740

ومن الصيام غير المشروع أيضاً: صيام اليوم الذي يشكّ في أنّه من شعبان أو رمضان، ولم يثبت بدليل شرعيّ أنّه من شهر رمضان، إذا نوى الصائم لصيام هذا اليوم أن يكون من شهر رمضان على الرغم من شكّه فإنّ ذلك غير مشروع، كما تقدم في الفقرة (74) من الفصل السابق.

ومن الصيام غير المشروع: صيام الصمت، وهو: أن يصوم الإنسان ناوياً أن يكون الصمت عن الكلام جزءً من صيامه.

(40) ويختلف النوع الرابع المحرّم ـ الصوم غير المشروع ـ عن الأنواع الثلاثة الاُولى في نقطة، وهي: أنّه في الأقسام الثلاثة الاُولى يحرم الصيام ولو لم يكن بنية القربة، وأمّا في النوع الرابع فيحرم إذا كان بنية القربة، ولا يحرم إذا لم يكن كذلك، ولكنّه لا يعتبر حينئذ صياماً شرعاً، وإنّما هو تصرّف شخصي بحت.

 

جدول للمقارنة

 

(41) وفي ما يلي نذكر جدولا للمقارنة بين أقسام الصيام في أهمّ الأحكام على ضوء ما تقدم تسهيلا للمراجع.

المفطرات: تشترك كلّ أقسام الصيام في المفطرات الثمانية المتقدّمة.

السهو: تشترك كلّ أقسام الصيام في أنّها لا تبطل بالإفطار سهواً ونسياناً.

النية: لا يجوز أن تتأخّر النية في شهر رمضان عن طلوع الفجر، وكذلك في الصوم المنذور في يوم محدّد، ولا يجوز أن تتأخّر النية في سائر أقسام الصيام الواجب عن الظهر، بل يجب أن تحدث قبل الظهر، ويجوز في الصيام المستحبّ

741

أن تتأخّر النية عن الظهر أيضاً.

تعمّد البقاء على الجنابة ليلا إلى أن يطلع الفجر: لا يجوز ذلك في شهر رمضان، ولا يجزي معه قضاء شهر رمضان، ولا الصيام الواجب تكفيراً أو تعويضاً (1)، ولا يضرّ بالصيام المستحبّ حتى ولو وجب بنذر أو عهد أو يمين.

الإصباح محتلماً: لا يضرّ ذلك في كلّ صيام، عدا صيام قضاء شهر رمضان.

نسيان الجنب لجنابته حتى يصبح: يبطل بذلك صيام شهر رمضان وقضاؤه، دون غيرهما من الصيام الواجب أو المستحبّ.

الإفطار وهدم الصيام: لا يجوز ذلك في كلّ صيام وجب إيقاعه في ذلك النهار بالذات، كصيام نهار شهر رمضان، أو صيام نهار نذر المكلّف أن يصومه بالذات، ويجوز ذلك في غير هذه الحالة، سواء كان قبل الظهر أو بعده، ولكن في قضاء صيام شهر رمضان لا يجوز بعد الظهر، وإنّما يجوز قبل الظهر.

الكفّارة: لا كفّارة على ترك نية الصيام الواجب بدون إفطار. ولا كفّارة على الإفطار المحرّم إلّا في حالتين، وهما: الإفطار في صيام شهر رمضان، والإفطار بعد الظهر في قضاء صيام شهر رمضان. وأمّا إذا نذر صيام يوم معيّن ثمّ ترك صيامه عامداً بدون عذر شرعيّ فعليه كفّارة النذر بمجرّد ترك نية الصيام، سواء فطر وتناول فعلا شيئاً من الطعام والشراب أوْ لا. وسيأتي في فصل الكفّارات تحديد كفّارة النذر واليمين والعهد.

الصيام في السفر: لا يصحّ بحال صيام شهر رمضان أو قضاؤه في السفر الذي يتحتّم فيه التقصير في الصلاة، ولا يصح الصيام المستحبّ في السفر إلّا إذا



(1) لا يضرّ البقاء على الجنابة بصيام التكفير ولا التعويض إلّا على أساس احتياط استحبابي.

742

أصبح واجباً بالنذر ونصّ الناذر فيه على السفر، كما تقدم في الفقرة (35)، وهناك حالة واحدة يصحّ فيها الصيام المستحبّ في السفر بدون نذر تقدمت في الفقرة (26).

وأمّا صيام التكفير والتعويض فبعض أقسامه يصحّ في حالة السفر، وبعضها لا يصحّ في هذه الحالة، ومن صيام التكفير الذي لا يصحّ في السفر صيام كفّارة الإفطار في شهر رمضان.

الصيام في حالة العذر الصحّي: لا يصحّ الصيام بكلّ أقسامه من المريض الذي يضرّ به الصوم، وكلّ من كان معذوراً من ناحية صحّية؛ على ما تقدم في الفصل السابق الفقرة (6)، وكذلك لا يصحّ الصيام بكلّ أقسامه من الحائض والنفساء.

743

العبادات

5

الاعتكاف

 

 

○   تمهيد.

