163

العفو زكاة الظفر:

هكذا كانت سماحته وحنانه وعطفه وعفوه بعد المقدرة، وقد ورد في رواياتنا الإسلاميّة كراراً أنّ زكاة الغلبة والمقدرة هي العفو والمغفرة، فعن عليّ(عليه السلام) أنّه قال: «إذا قدرت على عدوّك، فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه»(1) و «العفو زكاة القدرة»(2) و «العفو زكاة الظفر»(3).

قوله: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ هذا دعاء لنفسه بحسن العاقبة.

* * *



(1) نهج البلاغه بشرح ابن أبي الحديد، ج 18، ص 109.

(2) عيون الحكم والمواعظ لعليّ بن محمّد الليثيّ الواسطيّ، ص 31.

(3) المصدر السابق، ص 38.

164

 

 

﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾(1). صدق الله العليّ العظيم.

 

قصّة يوسف(عليه السلام) نبأ حقّ:

هذا ختمٌ لحكاية قصّة يوسف(عليه السلام)، فكأنّه سبحانه يقول: إنّ ذكر هذه القصّة لك ـ يا رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ هو من أنباء الغيب خالياً من الشوائب والأغلاط الموجودة في الكتُب المحرَّفة، نوحيه إليك وأنت لم تكن لديهم؛ إذ أجمعوا أمرهم على المكر.

وتركنا ذكر باقي آيات السورة المباركة؛ لأنّها خارجة عن قصّة يوسف.

وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربّ العالمين.



(1) الآية: 102.

﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ...﴾ الإشارة بـ ﴿ذلك﴾ إلى نبأيوسف(عليه السلام). والخطاب للنبيّ(صلى الله عليه وآله)، وضمير الجمع لإخوة يوسف. والإجماع: العزم والإرادة. فبعد ما انتهت قصّة يوسف(عليه السلام) بكلّ دروسها التربويّة ونتائجها الغزيرة والقيّمة والخالية من جزاف القول والخرافات التأريخيّة، انتقل الكلام إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله)ليقول له: إنّ نبأ يوسف من أنباء الغيب، فإنّا نوحيه إليك والحال أنّك ما كنت عند إخوة يوسف، إذ عزموا على أمرهم وهم يمكرون في أمر يوسف.