ أن يعتمد في معرفة النصّ القرآني على ما هو مكتوب في المصحف الشريف، أو



(1) للوقوف عليها راجع مبحث صلاة الجماعة من كتاب الفتاوى الواضحة مع مراعاة الهامش.

(2) للوقوف عليها وعلى بعض التفاصيل راجع كتاب الفتاوى الواضحة: 547 ـ 550 ـ بحسب الطبعة السادسة لدار البشير بقم ـ مع مراعاة الهامش.