○   شرائط الاعتكاف.

○   التزامات الاعتكاف.

○   أحكام الاعتكاف.

 

 

745

تمهيد:

(1) الاعتكاف والعكوف في اللغة: الإقامة على الشيء في المكان.

وفي الشريعة: المكث في المسجد بقصد التعبّد لله وحده.

وهو مشروع قرآناً وسنّةً وإجماعاً. ويبدو أنّ الشريعة الإسلامية بعد أن ألغت فكرة الترهّب والاعتزال عن الحياة الدنيا واعتبرتها فكرةً سلبيةً خاطئةً ﴿ورهبانيةً ابتدعوها﴾(1) شرّعت الاعتكاف؛ ليكون وسيلةً موقوتهً وعبادةً محدودةً تؤدّى بين حين وآخر، لتحقيق نقلة إلى رحاب الله؛ يعمّق فيها الإنسان صلته بربّه ويتزود بما تُتيح له العبادة من زاد؛ ليرجع إلى حياته الاعتيادية وعمله اليومي وقلبه أشدّ ثباتاً وإيمانه أقوى فاعلية.

وأساس الاعتكاف يتمثّل في المكث ثلاثة أيام في المسجد. وله شروط من أهمّها: الصيام، والتزامات منها: اجتناب الاستمتاع الجنسي. وفي ما يلي نستعرض الشرائط أولا.

 


(1) الحديد: 27.
746

شرائط الاعتكاف:

للاعتكاف شروط لا يصحّ بدونها، وهي كما يأتي:

(2) الأول: العقل.

(3) الثاني: الإيمان.

(4) الثالث: نية القربة ابتداءً واستمراراً كسائر العبادات.

وقد مرّ بنا أنّ النية للصيام يمكن أن تتّخذ في الليل، فينوي الإنسان من الليل أن يصوم نهار غد، وينام ويصبح من نومه صائماً ويصحّ صومه على الرغم من أنّ الفجر طلع عليه وهو نائم، فهل يصحّ مثل ذلك في الاعتكاف بأن يذهب إلى المسجد ليلا وينوي أن يبدأ الاعتكاف من بداية نهار غد وينام ويصبح معتكفاً؟

والجواب: أنّ صحّة اعتكاف من هذا القبيل غير واضحة، فالأجدر بالمكلف في حالة من هذا القبيل أن يتّخذ إحدى طريقتين: إمّا أن يستيقظ عند طلوع الفجر وينوي لكي تقترن النية بطلوع الفجر، وإمّا أن ينوي الابتداء بالاعتكاف فعلا من نصف الليل أو أوّله. والمهمّ ـ على أيّ حال ـ أن تتواجد النية عند بداية الاعتكاف.

والمهمّ في النية: أن ينوي الاعتكاف في المسجد قربةً إلى الله تعالى، وليس من الضروريّ أن يقصد باعتكافه التوفّر على مزيد من الدعاء والصلاة وإن كان هذا أفضل وأكمل، غير أنّ الاعتكاف بذاته عبادة يصحّ أن يقصد ويتقرّب به إلى الله تعالى، فإن انضمّ إلى ذلك التفرّغ للعبادة وممارسة المزيد من الدعاء والصلاة كان نوراً على نور.

(5) الرابع: الصيام في الأيام الثلاثة، فمن لا يصحّ منه الصوم لا يصحّ منه

747

الاعتكاف، فالمريض والمسافر لا يتأتّى لهما أن يعتكفا، إذ لا يصحّ منهما الصيام.أجَلْ، يمكن للمسافر أن يتوصّل إلى ذلك بأن ينذر أن يصوم في سفره ـ على ما تقدم في الصيام المستحبّ من فصل صيام غير شهر رمضان ـ وحينئذ يسوغ له أن يعتكف ويصوم.

وللمعتكف أن ينوي بالصيام أيّ صيام مشروع بالنسبة إليه، فيصحّ له أن يصوم صيام قضاء شهر رمضان، أو صيام الكفّارة، كما يصحّ له أن يصوم صياماً مستحباً إذا توفّرت له الشروط التي يصحّ معها الصيام المستحبّ، ومن تلك الشروط: أن لا يكون عليه صيام واجب، على ما تقدم في فصل صيام غير شهر رمضان، فمن كان عليه قضاء شهر رمضان وأراد أن يعتكف في غير شهر رمضان فعليه أن ينوي بصيامه الصيام الواجب.

وكما يجب أن يكون المعتكف ممّن يصحّ منه الصوم كذلك يجب أن تكون أيام الاعتكاف ممّا يصحّ فيها الصوم، فلا يصحّ الاعتكاف في عيد الفطر أو عيد الأضحى مثلا، إذ لا يسوغ الصيام فيهما.

وكلّ ما يفسد الصوم فهو يفسد الاعتكاف ويبطله؛ لأنّ الصوم شرط في صحّته، والمشروط يبطل ببطلان شرطه.

(6) الخامس: العدد، وأقلّه ثلاثة أيام ـ ثلاثة نهارات ـ تتوسّطها ليلتان، ويسوغ أن يكون أكثر من ذلك، بأن ينوي الاعتكاف من بداية ليلة الجمعة إلى نهاية نهار الأحد أو إلى صباح الاثنين، فيكون اعتكافه مكوَّناً من ثلاثة نهارات وأربع ليال، أو إلى غروب الاثنين، أو أكثر من ذلك.

(7) السادس: أن يكون الاعتكاف في مسجد يجتمع فيه الناس، ويعتبر مسجداً جامعاً ورئيسياً في البلد. فليس من المعلوم أن يصحّ الاعتكاف في مسجد صغير جانبي.

748

ويجب أن يكون المسجد المقصود ممارسة الاعتكاف فيه محدّداً وواحداً، فلا يسوغ الاعتكاف في مسجدين على نحو يمكث في هذا يوماً وفي ذاك يوماً أو يومين، وعليه فإذا اعتكف في مسجد وتعذّر البقاء فيه للإتمام والإكمال بطل الاعتكاف من الأساس، ولا يسوغ توزيعه بين مسجدين وإن تقاربا أو تجاورا.

والمسجد يشمل كلّ طوابقه من السطح والسراديب. ولو خصّ المعتكف بنيّته زاويةً خاصّةً من المسجد فنوى الاعتكاف في تلك الزاوية بالذات فلا أثر لهذا القصد، ويسوغ لهذا القاصد أن يمكث ويتنقّل في كلّ أجزاء ذلك المسجد.

(8) السابع: أن لا يخرج المعتكف من مسجده إلّا لضرورة شرعية أو عرفية، فمن الضرورة الشرعية: أن يخرج لغسل الجنابة، إذ لا يجوز له أن يمكث في المسجد ويغتسل حتّى ولو كان ذلك ممكناً. أو لحضور صلاة الجمعة إذا اُقيمت (1). ومن الضرورة العرفية: أن يخرج لقضاء الحاجة، أو لعلاج مرض داهمه، ونحو ذلك.

ومن الضرورة أيضاً: أن يخرج لغير غسل الجنابة من الأغسال الواجبة، كغسل مسّ الميّت، سواء أمكنه الاغتسال في داخل المسجد أو لا (2).

فإذا لم تكن هناك حاجة ضرورية للخروج شرعاً أو عرفاً وخرج على الرغم من ذلك فلا يعوّل على اعتكافه هذا ويعتبره باطلا، ويستثنى من ذلك الاُمور التالية:

أـ إذا خرج لعيادة مريض أو معالجته فإنّه لا يبطل بذلك اعتكافه.

 


(1) بشكل كان يجب حضورها.
(2) إن أمكنه الاغتسال في داخل المسجد فجواز الخروج مشروط بأن يُعدّ ذلك عرفاً ضرورة، وإلّا فلا.
749

ب ـ إذا خرج لتشييع جنازة وما إليه من تجهيز.

ج ـ إذا اُكره على الخروج.

وأمّا إذا خرج بدون حاجة ضرورية، جاهلا بأنّ ذلك يبطل الاعتكاف، أو ناسياً لاعتكافه فعليه أن يعتبر اعتكافه باطلا.

وفي كلّ حالة يسوغ للمعتكف فيها الخروج عليه أن يقتصر في ابتعاده عن المسجد على قدر الحاجة التي سوّغت له الخروج، ولا يجلس مهما أمكن، وإذا اضطرّ إلى الجلوس لم يجلس في ظلٍّ وتحرّى مهما أمكن أقرب الطرق.

(9) الثامن: أن يترك كلّ ما يجب على المعتكف اجتنابه ممّا يأتي بيانه في التزامات المعتكف الفقرة (10 ـ 15)، فإذا مارس عامداً شيئاً من تلك الأشياء بطل اعتكافه.

والأجدر بالمعتكف احتياطاً ووجوباً أن يفترض اعتكافه باطلا حتّى في صورة صدور أحد تلك الأشياء منه نسياناً أو جهلا.

وإذا وقع هذا النسيان أو الجهل في اليوم الثالث فالأجدر به احتياطاً ووجوباً أن يكمل اعتكافه؛ لاحتمال أن يقبل منه، ولكن لا يعوّل عليه.

التزامات الاعتكاف:

يجب على المعتكف من ابتداء اعتكافه إلى انتهائه أن يجتنب نهاراً أو ليلا عمّا يلي:

(10) أوّلا: مباشرة النساء بالجماع، أو بما دون ذلك من الاستمتاع(1)بالتقبيل واللمس أيضاً.

 


(1) على الأحوط.
750

(11) ثانياً: الاستمناء(1) (أي: إنزال المنيّ باليد أو بآلة).

(12) ثالثاً: شمّ الطيب، وهو كلّ مادّة لها رائحة طيّبة وتتّخذ للشمّ والتطيّب، كعِطر الورد والقرنفل وغيره.

(13) رابعاً: التلذّذ بما للرياحين من رائحة طيّبة، والرياحين كلّ نبات ذو رائحة طيّبة، كالورد والياسمين.

(14) خامساً: التجارة بشتّى أنواعها، ولا يدخل في نطاق ذلك ما يمارسه الإنسان من أعمال نافعة في حياته، كالخياطة والطبخ والحياكة ونحو ذلك.

وإذا تاجر وهو معتكف فباع واشترى بطل اعتكافه، ولكنّ البيع والشراء صحيح والتجارة نافذة المفعول.

(15) سادساً: المماراة، ونريد بها هنا: المجادلة والمنازعة في قضيّة لإثبات وجهة نظر معيّنة فيها حبّاً للظهور والفوز على الأقران، سواء كانت وجهة النظر هذه صحيحةً بذاتها أوْ لا، وسواء كانت القضيّة المطروحة للجدال دينيّةً أو غير دينيّة. وأمّا إذا كان الجدال والنقاش بروح موضوعيّة وبدافع إثبات الحقّ، أو حرصاً على تصحيح خطأ الآخرين فلا ضير فيه.

أحكام الاعتكاف:

(16) الاعتكاف مستحبّ ومندوب بطبيعته، وقد يجب لسبب طارئ، كما لو أوجبه الإنسان على نفسه بنذر أو عهد أو يمين.

(17) وإذا بدأ الإنسان اعتكافه فيسوغ له في أيّ لحظة أن يهدم اعتكافه ويغادر المسجد، فيعود إلى حالته الاعتياديّة، ويستثنى من ذلك ما يلي:

 


(1) على الأحوط.
751

أولا: إذا كان قد وجب عليه الاعتكاف بنذر ونحوه في تلك الأيام بالذات فإنّه يجب عليه حينئذ أن يواصل اعتكافه، وأمّا إذا كان قد نذر أن يعتكف بدون أن يحدّد أياماً معيّنةً فله إذا شرع في الاعتكاف أن يهدمه، مؤجّلا الوفاء إلى أيام اُخرى.

ثانياً: إذا كان قد مضى على المعتكف يومان ـ أي نهاران ـ فإنّ عليه في هذه الحالة أن يكمل اعتكافه حتّى ولو كان قد بدأه مستحباً، إلّا في حالة واحدة، وهي أن يكون حين نوى الاعتكاف شرط بينه وبين ربّه أن يرجع في اعتكافه ويهدمه متى شاء، أو في حالات معينة، ففي هذه الحالة يسوغ له أن يهدم اعتكافه وفقاً لشرطه حتّى في اليوم الثالث.

(18) وكلّما فسد الاعتكاف لأيّ سبب من الأسباب السابقة فماذا يترتّب على من فسد اعتكافه ؟

والجواب: أنّ هذا له حالات، كما يلي:

أ ـ أن يكون اعتكافه مستحباً عند البدء وقد فسد قبل مضي نهارين منه ففي هذه الحالة لا يجب عليه إعادته.

ب ـ أن يكون اعتكافه مستحباً عند البدء وقد فسد بعد مضي يومين فيجب عليه حينئذ إعادته، ولكن لا تجب إعادته على الفور، بل له أن يعيده بعد مدّة.

وأمّا إذا بدأ الاعتكاف في وقت لا يشرع فيه الاعتكاف، أو في مكان لا يصحّ فيه، كما لو اعتكف يوم العيد، أو قبله بيوم أو يومين، أو اعتكف في غير المسجد ثمّ تفطّن في الأثناء انصرف عن اعتكافه ولا إعادة عليه.

ج ـ أن يكون قد نذر الاعتكاف واعتكف وفاءً بنذره فعليه أن يعيد اعتكافه، سواء كان نذره محدّداً بتلك الأيام التي فسد فيها الاعتكاف بالذات أو

752

غير محدّد، غير أنّ الإعادة في حالة النذر المحدّد تسمّى قضاءً؛ لأنّها تقع بعد انتهاء الأمد المحدّد في النذر، ولا يجب فيها الفور. وأمّا في الحالة الثانية فالإعادة عمل بالنذر ووفاء له في وقته المحدّد فيه، ويجب أن تقع وفق المدّة المحدّدة في النذر.

(19) وإذا تعمّد المعتكف مقاربة زوجته فعليه الكفّارة، سواء كان ذلك في الليل أو في النهار، ولا كفّارة عليه إذا تعمّد غير ذلك ممّا يحرم عليه، وإنّما عليه أن يتوب.

وإذا قارب هذا المعتكف في النهار وهو صائم في شهر رمضان، أو صائم صيام قضاء شهر رمضان فعليه كفّارتان: إحداهما على أساس أنّه تحدّى بذلك اعتكافه، والاُخرى كفّارة إفطار صيام شهر رمضان، أو كفّارة إفطار قضاء شهر رمضان.

وسيأتي في فصل الكفّارات تحديد الكفّارة التي تجب على المعتكف بالمقاربة.

وإذا افترضنا في الحالة الآنفة الذكر أنّ الاعتكاف في تلك الأيام بالذات كان منذوراً وجبت على المعتكف الذي قارب زوجته كفّارة ثالثة من أجل تحدّيهِ للنذر.

753

العبادات

6

الحجّ والعُمرة

 

 

○   تمهيد.

○   واجبات حجّة التمتّع.

○   العمرة والحجّ المفردان.

○   ماذا يحرم على المحرِم؟

○   متى يجب الحجّ؟

○   الاستنابة في الحجّ.

○   الطواف المستحبّ.

 

 

755

تمهيد

 

(1) الحجّ من العبادات الاجتماعية في الإسلام، ذات المغزى العظيم روحياً ومدنياً، وهو يشبه الاعتكاف في كونه نقلةً إلى الله تعالى، غير أنّ الاعتكاف نقلة فردية يعتكف بموجبها هذا الفرد أو ذاك في بيت من بيوت الله.

والحجّ نقلة جماعية يتّجه فيها جمهور المسلمين المكلّفين بأداء هذه الفريضة، أو المتطوّعين للتواجد في مكان واحد وزمان واحد ولممارسة شعائر موحّدة.

والعُمرة عادةً تشبه الحجّ في جملة من واجباته، ولكنّ مجالها يقتصر بعد الإحرام على الحضور في المسجد الحرام، والصفا والمروة وأداء واجباتها هناك، بينما يمتدّ مجال الحجّ وواجباته إلى خارج مكّة، ويتطلّب السفر إلى عرفات والمشعر ومِنى.

والحجّ مستحبّ عموماً، باستثناء الحجّة الاُولى للمستطيع فإنّها واجبة، والعُمرة المفردة مستحبّة عموماً، باستثناء العمرة الاُولى للمستطيع فإنّها واجبة.

(2) وكلّ من يستطيع الحجّ وهو يبعد في مسكنه وموطنه عن مكّة أكثر من

756

ستّة وثمانين كيلومتراً وخُمسَي الكيلومتر الواحد(1) فعليه أن يعتمر ويحجّ، بادِئاً بالعمرة وخاتمِاً بالحجّ، وتسمّى الحجّة التي تبدأ بالعمرة وتنتهي بالحجّ بحجّة التمتّع، وتعتبر العُمرة الجزء الأول من حجّة التمتّع.

وإذا لم يتمكّن هذا البعيد من الحجّ ولكن تمكّن من العمرة فلا تجب عليه بمفردها، ولكن يستحبّ له أن يأتي بها.

(3) وكلّ من يستطيع (وهو أقرب من ذلك موطناً ومسكناً إلى المسجد الحرام) فعليه أن يحجّ ويعتمر مبتدئاً بالحجّ ومنتهياً بالعمرة (2)، وتسمّى مثل هذه الحجّة بحجّة الإفراد، وتعتبر العمرة فيها عملا مستقلاًّ عن الحجّ؛ ولهذا يعبّر عنها بالعمرة المفردة.

وإذا لم يتمكّن هذا القريب من الحجّ ولكنّه استطاع للعمرة المفردة وجب عليه أن يعتمر عمرةً مفردةً خلافاً للبعيد؛ لأنّ عمرة البعيد جزء من حجّته، فإذا لم يتح له الحجّ فلا تجب عليه العمرة. وعمرة القريب منفصلة عن حجّته، فإذا


(1) المقصود: أنّ المسافة الملحوظة لكون أهل بلد ما من حاضري المسجد الحرام أو من غيرهم هو ضعف المسافة التي تكون مقياساً للسفر والقصر، فمسافة القصر قدّرت بثمانية فراسخ أو بريدين أو أربعة وعشرين ميلاً حسب تعبير الروايات، وهذه قدّرت بثمانية وأربعين ميلاً، وبما أنّه (رحمه الله) أفاد في بحث صلاة المسافر أنّ ما يساوي ثمانية فراسخ بلغة الكيلو مترات المألوفة اليوم عبارة عن ثلاثة وأربعين كيلو متراً وخُمس الكيلو متر الواحد أفاد هنا أيضاً: أنّ المسافة عبارة عن ستة وثمانين كيلو متراً وخمسي الكيلو متر.ولكن مضى منّا هناك: أنّ هذا التحديد ليس مسلّماً؛ لوجود بعض التحديدات الاُخرى، وأنّ أثر الفرق من الناحية العمليّة في واقع حياتنا المعاش شبه المعدوم، وكذلك يتكرّر نفس الكلام في ما نحن فيه.
(2) هذا فيما لو أراد الإتيان بالعمرة في أشهر الحجّ من نفس السنة.
757

لم يتح له الحجّ واُتيحت العمرة وجبت عليه.

وتسمّى الحَجّة الواجبة التي يأتي بها المستطيع بحَجّة الإسلام.

(4) وكلّ مكلف ـ سواء كان قريباً أو بعيداً ـ إذا أراد أن يحجّ استحباباً وتطوّعاً فله أن يختار حجّة التمتّع أو حجّة الإفراد، وإذا أراد أن يعتمر في غير موسم الحجّ فله أن يأتي بعمرة مفردة، ولا يسوغ له أن يأتي بعمرة التمتّع لأنّها جزء من حجّة التمتّع، ولا تنفصل عن الحجّ بحال، فلا تقع إلّا في موسمه.

(5) وليس للعمرة المفردة وقت فهي دائماً، وإذا اعتمر في شهر جاز له أن يكرّر العمرة في نفس الشهر، بل في نفس الاُسبوع أيضاً (1).

وأمّا عمرة التمتّع فهي بوصفها جزءً من الحجّ لا تقع إلّا في أشهر الحجّ، ويبدأ وقتها من بداية شهر شوّال ويستمرّ إلى اليوم التاسع من ذي الحجّة، على أن يكون بالإمكان أداء العمرة والإحرام للحجّ وإدراك موقف عرفات ظهر يوم التاسع.

ونحن في ما يلي سنشرح بإيجاز حجّة التمتّع ابتداءً من أول أعمال العمرة وانتهاءً بآخر أعمال الحجّ؛ لأنّ حجّة التمتّع هي الشكل الواجب من الحجّ على غالب المؤمنين؛ نظراً إلى تواجدهم في مناطق سكنيّة بعيدة عن مكّة المكرّمة.

 

واجبات حجّة التمتّع

 

واجبات حَجّة التمتّع هي واجبات عمرة التمتّع أولا، وواجبات حجّ التمتّع ثانياً.

 


(1) بل لا يجوز له ذلك إلّا بعنوان الرجاء، والأحوط عدم الإتيان بالعمرة في أيّام التشريق من ذي الحجّة.
758

واجبات عمرة التمتّع:

(6) وواجبات عمرة التمتّع خمسة، وهي: الإحرام، ثمّ الطواف، فصلاة الطواف، ثمّ السعي بين الصفا والمروة، ثمّ التقصير، وهو أخذ شيء من الشعر أو الأظفار.

فأوّل ما يبدأ القاصد لحجّة التمتّع بالإحرام، ويجب أن يكون الإحرام لذلك من أحد المواقيت الخمسة، أو من نقطة محاذية لها، أو من نقطة أبعد عن مكّة بما يتيسّر له من تلك المواقيت إذا نذر ذلك، أي: أن تكون المسافة بين تلك النقطة التي ينذر الإحرام منها ومكّة أطول من المسافة بين الميقات ومكّة. والمواقيت الخمسة هي:

1 ـ مسجد الشجرة (1)، على مقربة من المدينة المنوّرة.

2 ـ قرن المنازل، ويمرّ به من الطائف إلى مكّة.

3 ـ الجحفة، وهي قرية كانت معمورةً قديماً وخربت، وتبعد عن مكّة المكرّمة بحوالي مائتين وعشرين كيلومتراً على ما يقال، ولا تقع على الطريق الاعتياديّ بين جدّة ومكّة أو بين المدينة ومكّة، بل لابدّ مِن قصدِها لمن أرادها.

4 ـ وادي العقيق.

5 ـ يَلَمْلَم.

(7) وصورة الإحرام وواجباته: أن يلبس المحرِم ثوبَي الإحرام: الإزار والرداء، وينوي الإحرام لعمرة التمتّع من حَجّة الإسلام، ويلبّي قائلا: « لَبّيْكَ اللهُمّ لَبّيْك، لَبّيْكَ لا شريكَ لَكَ لَبّيْك » فإذا لبّى كذلك أصبح محرِماً، وحرمت عليه أشياء معيّنة ـ يأتي بيانها في المحرّمات على المحرِم ـ كالمقاربة الجنسيّة للنساء،


(1) بل منطقة ذي الحليفة.
759

والطيب، ولبس الثياب المخِيطة، والتدهين، والصيد، وغير ذلك.

ويستحبّ له أن يغتسل قبيل الإحرام، ولا يعتبر في صحة الإحرام ذلك، بل يصحّ الإحرام حتّى من الجنب والحائض.

ولبس ثوبَي الإحرام واجب على الرجال، ولا يجب على النساء، بل يمكن للمرأة أن تُحرِم في ثيابها الاعتيادية.

فإذا أحرم الحاجّ اتّجه نحو مكّة، فأدّى الواجب الثاني ـ وهو الطواف ـ حول الكعبة الشريفة سبع مرّات، وتسمّى كلّ مرّة شوطاً.

(8) وصورة الطواف: أن يقف إلى جانب الحجر الأسود قريباً منه، أو بعيداً عنه مراعياً أن تكون الكعبة الشريفة إلى جانبه الأيسر، ثمّ ينوي طواف عمرة التمتّع، فيطوف حول الكعبة سبع مرّات، مبتدئاً في كلّ مرّة بالحجر ومنتهياً في كلّ مرّة إليه.

ويجب أن يتوفّر في حالة الطواف اُمور:

منها: الطهارة من الحدث.

ومنها: الطهارة من النجاسة.

ومنها: ستر العورة، وهي ما يجب عليه ستره في الصلاة. وقد تقدم تحديد ذلك في الفقرة (9) من فصل الشروط والأجزاء العامّة من فصول الصلاة.

ومنها: أن يكون الطائِف مختوناً إذا كان رجلا أو صبيّاً.

وإذا شكّ في عدد أشواط طوافه وهو يطوف بطل طوافه.

وإذا طاف شوطاً ثامناً قاصداً بذلك أن يكون هذا الشوط جزءً من طوافه بطل طوافه أيضاً.

(9) فإذا فرغ الطائف من طوافه وجبت عليه صلاة الطواف، وهي الواجب الثالث في عمرة التمتّع.

760

وصورتها: ركعتان كصلاة الصبح، وله أن يقرأ فيها جهراً أو إخفاتاً. ويتوخّى الطائف وجوباً أن تكون صلاته خلف مقام إبراهيم وعلى مقربة منه (1)، وإذا تعذّر عليه أن يصلي خلفه صلّى على مقربة منه من أيّ جانب تيسّر، فإن لم يتيسّر ذلك صلّى في المسجد أينما شاء.

(10) وبعد الانتهاء من ركعتي الطواف يجب على الحاجّ الاتّجاه إلى الصفا والمروة، وهما على مقربة من المسجد الحرام للسعي بينهما، وهو الواجب الرابع في عمرة التمتّع.

وصورته: أن ينوي السعي بين الصفا والمروة لعمرة التمتّع من حَجّة الإسلام قربةً إلى الله تعالى، ويسير بادئاً بالصفا منتهياً إلى المروة، ويعود من المروة إلى الصفا، وهكذا حتى يقطع المسافة بينهما سبع مرّات، ويسمّى كلّ واحد منها شوطاً (أربع مرّات ذاهباً من الصفا إلى المروة، وثلاث مرّات راجعاً من المروة إلى الصفا)، وبهذا يكون ختام السعي عند المروة.

ولا يجب في السعي أن يكون الساعِي طاهراً من الحدث والخبث، ولا أن يمشي على قدميه، بل يكفيه الركوب حتّى ولو كان متمكّناً من المشي. وإذا شكّ في عدد الأشواط وهو يسعى بطل سعيه.

وإذا سعى شوطاً ثامناً بقصد أن يجعله جزءً من سعيه بطل سعيه أيضاً.

(11) وبعد ذلك يجب على الحاجّ التقصير، وهو الواجب الخامس والأخير من واجبات عمرة التمتّع، وذلك بأن يأخذ شيئاً من شعره أو أظفاره، ولا يلزم أن يكون ذلك في مكان مخصوص.

(12) وبالتقصير يخرج المحرِم من إحرام العمرة، ويحلّ له كل ما كان قد



(1) لا يخفى أنّ عنواني القرب والخلف يتأثّران عرفاً سعةً وضيقاً بمدى كثرة الزحام وقلّته.

761

حرم عليه بسبب إحرامه، عدا الحلق فلا يحلق رأسه، وله أن يمارس غير ذلك من الاُمور التي منعه منها إحرامه.

(13) وله أيضاً أن يخرج من مكّة إذا أحبّ إلى المناطق القريبة (1)، من قبيل عرفات أو جدّة أو الطائف إذا كان واثقاً من تمكّنه من الرجوع إلى مكّة للإحرام للحجّ.

واجبات حجّ التمتّع:

وتتلخّص واجبات حجّ التمتّع في ثلاثة عشر أمراً، وهي: الإحرام، الوقوف في عرفات، الوقوف في المزدلفة، رمي جمرة العقبة، النحر أو الذبح، الحلق أو التقصير، الطواف، صلاة الطواف، السعي، طواف النساء، صلاة طواف النساء، المبيت في مِنى، رمي الجمار الثلاث في اليومين الحادي عشر والثاني عشر.

(14) فأوّل واجبات حجّ التمتّع الإحرام، وصورته نفس صورة الإحرام لعمرة التمتّع، غير أنّه ينوي هنا الإحرام لحجّ التمتّع قربةً إلى الله تعالى. ومكانه مكّة، وزمانه يجب أن يكون قبل ظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة، على نحو يتمكّن من إدراك الوقوف الواجب بعرفات.

(15) وبعد أن يحرم الحاجّ عليه أن يتواجد في عرفات من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة إلى الغروب، وله أن يتأخّر عن أوّل الظهر بحوالي ساعة أيضاً، ولكن لا يجوز له أن يغادر عرفات قبل الغروب.

 


(1) المقياس هو الوثوق بالرجوع، أمّا قرب المكان فقد يكون مؤثّراً في حصول هذا الوثوق، والأحوط وجوباً ترك الخروج إلّا لحاجة مهمّة.
762

(16) فإذا حلّ الغروب كان له أن يغادرها، وكان عليه أن يتجّه نحو المزدلفة (المشعر). والمطلوب منه هناك أمران:

أحدهما: المبيت في المشعر، أي قضاء بقية الليل فيه، سواء نام أو لم ينم.

والآخر: التواجد من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (1)، وهذا من أهمّ واجبات الحجّ.

(17) فإذا طلعت عليه شمس اليوم العاشر وهو في المشعر خرج منه متّجها نحو مِنى وعليه أن يُنْجِزَ في ذلك اليوم في مِنى ثلاثة اُمور على التوالي، وهي: رمي جمرة العقبة، ثمّ ذبح الهدي أو نحره، ثمّ الحلق أو التقصير.

(18) ورمي جمرة العقبة وقته بين طلوع الشمس وغروبها، ويجب أن يكون بسبع حُصَيات على سبيل التتابع، لا دفعةً واحد.

(19) والهَدي عبارة عن الذبيحة التي يجب على الحاجّ بحجّ التمتّع أن يذبحها أو ينحرها بعد الفراغ من رمي جمرة العقبة.

(20) وعلى الحاجّ الرجل بعد ذلك أن يحلق رأسه إذا كان يحجّ لأول مرّة، وأمّا إذا كان يحجّ للمرة الثانية فهو مخيّر بين الحلق والتقصير. والمرأة عليها التقصير دائماً.

ونريد بالحلق: حلق شعر الرأس بتمامه، ونريد بالتقصير: أخذ شيء من الشعر أو الأظافر.

(21) فإذا أنجز الحاجّ ذلك حلّ له كلّ ما كان قد حرم عليه بسبب إحرامه، سوى الطيب والنساء والصيد، وكان عليه بعد ذلك أن يذهب إلى مكّة ليأتي



(1) الظاهر جواز الإفاضة من المشعر قبيل طلوع الشمس، ولكن لا يتجاوز على الأحوط وادي محسّر حتّى تطلع الشمس.

763

بما يلي:

(22) أولا: طواف الحجّ، وهو كطواف عمرة التمتّع، إلّا أنّه ينوي به طواف الحجّ.

(23) ثانياً: صلاة الطواف، وهي أيضاً كصلاة طواف العمرة.

(24) ثالثاً: السعي بين الصفا والمروة، نظير ما تقدم في العمرة على أن ينوي به سعي الحجّ.

(25) رابعاً: طواف النساء وصلاته، وهو كطواف العمرة والحجّ وصلاتهما تماماً، غير أنّ الحاجّ ـ رجلا كان أو امرأةً ـ ينوي به طواف النساء.

(26) وبطواف الحجّ وصلاته والسعي يحلّ الطيب للحاجّ، وبطواف النساء بعد ذلك تحلّ النساء لأزواجهنّ والرجال لزوجاتهم، ومن أجل ذلك سُمّي بطواف النساء.

(27) وهذه الواجبات إبتداءً من طواف الحجّ وانتهاءً بطواف النساء وركعتيه يرجّح للحاجّ استحباباً أن يؤدّيها في اليوم العاشر أو الحادي عشرة، وله أن يؤخّرها عن هذا الموعد على أن يؤدّيها خلال شهر ذي الحجّة.

(28) وعلى الحاجّ أن يبيت في مِنى في ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر، والمبيت يعني التواجد في مِنى إمّا من أول الليل إلى نصفه، أو من منتصفه إلى طلوع الفجر.

ويجب في نهار اليوم الحادي عشر رمي ثلاث جمرات تباعاً، وهي: الاُولى، والوسطى، وجمرة العقبة التي رماها في يوم العيد. وكيفية الرمي كما تقدم في رمي يوم العيد. ونفس الشيء يكرّره في اليوم الثاني عشر.

ويسمح له بالخروج والانصراف بعد حلول ظهر اليوم الثاني عشر، وبذلك يفرغ الحاجّ من كلّ ما عليه من واجبات.

764

هذه صورة موجزة عن حجّ التمتّع ركّزنا فيها على النقاط الأساسية، تاركين التفاصيل وكثيراً من الأحكام اعتماداً على مناسكنا الخاصّة (موجز أحكام الحجّ).

 

[ العمرة والحجّ المفردان ]

 

وما دمنا قد استعرضنا الصورة الموجزة لحجّة التمتّع بعمرتها فينبغي أن نشير أوّلا إلى الفوارق بين عمرة التمتّع والعمرة المفردة؛ لتتّضح صورة العمرة المفردة أيضاً. وثانياً إلى الفوارق بين حجّ التمتّع وحجّ الإفراد؛ لتتّضح صورة حجّة الإفراد.

الفوارق بين العُمرتين:

أمّا الفوارق بين عمرة التمتّع والعمرة المفردة فيمكن تلخيصها في ما يلي:

(29) أولا: أنّ العمرة المفردة تشتمل على طواف آخر حول البيت يسمّى بطواف النساء، ويعتبر آخر أعمال العمرة المفردة، بينما لا يجب في عمرة التمتّع إلّا طواف واحد.

(30) ثانياً: أنّ عمرة التمتّع لا يخرج الإنسان عن الإحرام منها وقيوده الشرعية إلّا بالتقصير، بينما يخرج في العمرة المفردة عن إحرامها بالتقصير أو الحلق.

(31) ثالثاً: أنّ الإحرام لعمرة التمتّع لا يجوز إلّا من أماكن معينة تسمّى المواقيت، كما تقدم، وأمّا العمرة المفردة فيجوز الإحرام لها من أدنى الحِلّ في